[ ص: 7 ] 794 - باب بيان مشكل ما روي في المراد
بقول الله - عز وجل - : فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك
حدثنا أحمد بن أبي عمران ، قال : حدثنا الجراح بن مخلد البصري ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عمر بن يونس ، قال : حدثني عكرمة بن عمار ، قال : أبو زميل : إنه ليقع في نفسي ما أن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به. فقال لابن عباس : من الشك يعني ؟ قال : فقال : نعم . فقال : وهل يسلم من ذلك أحد ، وقد قال الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك . [ ص: 8 ] ولا نعلمه روي عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في المراد بهذه الآية ، غير هذا الحديث الذي رويناه في ذلك عن قال رجل . ابن عباس
وأما التابعون فروي عنهم في ذلك
ما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، عن هشيم ، عن أبي بشر سعيد بن جبير ، عن ومنصور ، أنهما قالا في هذه الآية : الحسن فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك قالا : لم يشك ، ولم نشك .
وحدثنا أحمد بن علي بن مصعب أبو العباس البغدادي ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم بن مشكان ، قال : حدثنا ، عن هشيم ، عن أبي بشر مثله . سعيد بن جبير
[ ص: 9 ] حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا إسماعيل بن سالم ، قال : أخبرنا ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبو بشر سعيد ، عن ومنصور مثله . الحسن
وحدثنا أحمد ، قال : حدثنا مسدد ، قالا : حدثنا وسهل بن بكار ، عن أبو عوانة ، عن أبي بشر مثله . سعيد بن جبير
وأما أهل اللغة ، فقد رويت عنهم في ذلك أقوال ، منها : ما قال الكسائي والفراء جميعا : ليس قوله - عز وجل - : فإن كنت في شك خبرا عن أنه في شك ، إنما ذلك كقول الرجل لابنه : إن كنت ابني فافعل كذا ، وليس في شك أنه ابنه .
وكان أحسن من ذلك ما قد قاله غيرهما من أهل اللغة أن المراد في ذلك غير النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان ظاهره القصد به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن المراد به غيره ، وهم الشاكون فيه ، وكان ذلك بمعنى : فإن كنت [ ص: 10 ] في شك من غيرك فيما أنزلنا إليك ، وممن قال ذلك منهم : أبو عبيدة معمر بن المثنى ، وقالوا : هذا كما قال الله - عز وجل - : حتى إذا كنتم في الفلك يعني : نوحا ، لا يعنيه - صلى الله عليه وسلم - ثم كشف - عز وجل - مراده بذلك ما هو ؟ بقوله: وجرين بهم بريح طيبة ، فأخبر - عز وجل - أن المرادين بذلك هم غيره - صلى الله عليه وسلم - وغير أمته ، وكان الذي قالوه في المرادين بقوله - عز وجل - عندهم : فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك أنهم الذين آمنوا به قبل ذلك من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأمثاله منهم .
وحضرني أنا في ذلك تأويل قد يحتمل أن يكون هو المراد بالمذكورين في تلك الآية ، وأن يكونوا هم الذين لقيهم - صلى الله عليه وسلم - في بيت المقدس من الأنبياء الذين كان أنزل عليهم قبله من الكتب ما أنزل عليهم منها مما فيه ذكره وذكر أمته ، ومثل هذا مما قاله في حديث ابن عباس أبي زميل الذي رويناه عنه في هذا الباب : ومن يسلم من هذا ، وقد قال الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فتلا الآية التي تلاها فيه ، وجه ذلك عندنا من على مراده به غيره - صلى الله عليه وسلم - وإن كان الخطاب ظاهره هو أنه المخاطب به لسعة لغة العرب ; ولأنها قد تخاطب من تريد غيره ، والله أعلم بمراده - عز وجل - في ذلك ، ثم بمراد ابن عباس في جوابه الذي قد ذكرناه عنه . ابن عباس
وقد روي عن في ذلك مما يدخل في هذا المعنى ، ومما ينفي أن يكون المراد بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أحدا من [ ص: 11 ] أصحابه ، وهو : عمر بن الخطاب
5016 - ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا يوسف بن بهلول الكوفي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن ، عن ابن عباس رضي الله عنه في حديث المتظاهرتين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه ، وفي ذكر تخيير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه بعد ذلك ، قال : عمر وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير ، فجلس ، فقال : " يا عمر ، لعلك شككت ؟ " قلت : لا ، والذي بعثك بالحق ، إني على يقين من الله - عز وجل - فيك ، إنك لنبيه وصفيه ، ولكني عجبت لما زوي عنك من الدنيا ، وبسط على هؤلاء . فقال : إنهم قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ، وإنا أخرت لنا في آخرتنا ثم جلست ، فقلت : يا نبي الله ، أنت نبي الله وصفيه وخيرته من خلقه على ما أرى - يعني من خصفة رآه مضطجعا عليها ، ومن وسادة محشوة ليفا تحت رأسه ، هكذا هو مذكور في هذا الحديث - .
5017 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن عقيل ، ثم ذكر بإسناده مثله ابن شهاب
غير أنه قال : ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت [ ص: 12 ] لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت : يا رسول الله ، استغفر لي أو في شك أنت يا .
وإذا كان - رضي الله عنه - قد نفى عن نفسه الشك فيما نفاه عنها بحلفه على ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفعه عن ذلك ، كان ذلك عن رسول الله أشد انتفاء ، وكان عن أمثال عمر بن الخطاب عمر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في انتفائه عنهم كانتفائه عن عمر ، وكان في ذلك ما قد تحققنا به على أن المرادين بالشك في ذلك هم غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغير عمر ، وغير من سواه من أصحابه - رضوان الله عليهم - وأنهم من سواهم من أهل الشك فيه - صلى الله عليه وسلم - ممن إسلامه - إن كان له إسلام - ليس كإسلام أصحابه - رضوان الله عليهم - أو ممن لا يؤمن به ، ولم يدخل في شريعته ، ولم نجد في تأويل هذه الآية أحسن مما ذكرناه في تأويلها مما قد اجتبيناه في هذا الباب ، والله نسأله التوفيق .