[ ص: 263 ] 258 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إن { من أشراط الساعة تسليم المعرفة وتسليم الخاصة }
1590 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم بشير بن سليمان ، قال : حدثنا ، عن { سيار أبو الحكم ، قال : طارق فجاء إذنه ، فقال : قد قامت الصلاة ، فقام وقمنا معه ، فدخلنا المسجد ، فرأى الناس ركوعا في مقدم المسجد فكبر وركع ومشى ، وفعلنا مثل ما فعل ، فمر رجل مسرع ، فقال : عليك السلام عبد الله بن مسعود أبا عبد الرحمن ، فقال : صدق الله عز وجل وبلغ رسوله ، فلما صلينا رجع فولج أهله ، وجلسنا مكاننا ننتظره حتى يخرج ، فقال بعضنا لبعض : أيكم يسأله ؟ فقال طارق : أنا أسأله ، فسأله طارق ، فقال : سلم الرجل عليك ، فرددت عليه صدق الله وبلغ رسوله كنا مع } . قال : فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : { ما بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة ، وقطع الأرحام ، وظهور شهادة الزور ، وكتمان شهادة الحق } .
[ ص: 264 ]
[ ص: 265 ]
1591 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري ، عن حماد بن سلمة أبي حمزة ، عن ، عن { إبراهيم ، علقمة مسروق وابن مسعود بينهما فجاء أعرابي ، فقال : السلام عليك يا فضحك ابن أم عبد ، فقال : مم تضحك ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة السلام بالمعرفة ، وأن يمر الرجل بالمسجد ثم لا يصلي فيه ابن مسعود أنه كان مع } .
[ ص: 266 ]
1592 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا محمد بن الصباح عمر بن عبد الرحمن الأبار ، عن ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد أو مسروق غيره - كذا قال عمر - قال { في المسجد ومعه رجل ، فقال : السلام عليك يا وابن مسعود أبا عبد الرحمن ، فقال له : وعليك ، الله أكبر ، صدق الله ورسوله ، صدق الله ورسوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أشراط الساعة أن لا يسلم الرجل على الرجل إلا لمعرفة أو من معرفة ، أو أن يمر بالمسجد عرضه وطوله ، ثم لا يصلي فيه ركعتين ، ومن أشراط الساعة أن يطاول الحفاة العراة - أو قال : العراة الحفاة - في بنيان المدر ، وأن يبعث الشاب الشيخ بريدا بين الأفقين دخل المسجد رجل } [ ص: 267 ] فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رده السلام على من سلم عليه ردا خاصا بقوله : وعليك السلام ، وذكر .
1593 - ما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، عن إسماعيل بن جعفر يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن رفاعة بن رافع ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو جالس في المسجد ونحن معه إذ دخل رجل كالبدوي فصلى فأخف صلاته ، ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم وعليك ارجع ، فصل فإنك لم تصل } .
1594 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : أخبرني أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ابن لهيعة ، عن والليث ، محمد بن عجلان عمن أخبره ، عن علي بن يحيى بن خلاد ، عن أبيه ، عن عمه رفاعة بن رافع قال : {
[ ص: 268 ] صلى الله عليه وسلم ، فقال : وعليك مني السلام ، فارجع فصل فإنك لم تصل . كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجل ، فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه ، فلما فرغ جاء فسلم على النبي . } [ ص: 269 ]
[ ص: 270 ]
1595 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ( ح ) وما قد حدثنا سليمان بن المغيرة علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا سليمان بن المغيرة القيسي ، عن حميد بن هلال [ ص: 271 ] العدوي عبد الله بن الصامت ، عن في حديث إسلامه ، قال : أبي ذر أبا بكر رضي الله عنه - فكنت أول من حياه بتحية أهل الإسلام ، فقال : وعليك ورحمة الله فانتهيت إليه - يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم - وقد صلى هو وصاحبه - يعني } .
قال : ففي هذا الحديث في رد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ردا خاصا لم يعم به المسلم وغيره من الناس ، مما ينكرون أن يكون كذلك السلام يكون سلاما خاصا لمن يريد المسلم به السلام عليه دون من سواه ممن لا يريد السلام عليه .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه ، أن المسلم على الواحد من الجماعة قد كان عليه السلام على كل واحد من تلك الجماعة كما عليه السلام للذي سلم عليه ، فاختصاصه ذلك الواحد بذلك السلام دون بقيتهم ظلم منه لبقيتهم ؛ لأن من حق المسلم على المسلم أن يسلم عليه إذا لقيه ، والرد من المسلم ، فإنما هو رد عن نفسه لا عن غيره ، أو رد عن جماعة هو منهم كما يقول أهل العلم في ذلك [ ص: 272 ] مما يختلفون فيه منه ، فالرد هو على واحد ، فجاز أن يختص به دون من سواه من الناس ، فيقال له : وعليك والسلام من الجائي الجماعة ، فسلام يجب عليه أن يعم به الجماعة ، فإذا قصد به إلى أحدها كان قد قصر ببقيتها عن الواجب ، كان لها عليه في ذلك .
ومما يدخل في هذا الباب ما قد تقدم ذكرنا له في حديث لما { أبي هريرة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فلم يجبه ، فلما فرغ أتاه ، فقال : السلام عليك يا رسول الله أبي بن كعب ، وقد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، فذلك سلام خاص وهو عندنا غير مخالف لما قد ذكرناه قبله في هذا الباب ؛ لأنه قد يجوز أن يكون سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وحده ، فلم ينكر ذلك عليه .
فقال قائل : فقد روى حديث الذي ذكرت أبي ذر أبو هلال الراسبي ، عن عبد الله بن الصامت ، فخالف فيه . سليمان بن المغيرة
1596 - فذكر ما قد حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سليمان بن حرب أبو هلال الراسبي ، قال : حدثنا ، عن حميد بن هلال عبد الله بن الصامت ، قال : قال لي ... ثم ذكر حديث إسلامه . قال : أبو ذر فقلت : السلام عليك يا رسول الله . قال : وعليك .
[ ص: 273 ] قال : ففي هذا الحديث سلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاما خاصا ، وقد كان معه أبي ذر أبو بكر رضي الله عنه على ما في حديث الذي رويته . سليمان بن المغيرة
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أنه قد يحتمل أن يكون كان مع أبو ذر أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم متشاغل إما بصلاة ، وإما بطواف بالبيت ؛ لأن ذلك إنما كان بمكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيت ، فلم يحتج إلى السلام على أبي بكر رضي الله عنه ، وكانت به الحاجة إلى السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقصد بسلامه إليه ، فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا يدل على أنه جائز لمن جاء إلى رجل واحد ليس معه غيره أن يكون سلامه عليه : السلام عليك بخلاف ما يكون سلامه لو جاء إلى رجل في جماعة في سلامه الذي يعمهم ، وإياه به . والله نسأله التوفيق