[ ص: 486 ] 784 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركه الصلاة على من قتل نفسه .
4960 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد إسحاق بن منصور ، قال : حدثنا إسرائيل وشريك ، عن وزهير ، عن سماك جابر بن سمرة أن رجلا نحر نفسه بمشقص ، فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 487 ]
4961 - وحدثنا إسماعيل بن حمدويه البيكندي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا سماك ، قال : جابر بن سمرة مرض رجل فصيح عليه فجاء جاره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنه قد مات ، قال : وما يدريك ، قال : أنا رأيته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يمت ، فرجع فصيح عليه ، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنه مات ، فقال : إنه لم يمت فرجع الرجل فصيح عليه ، فقالت امرأته : انطلق إلى رسول الله فأخبره ، فقال الرجل : اللهم العنه ، ثم انطلق إلى الرجل فرآه قد نحر نفسه بمشاقص معه ، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قد مات ، قال : وما يدريك ، قال : رأيته نحر نفسه بمشاقصه ، قال : أنت رأيته ؟ قال : نعم ، قال : إذن لا أصلي عليه .
[ ص: 488 ] فكان في هذا الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه الصلاة على ذلك الرجل لقتله نفسه .
وهذه مسألة قد اختلف أهل العلم فيها : فطائفة تذهب إلى أنه يصلى على من هذه سبيله ، منهم : إبراهيم النخعي وأبو حنيفة وأصحابه .
وطائفة تقول : لا يصلى عليه ، وتحتج بهذا الحديث .
فتأملنا هذا الحديث فوجدنا : ترك الصلاة عليه إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من الناس جميعا ، وقد يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه لفعله المذموم الذي كان منه بنفسه ، وكان من شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يصلي على المذمومين من أمته ، وأن يصلي عليهم غيره ، كما قد روي عنه في الذي قتل بخيبر معه من أمره الناس بالصلاة عليه وتركه ذلك ، ومن تغير وجوههم عند ذلك ، ومن قوله لهم : إن صاحبكم غل في سبيل الله ، ففتش متاعه فوجد فيه خرز من خرز يهود لا يساوي درهمين ، وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم منا في كتابنا هذا .
وكما قد روي عنه : أنه كان إذا أتي بالرجل ليصلي عليه ، سأل أعليه دين ؟ فإن قالوا : لا ، صلى عليه ، وإن قالوا : نعم ، قال : هل ترك له وفاء ، فإن قالوا : نعم ، صلى عليه ، وإن قالوا : لا ، قال : [ ص: 489 ] صلوا على صاحبكم .
وكان تركه للصلاة على من ذكر تركه الصلاة عليه فيما ذكرنا ، ليس على منع منه الناس سواه أن يصلوا عليه ، وكان تركه الصلاة عليه ; لأن من سنة الصلاة على الموتى سؤاله الله لهم الجنة ، وكان من كان منه ما كان ممن امتنع من الصلاة عليه يحول بينه وبين الجنة ، إما لذنبه وإما لدينه الذي عليه ، فترك الصلاة عليهم لذلك ; لأن صلاته على من يصلي عليه رحمة ، وصلى عليهم غيره ممن ليست صلاته في هذا المعنى كصلاته صلى الله عليه وسلم فيه .
وكذلك القاتل لنفسه ترك الصلاة عليه لما كان منه مما يمنعه مما سئل للمصلى عليهم ، ولم يمنع من ذلك غيره ممن ليست صلاته عليه ، كصلاته هو صلى الله عليه وسلم ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .