[ ص: 231 ] 633 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله للقرشيين الذين كانوا جاؤوا من مكة فقالوا يا محمد إنه قد لحق بك أبناؤنا وأرقاؤنا فارددهم علينا فقال : يا معشر قريش ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان يضربكم على الدين .
4053 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا ، عن شريك بن عبد الله النخعي ، عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش . رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول علي مكة وأتاه أناس من قريش فقالوا : يا محمد إنا حلفاؤك وقومك وإنه قد لحق بك أبناؤنا وأرقاؤنا وليس بهم رغبة في الإسلام وإنما فروا من العمل فارددهم علينا ، فشاور أبا بكر رضي الله عنه في أمرهم فقال : صدقوا يا رسول الله ، فتغير وجهه فقال : [ ص: 232 ] يا عمر ما ترى فقال مثل قول أبي بكر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر قريش ليبعثن الله عز وجل عليكم رجلا منكم امتحن الله عز وجل قلبه للإيمان يضرب رقابكم على الدين ، فقالأبو بكر : أنا هو يا رسول الله ، قال : لا ، قال عمر : أنا هو يا رسول الله ، قال : لا ، ولكنه خاصف النعل في المسجد قال : وكان قد ألقى إلى علي عليه السلام نعله يخصفها قال : وقال علي : أما إني سمعته يقول : لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار لما افتتح .
4054 - وحدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد الفارسي ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : حدثنا شريك ولو أن غير منصور منصور حدثني ما قبلت منه ولقد سألت منصورا عنه فأبى أن يحدثني به فلما جرت المعرفة بيني وبينه كان هو الذي حدثني به ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا ربعي بن حراش عليه السلام علي بن أبي طالب بالرحبة قال : قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو فقالوا اجتمعت ، ثم ذكر مثل حديث فهد سواء .
[ ص: 233 ] فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه أن القرشيين المذكورين فيه بعد فتح مكة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم القول المذكور عنهم فيه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابا لذلك ما ذكر من جوابه إياهم فيه ، وكان ذلك الفتح هو فتح الحديبية المتقدم لفتح مكة .
كما حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا بشر بن المفضل . داود بن أبي هند
عن " عامر إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، قال فتح الحديبية وفي قوله : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل قال فتح الحديبية ، وقد روي هذا القول أيضا عمن هو فوق من عامر وهو . أنس بن مالك
كما حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا مسدد ، عن يحيى بن سعيد ، عن شعبة . قتادة
عن " أنس بن مالك إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال: الحديبية .
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحقق ذلك .
[ ص: 234 ]
4055 - كما حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد وهو ابن أبي عروبة أنه حدثهم ، قال : حدثنا قتادة أنس بن مالك إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، وأصحابه يخالطون الحزن والكآبة ، قد حيل بينهم وبين نسكهم ونحروا الهدي بالحديبية ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : لقد نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا ، فقرأها نبي الله صلى الله عليه وسلم عليهم ، فقال رجل من القوم : هنيئا مريئا يا رسول الله قد بين الله عز وجل لنا ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله عز وجل ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ، فبين الله عز وجل ما يفعل بنبيه صلى الله عليه وسلم وماذا يفعل بهم أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية يعني .
4056 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، عن همام بن يحيى . قتادة
[ ص: 235 ] عن ، ثم ذكر مثله ، غير أنه لم يذكر مرجعه من أنس الحديبية .
4057 - كما حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا ( ح ) . حجاج بن محمد
وكما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قالا : حدثنا وبشر بن عمر الزهراني ، قال : أخبرنا شعبة بن الحجاج . أبو إياس وهو معاوية بن قرة
قال : سمعت يقول : عبد الله بن المغفل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقة وهو يقرأ سورة الفتح فرجع فيها .
قال وقرأ شعبة : أبو إياس الفتح ، وقال أبو إياس : لولا أن يجتمع الناس لقرأت بهذا اللحن أو قال بذاك اللحن واللفظ ليزيد .
[ ص: 236 ] فدل ما ذكرنا عن أنس أن الفتح المراد في هذه الآية وفي هذه الآثار إنما أريد به فتح الحديبية لا فتح مكة ، وإنما أضيف ذلك الفتح إلى مكة ; لأن الله عز وجل قطع به عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم عن أصحابه رضوان الله عليهم من مشركي أهل مكة ما كانوا لهم عليه وكف بذلك عنهم ، وكان سببا في رفع الحرب بينه وبينهم وقوة أهل الإسلام عليهم وكسر لشوكتهم ، وكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوعيد للذين جاؤوه من قريش من مكة فسألوه ما سألوه في حديث علي المذكور في صدر هذا الباب من الوعيد لهم إن لم ينتهوا ما أوعدهم به ، ولا يكون ذلك إلا وهم على الكفر ولأن مكة دار حرب ، ثم كفاه الله عز وجل ذلك منهم وفتح عليه مكة ودخلوا بذلك في الإسلام على ما دخلوا عليه فيه من طوع أو من كره ، والله نسأله التوفيق .