[ ص: 353 ] 908 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : العجوة من الجنة .
5673 - حدثنا الحسن بن غليب ، حدثنا مهدي بن جعفر ، حدثنا ، عن عبد المجيد بن عبد العزيز - يعني ابن أبي رواد - ، عن ابن جريج عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ابن عباس العجوة من الجنة ، وفيها شفاء من السم ، والكمأة من المن وفيها - أو ماؤها - شفاء للعين ، وفي الكبش العربي شفاء من عرق النساء ، يؤكل من لحمه ، ويحسى من مرقه .
[ ص: 354 ]
5674 - وحدثنا ، حدثنا إبراهيم بن أبي داود علي بن يحيى ، حدثنا ، حدثنا جرير - وهو ابن عبد الحميد - ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، قال شهر بن حوشب جعفر : وحدثني ، عن أبو نضرة ، أبي سعيد الخدري ، قالا : وجابر بن عبد الله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كمأة ، فقال : هذه من المن ، وماؤها شفاء للعين ، والعجوة : وهي شفاء من السم .
[ ص: 355 ]
5675 - وحدثنا ، إبراهيم بن مرزوق جميعا ، قالا : حدثنا وأبو أمية ، عن سعيد بن عامر الضبعي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة العجوة من الجنة ، وفيها شفاء من السم ، والكمأة من المن ، وماؤها شفاء للعين .
[ ص: 356 ]
5676 - وحدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا أسود بن عامر ، عن زهير بن معاوية واصل بن حيان ، عن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أبيه الكمأة شفاء للعين ، والعجوة من فاكهة الجنة .
فقال قائل : كيف تقبلون مثل هذا ، وأنتم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على خلافه ؟ وذكر .
5677 - ما قد حدثنا ، محمد بن علي بن داود وفهد بن سليمان [ ص: 357 ] قالا : حدثنا ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، حدثنا زهير بن معاوية واصل بن حيان ، حدثني ، عن عبد الله بن بريدة : أبيه المقام ، فلما فرغ من صلاته أهوى بيديه بينه وبين الكعبة كأنه يريد أن يأخذ شيئا بيده ، ثم انصرف إلينا ، فقال : هل رأيتموني حين قضيت صلاتي أهويت بيدي قبل الكعبة كأني أريد أن آخذ شيئا ؟ قالوا : نعم يا نبي الله ، قال : إن الجنة عرضت علي ، فرأيت فيها الأعاجيب من الحسن والجمال ، فمرت لي خصلة من عنب ، فأعجبتني فأهويت بيدي لآخذها فسبقتني ، ولو أخذتها لغرستها بين أظهركم حتى تأكلوا من فاكهة الجنة أنه كان في الرهط الاثنين والأربعين الذين صلوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند .
[ ص: 358 ] وفي ذلك ما قد دل أنهم لم يأكلوا من فاكهة الجنة ، وكذلك فيما رويتموه قبله في هذا الباب ، وفي هذا تضاد شديد ، لأن في هذا الحديث وفيما رويتموه قبله في هذا الباب : أن العجوة من فاكهة الجنة ، وهم قد كانوا يأكلونها قبل ذلك .
فكان جوابنا له في ذلك : أنه لا تضاد في شيء من ذلك لأنه قد يحتمل أن يكون المراد بأن العجوة من فاكهة الجنة ، أنه قد كان الله جل جلاله اختص بعض أوليائه من أهل الدنيا ، إما من أنبيائه ، وإما من سواهم بأن أتحفه بشيء من عجوة الجنة ، فأكل الذي أتحف به من ذلك ، ثم غرس نواة في الدنيا ، فكان عنه النخل الذي منه العجوة الموجودة اليوم ، وكان ما غرس في الأرض من شيء ينقله إلى ما عليه سائر غروسها من نقصه عما سواه من غروس غيرها ، ومثل هذا موجود في ثمار الدنيا ، لأنا قد نرى النخل يغرس من النواة من التمر الذي يؤتى به من الحجاز ومن الكوفة ومن البصرة في الأرض التي من أراضي سائر نخلها سوى ذلك ، فمثل ذلك العجوة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكرها به في هذه الآثار يحتمل أن تكون كذلك ، وأن يكون التقصير الذي دخلها عن عجوة الجنة لما قلبته الأرض المغروسة فيها إلى سائر ما عليه مما سواها من ثمارها .
[ ص: 359 ] ومما يقوي هذا الاحتمال ما قد ذكرناه في حديث بريدة الذي قد رويناه في هذا عن محمد بن علي وفهد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في العنقود المذكور فيه : لو أخذته لغرسته حتى تأكلوا من ثمار الجنة . والعنقود لا يغرس ، وإنما يغرس عجم حبه ، فيكون منه الشجر الذي يكون عنها الثمر الذي يتحول إلى حكم الأرض التي يغرس فيها ، واحتمل أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : حتى تأكلوا من ثمر الجنة يريد العنب الذي في ذلك العنقود لا ما سواه ، ويعود ما كان من عجم ذلك العنب في ثمره إلى مثل ما عادت إليه العجوة المذكورة فيما روينا فيها في هذا الباب .