[ ص: 376 ] 913 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال : أن معه جبال خبز
حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان سعيد بن سفيان الجحدري ، حدثنا ، عن ابن عون ، قال : مجاهد ، فخطبنا ذات يوم ، فقال : أتينا جنادة بن أبي أمية رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : أنذرتكم المسيح ، أنذرتكم المسيح ، إنه رجل ممسوح - قال : أظنه أنه قال : - اليسرى ، يمكث في الأرض أربعين صباحا ، معه جبال خبز ، وأنهار ماء ، يبلغ سلطانه كل منهل ، لا يأتي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجد الطور ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، غير أن ما كان من ذلك ، فاعلموا أن الله ليس بأعور ، قالها ثلاثا كنا في البحر سنة ستين ، علينا [ ص: 377 ] .
5690 - وحدثنا ، حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا خلف بن هشام البزار ، عن أبو عوانة ، عن قتادة نصر بن عاصم ، عن سبيع بن خالد ، قال : سمعت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حذيفة الدجال معه نهر ماء بارد ، فمن وقع في نهره وجب وزره ، وحط أجره ، ومن وقع في ناره وجب أجره ، وحط وزره ثم يخرج .
5691 - وحدثنا فهد ، حدثنا ، أخبرنا عبد الله بن رجاء ، عن شيبان ، عن منصور ، عن ربعي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حذيفة الدجال منه ، معه نار تحرق ، ونهر ماء بارد ، فمن أدركه منكم ، فلا يهلكن ليغمض عينيه ، وليقع في التي يراها نارا ، فإنها ماء بارد لأنا أعلم بما مع [ ص: 378 ] [ ص: 379 ] .
5692 - وحدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، أخبرنا وهب بن جرير ، قال : سمعت أبي قيسا يحدث عن ، عن مجاهد ، عن جنادة بن أبي أمية رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الدجال حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه قد اختلف علينا فيه ، قال : لا أحدثكم إلا ما سمعته أذناي ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنذرتكم المسيح ، قالها ثلاثا ، ألا إنه لم يكن قبلي نبي إلا أنذر أمته وخافه عليها ، ألا وإنه فيكم أيتها الأمة ، ألا وإنه آدم جعد ممسوح عينه اليسرى ، ألا إن معه جنة ونارا ، ألا وإن جنته نار ، وناره جنة ، وإن معه جبلا من خبز ، ونهرا من ماء ، ألا وإنه يمطر ولا ينبت الأرض ، ألا وإنه يسلط على نفس فيقتلها ، ثم يحييها ثم لا يسلط على غيرها ، ألا وإنه يمكث فيكم أربعين صباحا قلنا له : حدثنا في ، ثم ذكر بقية حديث يزيد ، عن سعيد بن سفيان الجحدري .
قال : فتأملنا هذه الآثار فيما ذكر فيها أنه مع أبو جعفر الدجال من الخبز والماء ، هل ذلك على الحقائق أو على ما سواها . ؟
5693 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد يعقوب بن [ ص: 380 ] إسحاق بن أبي عباد ، ووجدنا القاسم بن عبد الله بن مهدي ، قد حدثنا قال : حدثنا ، قالا : حدثنا أبو مصعب ، عن عيسى بن يونس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال قيس بن أبي حازم يوسف في حديثه : إنه سمع ، وقال المغيرة بن شعبة القاسم في حديثه ، عن ، قال : المغيرة بن شعبة ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته فقال : ما يصيبك إنه لا يضرك ، قلت : إنهم يزعمون أن معه الطعام والأنهار ، قال : هو أهون على الله من ذلك .
فكان تصحيح حديث المغيرة هذا وما رويناه قبله على أن ما رويناه قبله هو ما يوهمه الدجال الناس بسحره أنه ماء وخبز ، فيرونه كذلك بسحره الذي يكون معه ، مما يقدر به عليهم حتى يرون أن ذلك في [ ص: 381 ] الحقيقة كما يرونه بأعينهم في ظنونهم ، وليس كذلك وإنما هو كمثل ما أخبر الله عما كانت سحرة فرعون فعلته بقوله تعالى : يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " .
فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ما يخالف ما ذكرتم ، وذكر .
5694 - ما قد حدثنا ، حدثنا أبو أمية محمد بن سابق ، حدثنا ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جابر الدجال في خفقة من الدين ، وإدبار من العلم ، فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض ، اليوم منها كالسنة ، واليوم منها كالشهر ، واليوم منها كالجمعة ، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه ، وله حمار يركبه ، عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا فيقول للناس : أنا ربكم ، وهو أعور ، وربكم ليس بأعور ، مكتوب بين [ ص: 382 ] عينيه : كافر ، يقرؤه كل مؤمن من كاتب وغير كاتب ، يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله تعالى عليه ، وقامت الملائكة بأبوابها ، ومعه جبال من خبز وخضرة يسير بها في الناس ، والناس في جهد إلا من اتبعه ، ومعه نهران أنا أعلم بهما منه : نهر يقول : الجنة ، ونهر يقول : النار ، من أدخل الذي يسميه الجنة ، فهو النار ، ومن أدخل الذي يسميه النار ، فهو الجنة ، ويبعث معه شياطين تكلم الناس ، ومعه فتنة عظيمة ، يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ، ويقتل نفسا فيحييها فيما يرى الناس ، فيقول للناس : هل يفعل هذا إلا الرب ؟ فيفر المسلمون إلى جبل النار بالشام ، فيأتيهم فيحاصرهم ، فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ، ثم ينزل عيسى فينادي من السحر ، فيقول : يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث ؟ فيقولون : هذا رجل جني ، فيطلعون فإذا هم بعيسى ابن مريم صلوات الله عليه ، فتقام الصلاة ، فيقال : تقدم يا روح الله ، فيقول : ليتقدم إمامكم فيصلي بكم ، فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه ، فحين رآه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء ، فيمشي إليه فيقتله ، ومن كان معه على اليهودية ، حتى إن الشجر والحجر ينادي ، ثم قطع الحديث يخرج .
[ ص: 383 ] قال هذا القائل : ففي هذا الحديث تحقيق هذه الأشياء أنها تكون من الدجال .
فكان جوابنا له في ذلك : أن في هذا الحديث ما يدل على غير ما ظن ، وذلك أن فيه : ثم يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ، ويقتل نفسا ثم يحييها فيما يرى الناس ، وفي ذلك تحقيق ما قلنا : إن هذه الأشياء إنما تكون منه على جهة السحر الذي يخيل إلى من لحقه ذلك السحر أنها حقائق وليست بحقائق .
وفي هذا الباب أيضا آثار كثيرة من هذا الجنس تركنا شيئا منها خوف طول الكتاب بها ترجع معانيها التي فيها إلى معاني ما ذكرناه ، وأن ذلك كله على السحر لا على الحقيقة ، ونعوذ بالله من ذلك .