[ ص: 59 ] 731 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : من دعي إلى حكم الرسول ليقضي بينه وبين خصمه ، فلم يجئ فلا حق له
4635 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن أبي داود مروان بن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب ، عن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ، عن خبيب بن سليمان ، عن أبيه ، عن ، بسم الله الرحمن الرحيم ، من سمرة بن جندب إلى بنيه ، أما بعد : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : سمرة بن جندب إذا خاصم الرجل الآخر فدعا أحدهما صاحبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليقضي بينهما ، فأبى أن يجيء ، فلا حق له .
[ ص: 60 ] فتأملنا هذا الحديث ، وكان أحسن ما حضرنا فيه ، ما كان يحكيه لنا ، عن بكار بن قتيبة هلال بن يحيى أن معناه : أن من حق الرجل إذا ادعى عليه الرجل عند الحاكم دعوى بغير محضر من ادعاها عليه أن يبعث إلى المدعى عليه ، حتى يسمع دعوى المدعي عليه ، وحتى يسمع الحاكم منه ما كان يكون منه من إقرار بها ، أو من جحود لها ، ثم يفعل الحاكم في ذلك ما يفعله فيه ، فإن دعي لذلك فلم يجب ، ذهب ذلك الحق منه ، ووجب للحاكم أن يقيم له وكيلا ، فيكون ذلك الوكيل كهو لو أقامه ذلك المقام ، ثم يسمع من بينة للمدعي إن أقامها عنده بما ادعى ، ويقضي بها إن ثبت عدلها عنده كما يقضي بها عليه لو كان حاضرا غير أنه يجعله على حجته إن كانت عنده في ذلك ، أو على مخرج ، إن كان عنده فيه .
وهذه مسألة من الفقه ، مما قد اختلف أهل العلم فيها ، فمنهم من ذهب فيها هذا المذهب ، وهم وكثير من أبو يوسف البصريين ، ومنهم من لا يسمع من بينة عليه في ذلك ، ولا يقيم له فيه وكيلا حتى يحضر المدعى عليه فيكون منه في ذلك ما يكون من إقرار به ، أو من جحود له ، وممن قال بذلك منهم : أبو حنيفة ومحمد .
ومنهم من يسمع من البينة عليه في كل شيء سوى العقار ، ولا يسمعها عليه في العقار حتى يحضر ، وممن قال ذلك منهم : . مالك بن أنس
ومنهم من يسمع البينة عليه في ذلك كله ، ويقضي بها عليه ، ويجعله على حجة إن كانت في ذلك ، منهم : ، ولما اختلفوا [ ص: 61 ] في ذلك تأملنا ما اختلفوا فيه منه ، فوجدناهم لا يختلفون أنه لو كان حاضرا مع خصمه عند الحاكم ، فامتنع من الجواب عن الدعوى التي ادعاها عليه خصمه عند الحاكم ، أن الحاكم لا يخلي بينه وبين ذلك ، ويأخذه بالجواب عما ادعى عليه خصمه ، وأنه لا يسمع من بينة عليه ، وإن أحضرها خصمه تشهد له على دعواه عليه حتى يكون منه الجواب الذي يحتاج من بعده إلى بينة على ما ادعى عليه ، وإذا كان ذلك كذلك في حضوره وجب أن يكون كذلك في مغيبه ، والله الموفق . الشافعي