[ ص: 396 ] 463 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكذابين الثلاثين الذين يخرجون بعده ، هل هم دجالون أم لا ؟
2952 - حدثنا ، قال : حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : أخبرني عمي عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد قال : حدثني ابن شهاب ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف عياض بن مسافع ، عن قال : قال أبي بكرة أخي زياد لأمه : أبو بكرة مسيلمة الكذاب قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ثانيا على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإن شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم في شأنه ، فإنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال ، وإنه ليس بلد إلا يدخله رعب المسيح الدجال إلا المدينة ، على كل نقب من أنقابها يومئذ ملكان يذبان عنها رعب المسيح أكثر الناس في شأن .
[ ص: 397 ] قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في أبو جعفر مسيلمة : إنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال ، فاحتمل أن يكون هؤلاء الثلاثون الكذابون الذين منهم مسيلمة دجالين ، واحتمل أن يكونوا كذابين ، وليسوا دجالين ، فنظرنا في ذلك .
2953 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن عرعرة ، قال : قرأت في كتاب معاذ بن هشام بخط يده ، ولم أسمعه منه ، عن أبي ، عن قتادة أبي معشر ، عن ، عن إبراهيم النخعي ، عن همام أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : حذيفة في أمتي كذابون دجالون سبعة وعشرون فيهم أربع نسوة ، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي .
2954 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عمي ، قال : سمعت عبد الرحمن بن شريح المعافري شراحيل بن يزيد المعافري ، يقول : حدثني ، قال : سمعت مسلم بن يسار يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هريرة يكون في آخر الزمان [ ص: 398 ] دجالون كذابون يأتون من الأحاديث بما لم تسمعوا به أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم ، لا يفتنونكم ولا يضلونكم .
2955 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، عن أبو عوانة الأسود بن قيس ، عن ثعلبة بن عباد العبدي قال : خطبنا ، فحدثنا في خطبته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : سمرة بن جندب الأعور الدجال ممسوح العين اليمنى ، كأنها عين أبي تحيى لن تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كذابا ، كلهم يكذب على الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، آخرهم .
[ ص: 399 ]
2956 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن زهير بن معاوية الأسود بن قيس ، ثم ذكر بإسناده مثله .
فكان في هذه الأحاديث ما فيها مما ذكرناه ، فاحتمل أن يكون هؤلاء الثلاثون المذكورون فيها هم الثلاثون المذكورون في حديث أبي بكرة ، فيكون قد اجتمع فيهم الأمران جميعا ، واحتمل أن يكون الذين في هذا الحديث على دجالين كذابين ، والذين في حديث أبي بكرة على كذابين ليسوا دجالين ، والله أعلم بحقيقة الأمر في ذلك .
فقال قائل : هم صنف واحد ، وسمي الكذابون دجالين ؛ لأنهم في كذبهم الذي يعرفون به كالدجال في كذبه الذي يعرف به .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الذي قاله من ذلك مستحيل عندنا - والله أعلم - ؛ لأن الكذابين المذكورين في الحديث الذي ذكروا فيه لو كانوا كما ذكر ، لما ذكر لهم عدد يحصرهم ؛ لأن من يكون من الكذابين في الناس في المستأنف ، ومن [ ص: 400 ] كان منهم قبلهم بعد أن قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول أكثر عددا من ثلاثين ، وإذا انتفى ذلك كان في الحقيقة خلاف الدجال الأعور ، وكان هذا الاسم - أعني الدجال - غير مشتق من شيء ؛ لأنه لو كان مشتقا مما قد ذكر بعض الناس أنه اشتق من الدجل ، وهو السرعة في السير ، لوجب أن يكون كل مسرع في سيره دجالا ، ولما بطل أن يكون ذلك كذلك ، وكان من غير الأسماء المشتقة من شيء كان صنفا له العدد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان محتملا ما قد ذكرنا احتماله إياه فيما تقدم منا في هذا الكتاب ، والله نسأله التوفيق .