[ ص: 291 ] 195 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحب الصيام إلى الله عز وجل .
1253 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى جميعا ، قالا : حدثنا وعيسى بن إبراهيم الغافقي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو وهو ابن دينار عمرو بن أوس سمع يقول : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عبد الله بن عمرو داود كان يفطر يوما ويصوم يوما ، وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه أحب الصيام إلى الله جل وعز صيام .
1254 - وحدثنا قال : حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا روح بن عبادة قال : أخبرني ابن جريج أن عمرو بن دينار عمرو بن أوس أخبره عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : عبد الله بن عمرو بن العاص داود كان يصوم نصف الدهر ، وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثلث الليل بعد شطره ثم يرقد آخره أحب [ ص: 292 ] الصيام إلى الله عز وجل صيام .
فقلت لعمرو بن دينار : عمرو بن أوس كان يقول: ثلث الليل بعد شطره ؟ قال : نعم .
فقال قائل : كيف تقبلون هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تروون عنه فذكر .
1255 - ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني ، عن زائدة بن قدامة ، عن عبد الملك بن عمير محمد بن المنتشر ، عن ، عن حميد الحميري قال : أبي هريرة أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أي الصلاة بعد المكتوبة أفضل ؟ فقال : صلاة في جوف الليل . قال : فأي الصيام أفضل ؟ قال : شهر الله الذي تدعونه المحرم .
[ ص: 293 ] قال : ففي هذا الحديث أن أفضل الصيام شهر الله الذي يدعى المحرم ، فكيف يكون صوم يوم وإفطار يوم أحب إلى الله عز وجل من صوم سواه مما هو أفضل الصيام ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن صوم المحرم أفضل الأوقات التي يصام فيها التطوع ، فكان ذلك صوما خاصا في وقت من الدهر خاص ، وكان صوم يوم وإفطار يوم صوما دائما ، وكان أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومها وإن قل . فذكرنا ذلك عنه فيما تقدم منا من كتابنا هذا ، فكان تصحيح هذين الحديثين جميعا على أن مع صوم المحرم فضل الوقت ، وكان مع الصوم الآخر الدوام ، فكان بذلك كل واحد من هذين الحديثين في معنى غير المعنى الذي فيه صاحبه .
وبان بذلك أن أحب الصوم إلى الله عز وجل صوم يوم وإفطار يوم لدوام الذي معه ، وأن أحب الأوقات إلى الله عز وجل الذي يتطوع بالصوم له فيها هو المحرم ، والله نسأله التوفيق .