[ ص: 439 ] 862 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مراده بقوله : " لن يجزي ولد والده ، إلا أن يجده مملوكا ، فيشتريه فيعتقه "
5395 - حدثنا ، حدثنا يونس ، عن سفيان بن عيينة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة لا يجزي ولد والده ، إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه .
5396 - وحدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، أخبرنا ، وحدثنا يحيى بن عيسى ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قالا : حدثنا أبو حذيفة عن سفيان - يعنيان الثوري - ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن رسول [ ص: 440 ] الله - صلى الله عليه وسلم - مثله . أبي هريرة
5397 - وحدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، أخبرنا علي بن الجعد ، عن زهير بن معاوية ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله . أبي هريرة
فقال قائل : هذا الحديث يدل على أن الرجل قد يكون عبدا لابنه ; لأن فيه : " إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه " ، ففي ذلك ما قد دل على أنه بعد ملكه إياه يكون مملوكا له حتى يعتقه ، وهذا قول لم نعلم أحدا من فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتيا ، ولا ممن تقدمهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن تابعيهم ، قاله !
وكان وجه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندنا : " إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه " غير ما توهم هذا القائل ، وهو " فيعتقه " ، أي : فيعتقه بشرائه إياه ; لأنه يكون سببا لعتقه ، وهذا كلام صحيح مستعمل .
[ ص: 441 ] وقد وجدنا في كتاب الله تعالى ما ينفي ملك الأب لابنه ، وهو قوله : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ، إلى قوله : إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا .
أي : إنه لو كان لله تعالى ولد ، لم يكن له عبدا ; لأن الولد لا يكون عبدا لأبيه ، ولا يقع ملكه عليه ، وإن حملت به منه من ملكه عليها ، وإذا كان الولد لا يكون عبدا لأبيه ، انتفى عن الله أن يكون له ولد ، إذ كان كل من في السماوات والأرض له عبد ، وإذا كان الأب ينتفي عنه ملكه ابنه بحق البنوة ، كان الابن أحرى أن ينتفي ملكه عن أبيه بحق الأبوة ، ثم قد شد ذلك أيضا ما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فيمن ملك ذا رحم محرم أنه حر .
5398 - كما حدثنا محمد بن عبد الله بن مخلد الأصبهاني ، حدثنا ، حدثنا أبو عمير ابن النحاس . ضمرة
5399 - وكما حدثنا ، أخبرنا أحمد بن شعيب عيسى بن محمد - يعني أبا عمير - ، عن وعيسى بن يونس ، عن ضمرة ، عن سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : ابن عمر من ملك ذا رحم محرم عتق .
[ ص: 442 ]
5400 - حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا . حجاج بن منهال
5401 - وكما حدثنا نصر بن مرزوق ، حدثنا ، قالا : حدثنا أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : سمرة من ملك ذا رحم محرم منه ، فهو حر .
[ ص: 443 ] قال : فكان في هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من ملك ذا رحم محرم فهو حر . أبو جعفر
5402 - وقد حدثنا محمد بن عبد الله بن مخلد ، حدثنا ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : سمرة من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر .
[ ص: 444 ] قال : فكان في هذا الحديث : " من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر " ، فاحتمل أن يكون أراد به ذا الرحم من ذي المحرم ، وأريد بالحديث الذي قبله : ذو الرحم من ذي المحرم ، حتى يصح الحديثان جميعا ، ولا يتضادان ، فيرجع معناهما إلى أن من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر . أبو جعفر
ثم نظرنا : هل روي هذا الحديث من وجه من الوجوه كذلك ، أم لا . ؟
5403 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عبيد الله بن سعيد ، حدثنا محمد بن بكر ، عن حماد بن سلمة عاصم الأحول ، ثم ذكر كلمة - وقتادة القائل - معناها : عن أحمد بن شعيب ، عن الحسن : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : سمرة من ملك ذا رحم من ذي محرم ، فهو حر .
[ ص: 445 ] فثبت بذلك ما صححنا عليه الحديثين اللذين ذكرناهما عن سمرة في هذا الباب عليه ، فكان في ذلك ما قد شد معنى حديث ضمرة ، عن ، الذي ذكرناه في هذا الباب . الثوري
ثم نظرنا : هل روي في ذلك شيء عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم . - ؟
فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، عن أبو عاصم ، عن أبي عوانة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، قال : عمر . من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر
فطعن طاعن في إسناد هذا الحديث ، بأن قال : فإن قد روى هذا الحديث عن عبد الرحمن بن مهدي موقوفا . أبي عوانة
[ ص: 446 ] فذكر ما .
حدثنا ، أخبرنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن أبو عوانة ، ولم يذكر بعده أحدا لا من الحكم إبراهيم ، ولا من الأسود ، قال : قال : عمر . من ملك ذا رحم فهو حر
وكان جوابنا له في ذلك : أن كذلك رواه عن عبد الرحمن بن مهدي ، وأما أبي عوانة أبو عاصم ، فرواه عن ، كما ذكرناه عنه ، وهو حافظ متقن ، ومن كان كذلك ، كانت زيادته على الحافظ المتقن مقبولة ، ومما يؤكد ما قد روى أبي عوانة أبو عاصم عليه هذا الحديث عن . أبي عوانة
ما حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : سمعت عمرو بن علي يقول : رأيت في كتاب أبا الوليد - يعني الطيالسي - - يعني هذا الحديث - حدثنا أبي عوانة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، ثم ذكر مثله - يعني مثل حديث عمر أبي عاصم - .
فعقلنا بذلك : أن أبا عاصم حفظ من إسناد هذا الحديث ، عن مما لم يحفظه عنه أبي عوانة عبد الرحمن ، ومن حفظ شيئا كان أولى ممن قصر عنه .
[ ص: 447 ] وحدثنا ، حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا شعبة ، عن سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل المستورد : ، فقال : إن عمي زوجني وليدته ، وإنها ولدت لي أولادا ، فأراد أن يسترق أولادي ، فقال عبد الله بن مسعود عبد الله : كذب ، ليس له ذلك . أن رجلا زوج ابن أخيه مملوكته ، فولدت أولادا ، فأراد أن يسترق أولادها ، فأتى ابن أخيه
ففي هذا الحديث : ما قد دل : أن مذهب كان في هذا المعنى ، كمذهب عبد الله بن مسعود عمر - رضي الله عنه - كان فيه ، ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافا لهما في ذلك ، وما جاء هذا المجيء لم يتسع لأحد خلافه ، ولا القول بغيره ، وهكذا كان ، أبو حنيفة والثوري ، وأكثر أهل العراق ، يذهبون إليه في هذا المعنى ، فأما ، فكان يذهب إلى وجوب عتاق الوالدين على ولدهما ، وإلى وجوب عتاق الأخ على أخيه ، وإلى وجوب عتاق الولد ، وإن سفل على من ولده ، ولا يوجب ذلك في ابن أخ على عمه . مالك بن أنس
وأما آخرون منهم : ، فكانوا لا يوجبون العتاق في هذا [ ص: 448 ] المعنى ، إلا في الوالد وإن علا ، وفي الولد وإن سفل ، وفي الأمهات وإن علون ، فأما فيمن سواهم ، فلا ، وإذا ثبت في ذي الرحم المحرم وجوب العتاق له على ذي رحمه الذين هم كذلك أيضا ، كان في ذلك ما قد دل أن ذوي الأرحام المحرمات كذلك أيضا ، وكان فيما ذكرنا من ذلك شد لما حملنا عليه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بدأنا بذكره في هذا الباب عليه ، والله نسأله التوفيق . الشافعي