3537 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن أبي قلابة أبي المهلب ، عن قال : عمران بن حصين عمران : فكأني أنظر إليها ناقة ورقاء كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلعنت امرأة ناقتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا متاعكم عنها ; فإنها ملعونة . قال .
[ ص: 167 ] فسأل سائل عن المعنى الذي أمرت به مالكة هذه الناقة بتخليتها للعنها إياها .
3538 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي : أبي برزة أن جارية بينا هي على بعير أو راحلة عليه بعض متاع القوم ، فأتت على جبل فتضايق بها الجبل ، فأتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبصرته ، فجعلت تقول : حل ، اللهم العنه ، حل ، اللهم العنه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صاحب الجارية ؟ لا يصحبنا بعير أو راحلة عليها لعنة من الله ، أو كما قال .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن اللعن في [ ص: 168 ] كلام العرب هو الطرد والإبعاد ، ومنه قول الله عز وجل : أولئك الذين يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون . فكان لعنة الله عز وجل إياهم طردهم عنه وإبعادهم منه .
كما حدثنا ولاد النحوي ، قال : حدثنا المصادري ، عن : أبي عبيدة معمر بن المثنى . قال لعنهم الله . أي : أطردهم الله وأبعدهم ، يقال : ذئب لعين ; أي : مطرود شماخ بن ضرار :
ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين
فكان قولها ذلك - أعني لعنها الله - لناقتها ; أي : أطردها الله وأبعدها على وجه الدعاء منها عليها بذلك ، فيحتمل أن يكون ذلك وافق منها وقتا ينيل الله عز وجل فيه عطاءه ، فلما سألته تلك المرأة ذلك في ناقتها ، أجابها فيها ، فصارت به ملعونة ; أي : مطرودة مباعدة ، لا لمعنى من المعاني حل بالناقة من عقوبة لها ; إذ كانت لا ذنب لها [ ص: 169 ] فيما كان من مالكتها فيها ، وعادت العقوبة في ذلك والذم عليه على المرأة التي كانت منها اللعنة ، فمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصحبه ناقة قد جعلها الله عز وجل مطرودة ، وكان في ذلك منع صاحبتها من الانتفاع بها في المستأنف لإجابة الله عز وجل إياها فيها بما دعته عليها ، ولما عادت مطرودة من الله عز وجل منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحبتها إياه ; لأن صحبتها إياه ضد للطرد الذي أحلها الله عز وجل به ، وأصارها إليه ، وقد دل على ما ذكرنا من اللعن أنه الدعاء .3539 - ما قد حدثنا ، الحسين بن نصر البغدادي وسعيد بن مروان الأزدي أبو عثمان ، قالا : حدثنا مهدي بن جعفر ، قال : حدثنا ، عن حاتم بن إسماعيل أبي حزرة المدني يعقوب بن مجاهد ، عن ، قال : أتينا عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، فحدثنا قال : جابر بن عبد الله المجدي بن عمرو الجهني ، فكان الناضح يعتقبه منا الخمسة والستة والسبعة ، فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناضح له ، فركبه ، ثم بعثه ، فتلدن عليه بعض التلدن ، فقال : شأ ! لعنك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا اللاعن بعيره ؟ قال : أنا يا رسول الله . قال : انزل عنه ، لا يصحبنا ملعون ، لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ; فيوافق من الله عز وجل ساعة نيل ، فيها عطاء ، فيستجيب لكم سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بواط ، وهو يطلب .
[ ص: 170 ] [ ص: 171 ] قال : فرد ما في هذا الحديث إلى الدعاء ، فدل ذلك أن اللعن الذي كان من المرأة لناقتها في حديث أبو جعفر عمران كان دعاء منها عليها وافقت فيه ساعة ينال من الله عز وجل عطاءه لمن سأله فيها ، فأجابها في دعائها على ناقتها فيما دعت به عليها .
وفي حديث جابر مثل ذلك في الرجل اللاعن بعيره ، وكانت الناقة في حديث عمران ، والناضح في حديث جابر ، بحالهما الذي كانا عليه قبل أن يكون من مالكيهما فيهما ما كان ; إذ لا ذنب لهما كان في ذلك ، وعادت العقوبة بما كان من مالكيهما على مالكيهما ، فحرما بذلك المنافع التي كانا يصلان إليها من الناقة ومن الناضح اللذين كانا لهما ، وعاد ذلك تخفيفا عن الناقة والناضح من الحمولة عليهما ، والركوب من مالكيهما إياهما ، والله نسأله التوفيق .
وقد روي عن في هذا الباب مثل الذي رواه أبي هريرة فيه . عمران بن حصين
3540 - كما قد حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن الليث بن سعد ، عن ابن عجلان أبيه ، عن : أبي هريرة بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه ; إذ لعن رجل منهم بعيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اللاعن بعيره ؟ فقال رجل : أنا يا رسول الله . قال : فأخره عنا ، فقد أوجبت .
[ ص: 172 ] فكان في هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بعيره المذكور فيه أنه قد أوجب ، فكان ذلك بمعنى أنه كان منه الدعاء الذي أجيب فيه ، فوجبت به اللعنة وهي الطرد في البعير الذي لعنه ، فعاد معنى هذا الحديث إلى معنى حديث عمران ، وزاد عليه الإيجاب الذي دل عليه حديث جابر الذي ذكرنا ، والله نسأله التوفيق .