[ ص: 102 ] 875 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله للذي قال له عندي دينار : أنفقه على نفسك ، وفي قوله له لما قال له عندي آخر : أنفقه على ولدك ، وفي قوله لما قال له عندي آخر قال : أنفقه على خادمك ، وفي قوله لما قال له عندي آخر قال : أنت أبصر أو أنت أعلم .
5483 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، عن المقبري أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالصدقة ، فقال رجل : يا رسول الله عندي دينار ، فقال : أنفقه على نفسك ، فقال : عندي آخر ، فقال : أنفقه على زوجتك ، فقال : عندي آخر ، قال : أنفقه على ولدك ، فقال : عندي آخر ، قال : أنفقه على خادمك ، قال : عندي آخر ، قال : أنت أبصر [ ص: 103 ] .
5484 - وحدثنا ، حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا محمد بن المنهال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن روح بن القاسم ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث ذات يوم على الصدقة فقال رجل : عندي دينار ، قال : تصدق به على نفسك ، قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على ولدك ، قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على زوجتك ، قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على خادمك ، قال : عندي آخر ، قال : أنت أبصر .
5485 - وحدثنا ، حدثنا المزني ، عن الشافعي ، حدثنا سفيان ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : أبي هريرة جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ثم ذكر مثله ، غير أنه قال : مكان " أنت أبصر " ، " أنت أعلم " .
[ ص: 104 ] فقال قائلون منهم : في هذا ما قد دل على أن من ملك أربعة دنانير غني ، وأن الصدقة عليه حرام ، كما يقول أبو عبيد القاسم بن سلام أهل المدينة : إن من ملك أربعين درهما فالصدقة عليه حرام ، وقالوا : ألا ترى أنه قد أمره في الأربعة بما أمره به فيها ، ولم يأمره فيما جاوزها بشيء ورد أمرها إليه بما يراه فيها ، وقد كنا ذكرنا هذا الباب وما قد روي فيه فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، وبينا فيه أن الأولى بتصحيح الآثار المروية فيه حديث ، عن أبيه ، عن رجل من عبد الحميد بن جعفر مزينة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فوجده يخطب وهو يقول : من استغنى أغناه الله ، ومن استعف أعفه الله ، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق سأل إلحافا . واستدللنا على صحته بما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لما بعثه إلى معاذ بن جبل اليمن على الصدقة أن يأخذها من أغنيائهم ، ويضعها في فقرائهم فكان الأغنياء منهم هم المأخوذة منهم ، وكان من سواهم [ ص: 105 ] ممن لا تؤخذ منهم غير غني إذ كان يوضع فيه ، وكان حديث الذي ذكرناه في هذا الباب : حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة من حضه عليها ، وقد يحض على الصدقة الأغنياء الذين تجب عليهم الزكوات ، ومن سواهم من ذوي الفضول عن أقواتهم وإن لم يكونوا أغنياء . أبي هريرة
ومن ذلك ما قد رواه أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
5486 - كما حدثنا ، أخبرنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا الحسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى ، عن الحسين - وهو ابن واقد - ، عن منصور ، عن شقيق قال : أبي مسعود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالصدقة فما يجد أحدنا شيئا يتصدق به حتى ينطلق إلى السوق ، فيحمل على ظهره فيجيء بالمد فيعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإني لأعرف اليوم رجلا له مائة ألف ما كان له يومئذ درهم [ ص: 106 ] .
5487 - وكما حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا يحيى بن معين ، عن غندر ، عن شعبة ، عن سليمان - يعني الأعمش - ، عن أبي وائل ، قال : أبي مسعود أبو عقيل بصاع ، وجاء إنسان بشيء أكثر منه ، فقال المنافقون : إن الله لغني عن صدقة هذا وما فعل هذا الآخر إلا رياء ، فنزلت : الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم لما أمرنا بالصدقة كنا نحامل فنتصدق فتصدق " .
5488 - وكما حدثنا قال : أخبرنا أحمد بن شعيب بشر بن خالد ، أخبرنا ، ثم ذكر بإسناده مثله . فدل ذلك أنه قد كان يحض على الصدقة من ليس من أهل الزكاة ومن ليس من أهل الغنى ، وكان أمره في حديث غندر الرجل الذي أمره في كل دينار من دنانيره الأربعة بما هو أولى به فيه ، [ ص: 107 ] ورده إياه في ديناره الخامس إلى ما رده إليه فيه يحتمل أن يكون ذلك لأنه لم يعلم له شيئا يأمره بصرفه فيه ، فرده في ذلك إلى نفسه لأنه يعلم من أمر نفسه ومما يلزمها ما لا يعلمه غيره ، وليس في ذلك إثبات غنى له بملكه الأربعة ، لم يكن من أهله قبل علمه أنه لا يملكها ، ولو كان الذي قطعه عن ذلك غناه لكان قد قطعه إعلامه إياه بملكه الأربعة قبل أن يعلمه أن عنده خامسا عن أمره إياه في الرابع منها بشيء ، وإذا انتفى بذلك ما قد توهمه من توهم ما قد ذكرناه عنه في حديث أبي هريرة ، ثبت بذلك ما صححنا عليه ما روي في هذا الباب فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، وهو حديث أبي هريرة ، عن أبيه ، عن عبد الحميد بن جعفر المزني ، الذي ذكره عنه ، وبالله التوفيق .