[ ص: 181 ] 178 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أسمائه
1150 - حدثنا قال : أخبرنا يونس قال : أخبرني ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبيه محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله عز وجل بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الله الناس على قدمي ، وأنا العاقب ، والعاقب الذي ليس بعده أحد . وقد سماه الله عز وجل رؤوفا رحيما إن لي خمسة أسماء : أنا .
قال : فكان ما في هذا الحديث من تسمية الله عز وجل إياه رؤوفا رحيما إما من كلام أبو جعفر جبير ، وإما من كلام من سواه من رواته .
1151 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أبي وشعيب بن الليث ، عن ، عن الليث بن سعد خالد وهو ابن يزيد ، عن ، عن ابن أبي هلال وهو سعيد عتبة بن مسلم ، عن نافع بن جبير فقال له : أتحصي أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان عبد الملك بن مروان يعدها ؟ قال : [ ص: 182 ] نعم ، هي ستة : جبير بن مطعم محمد ، وأحمد ، وخاتم ، وحاشر ، وعاقب ، وماح . فأما الحاشر فبعث مع الساعة نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد ، وأما عاقب فإنه أعقب الأنبياء صلوات الله عليهم ، وأما ماح فإن الله عز وجل محا به سيئات من اتبعه أنه دخل على .
[ ص: 183 ] قال : ففي هذا الحديث زيادة اسم على الأسماء المذكورة في الحديث الذي ذكرنا قبله وهو أبو جعفر خاتم .
1152 - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال : حدثنا قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، عن المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة قال : أبي موسى الأشعري محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الملحمة سمى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه بأسماء ، فقال : أنا .
قال : ففي هذا الحديث من أسمائه أبو جعفر المقفي ، ومعناه معنى العاقب المذكور في الحديثين اللذين رويناهما قبله .
وفيه من أسمائه اسمان آخران غير الأسماء المذكورة فيهما ، وهما : نبي التوبة ، ونبي الملحمة . وسأل سائل عن المعنى الذي به زاد بعض ما في هذه الأحاديث [ ص: 184 ] على ما سواه منها .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه : أن الأسماء إنما هي أعلام لأشياء يراد بها التفريق بينها وإبانة بعضها من بعض ، وكانت الأسماء تنقسم قسمين :
فقسم منها تكون الأسماء فيه لا لعلة كالحجر وكالجبل ، وكما سوى ذلك مما لم يسم بمعنى فيه .
ومنها ما يسمى به لمعنى فيه من صفاته كمحمد - صلى الله عليه وسلم - من الحمد ، وكأحمد من الحمد أيضا . فكان هذان الاسمان من أسمائه - صلى الله عليه وسلم - ، وهما اسمان قد ذكرهما الله جل وعز في كتابه فقال : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار . وقال فيما كان عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم - خاطب به قومه : إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فكان هذان الاسمان من صفاته - صلى الله عليه وسلم - ، فوقفنا بذلك على أنه جائز أن يسمى بصفاته سوى الحمد ، كما سمي بالحمد الذي هو من صفاته ؛ فسمي الماحي ؛ لأن الله جل وعز يمحو به الكفر ، وسمي الحاشر ؛ لأن الناس يحشرون على قدمه ، وسمي العاقب ؛ لأنه أعقب من قبله من الأنبياء صلوات الله عليهم ، وسمي خاتما ؛ لأنه خاتم النبيين . وذكر الله عز وجل ذلك في كتابه فقال : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ، وسمي المقفي ؛ لأنه قفى من قبله من الأنبياء ، وسمي نبي التوبة ؛ لأن الله عز وجل تاب به على من تاب من عباده ، وذكر ذلك في كتابه من قوله جل وعز : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم .
[ ص: 185 ] وسمي نبي الملحمة ؛ لأنه سبب القتال هو الملحمة . وكل هذه الأسماء فمشتقة من صفاته - صلى الله عليه وسلم - .
وفي حديث محمد بن جبير : وقد سماه الله عز وجل رؤوفا رحيما انتزاعا بذلك من قول الله جل وعز : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم . فدل ذلك أنه جائز أن يسمى بصفاته كلها ، وأن ما سمي به من ذلك لاحق بأسمائه التي قد سمي بها قبل ذلك ، كما لحق بأسماء علي عليه السلام الاسم الذي سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه لما تترب بالتراب بقوله له : قم يا أبا تراب . قال سهل بن سعد : فما كان له اسم أحب إليه منه . وسنذكر ذلك الحديث ، وما يدخل في معناه في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله . وكان جائزا أن يذكر ببعض أسمائه ، ولا يكون القصد إلى بعضها دليلا أن لا أسماء له غيرها ، فعلى هذا المعنى عندنا - والله أعلم - جاءت هذه الآثار على ما جاءت به مما فيها ، والله نسأله التوفيق .