[ ص: 92 ] 165 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسألته الله عز وجل أن يرد الشمس عليه بعد غيبوبتها ورد الله عز وجل إياها عليه ، وما روي عنه مما يوهم من توهم مضاد ذلك
1067 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، عن الفضيل بن مرزوق إبراهيم بن الحسن ، عن ، عن فاطمة بنت الحسين قالت : أسماء ابنة عميس علي ، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صليت يا علي ؟ قال : لا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم ، إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس . قالت : أسماء فرأيتها غربت ، ثم رأيتها طلعت بعدما غربت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوحى إليه ورأسه في حجر .
[ ص: 93 ] [ ص: 94 ]
1068 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثني ابن أبي فديك ، عن محمد بن موسى عون بن محمد ، عن أمه ، عن أم جعفر أسماء ابنة عميس بالصهباء ، ثم أرسل عليا عليه السلام في حاجة . فرجع ، وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر ، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه في حجر علي فلم يحركه حتى غابت الشمس . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اللهم إن عبدك عليا احتبس بنفسه على نبيك ، فرد عليه شرقها .
قالت أسماء : فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض ، ثم قام علي فتوضأ وصلى العصر ، ثم غابت . وذلك في الصهباء في غزوة خيبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر .
[ ص: 95 ] قال : فاحتجنا أن نعلم من أبو جعفر محمد بن موسى المذكور في إسناد هذا الحديث ، فإذا هو محمد بن موسى المدني المعروف بالفطري ، وهو محمود في روايته . واحتجنا أن نعلم من عون بن محمد المذكور فيه ، فإذا هو عون بن محمد بن علي بن أبي طالب . واحتجنا أن نعلم من أمه التي روى عنها هذا الحديث ، فإذا هي أم جعفر ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب .
فقال قائل : كيف تقبلون هذا وأنتم تروون عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدفعه ، فذكر ما . أبي هريرة
1069 - حدثنا به قال : حدثنا علي بن الحسين أبو عبيد ، قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا شاذان الأسود بن عامر ، عن أبو بكر بن عياش ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة ليوشع لم تحتبس الشمس على أحد إلا .
1070 - وما حدثنا قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن حيويه النيسابوري أبو زكريا ، قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا شاذان الأسود بن [ ص: 96 ] عامر ، عن أبو بكر بن عياش ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة يوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس لم ترد الشمس منذ ردت على .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه أن هذا الحديث قد اختلف علينا راوياه لنا فيه على ما قد ذكرنا عن كل واحد منهما مما قد رواه لنا عليه .
فأما ما رواه لنا عليه علي بن الحسين فهو أن الشمس لم تحتبس على أحد إلا على يوشع ، فإن كان حقيقة الحديث كذلك فليس فيه خلاف لما في الحديثين الأولين ؛ لأن الذي فيه هو حبس الشمس عن الغيبوبة ، والذي في الحديثين الأولين هو ردها بعد الغيبوبة .
وأما ما رواه لنا عنه يحيى بن زكريا فهو على أنها لم ترد منذ ردت على يوشع بن نون إلى الوقت الذي قال لهم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا القول ، فذلك غير دافع أن تكون لم ترد إلى يومئذ ، ثم ردت بعد ذلك ، وهذا فغير مستنكر من أفعال الله عز وجل .
وقد روي في حبسها عن الغروب لمعنى احتاج إليه بعض أنبياء الله عز وجل أن تبقى إليه من أجله .
1071 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ قال : حدثنا [ ص: 97 ] عبيد الله بن عمر بن ميسرة يعني القواريري ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة
قال : فحبسها الله عليه ، ففتح عليه ، فغنموا الغنائم ، فلم تأكلها النار . وكانوا إذا غنموا الغنيمة بعث الله عليها النار فأكلتها . فقال لهم نبيهم : إنكم قد غللتم ؛ فليأت من كل قبيلة رجل فليبايعني . قال : فأتوا ، فبايعوه .
فألزقت يد رجل منهم بيده ، فقال له : إن أصحابك قد غلوا ، فليأتوا فليبايعوني . فأتوه فبايعوه ، فألزقت أيدي رجلين منهم بيده ، فقال لهما : إنكما قد غللتما . قالا : أجل ، غللنا صورة رأس بقرة من ذهب . فأتيا بها فألقياها في الغنائم ، فبعث الله عليها النار ، فأكلتها .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك : إن الله عز وجل أطعمنا الغنائم رحمة رحمنا بها وتخفيفا لما علم من ضعفنا إن نبيا من الأنبياء غزا بأصحابه ، فقال لهم : لا يتبعني رجل بنى دارا لم يسكنها ، أو تزوج امرأة لم يدخل بها ، أو له حاجة في الرجوع . فرأى العدو عند غيبوبة الشمس فقال لهم : إنها مأمورة ، وإني مأمور حتى يقضى بيني وبينهم . .
قال : وكل هذه الأحاديث من علامات النبوة ، وقد حكى لي أبو جعفر علي بن عبد الرحمن بن المغيرة ، عن أحمد بن صالح أنه كان يقول : لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن حفظ [ ص: 98 ] حديث أسماء الذي رواه لنا عنه ؛ لأنه من أجل علامات النبوة .
169 قال : وهو كما قال . وفيه لمن كان دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عز وجل له بما دعا له به حتى يكون ذلك المقدار الجليل والرتبة الرفيعة ؛ لأن ذلك كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي صلاته تلك التي احتبس نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى غربت الشمس في وقتها على غير فوت منها إياه . وفي ذلك ما قد دل على التغليظ في فوت العصر . أبو جعفر
ومن ذلك ما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
1072 - كما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل قال : حدثنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبيه من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله 170 .
[ ص: 99 ] قال : فوقى الله عز وجل أبو جعفر عليا عليه السلام ذلك ؛ لطاعته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي هذا الحديث مما يجب أن يوقف عليه ، وهو إباحة النوم بعد العصر ؛ إذ كان بعض الناس ذلك عنده مكروه .
1073 - كما حدثنا محمد بن عيسى بن فليح الخزاعي أبو عبد الله ، قال : حدثنا قال : عبد الله بن يوسف وقد راح إلى المسجد قريبا من صلاة المغرب ، فقال له الليث بن سعد : ما لي أراك يا بكر بن مضر أبا الحارث مهيج الوجه ؟ فقال : إني صليت صلاة العصر ، ثم انصرفت إلى منزلي فنمت ، ثم رحت هذه الساعة . فقال له بكر : أوما قد علمت ما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم بعد العصر ؟ فقال الليث : لا . فقال بكر : حدثني ، عن عقيل بن خالد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه . فقال ابن شهاب الليث : ما سمعت بهذا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم رأيت - [ ص: 100 ] [ ص: 101 ] فكان هذا الحديث منقطعا . وكان ما رويناه قبله أولى منه ؛ لاتصاله برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وكما حدثنا محمد بن عيسى بن جابر الرشيدي أبو عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي قال : حدثنا حيوة قالا : أخبرنا وابن لهيعة عمرو بن زياد الحضرمي أن أبا فراس أخبره أنه سمع يقول : عبد الله بن عمرو بن العاص . النوم ثلاثة : فنوم خرق ، ونوم خلق ، ونوم حمق ؛ فأما نومة الخرق فنومة الضحى يقضي الناس حوائجهم وهو نائم ، وأما نومة خلق فنومة القائلة نصف النهار ، وأما نومة حمق فنومة حين تحضر الصلوات
قال : غير أن قوما قد خرجوا ما في حديث أبو جعفر أسماء وما في حديث عقيل وإن كان منقطعا ؛ إذ كان من شأنهم احتمال المنقطع [ ص: 102 ] على التصحيح لهما ، وعلى أن لكل واحد منهما معنى غير معنى الحديث الآخر ، فجعلوا حديث أسماء على أن ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن باختياره ، وإنما كان مما احتبسه الله عز وجل له ليوجبه إليه ، وليس ذلك من النوم في شيء .
وجعلوا حديث عقيل ، عن عنه - صلى الله عليه وسلم - على نفس النوم ، فكرهوا به النوم بعد العصر ، وشد ذلك عندهم ما قد رويناه فيه عن ابن شهاب ، وما روي فيه عن عبد الله بن عمرو خوات بن جبير .
كما حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا قال : حدثنا أبو نعيم ، عن مسعر ثابت بن عبيد ، عن ، عن ابن أبي ليلى قال : خوات بن جبير . نوم أول النهار خرق ، ووسطه خلق ، وآخره حمق
وما حدثنا فهد قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : حدثنا يحيى بن حمزة النعمان بن منذر قال : بدابق ، فأتاني ، فركسني برجله ركسة ، ثم قال : قم ، فقد عوقبت ، قلت : وما [ ص: 103 ] ذاك يا مكحول أبا عبد الله ؟ قال : إن هذه الساعة فيها خروج القوم ، وفيها انتشارهم يعني الجن ، وفي هذه الرقدة تكون الخبلة . كنت نائما بعد العصر
فإن قال قائل : فقد روي في النوم في النهار شيء يوجب الكراهة سوى ما ذكرت ، قيل له : قد روي ذلك عن . عثمان بن عفان
1074 - ما حدثنا قال : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا معلى بن منصور ، عن إسماعيل بن عياش إسماعيل بن أمية ، عن موسى بن عمران بن مناح ، عن ، عن أبان بن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عثمان إن الصبحة تمنع بعض الرزق .
[ ص: 104 ] قال : غير أن أهل الإسناد يضعفون هذا الإسناد ؛ لأنه عن أبو جعفر ، عن غير أهل بلده ، وإن كانوا لا يتحامون روايته . فإن قال : فهل في ذلك شيء عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قيل له : قد روي في ذلك عن إسماعيل بن عياش ما . عبد الله بن الزبير
حدثنا قال : حدثنا يونس قال : أخبرني ابن وهب ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان أن عبيد بن عمير قال : عبد الله بن الزبير عبيد بن عمير ، أما علمت أن الأرض عجت إلى ربها عز وجل من نومة العلماء بالضحى مخافة الغفلة عليهم ؟ يا
وفيما ذكرنا ما يوجب اجتناب ما فيه هذا الحرف الذي قد ذكرناه وما سواه فيما قد ذكرناه فيه ، والله نسأله التوفيق .