[ ص: 168 ] 309 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العزل وأنه الوأد الخفي وفيما روي عنه في تكذيبه من قال ذلك
1912 - حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس البصري وصالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة رضي الله عنها ، قالت : عائشة
حدثتني قالت : جذامة ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم العزل فقال : ذاك الوأد الخفي .
[ ص: 169 ]
1913 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي أبو زرعة الحجري ، قال : أخبرنا ، عن حيوة أنه سمع أبي الأسود يحدث عن عروة ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله . جذامة
1914 - حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ثم ذكر بإسناده مثله . أبو الأسود
1915 - وما حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق ثم ذكر بإسناده مثله . يحيى بن أيوب
[ ص: 170 ] وقال فيه جدامة بالدال .
فقال قائل : ما في هذه الآثار التي رويتموها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل العزل كما قد جعله فيها ، وقد رويتم عنه ما يخالف ذلك .
1916 - فذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة . ( ح ) . أبو داود
وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو داود ، عن هشام بن أبي عبد الله ، عن يحيى بن أبي كثير محمد بن عبد الرحمن ، عن أبي رفاعة ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال يا رسول الله إن عندي جارية وأنا أعزل عنها ، وأنا أكره أن تحمل ، وأشتهي ما يشتهي الرجال ، وإن اليهود يقولون : هي الموؤودة الصغرى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت يهود لو أن الله عز وجل أراد أن يخلقه [ ص: 171 ] لم تستطع أن تصرفه .
1917 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق هارون بن إسماعيل الجزاز ، قال : حدثنا علي بن المبارك ، عن ، عن يحيى بن أبي كثير محمد بن عبد الرحمن ، عن أبي مطيع بن رفاعة ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله . أبي سعيد
[ ص: 172 ]
1918 - وما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب عياش بن عقبة الحضرمي ، عن ، عن موسى بن وردان رضي الله عنه ، قال : أبي سعيد الخدري بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليهود يقولون : إن العزل هي الموؤودة الصغرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت يهود ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أفضيت لم يكن إلا بقدر .
1919 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود عياش بن الوليد الرقام ، قال : حدثنا ، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن وأبي أمامة بن سهل ، قال : أبي سعيد الخدري بسوق بني قينقاع ، فمر بي يهودي فقال : ما هذه الجارية ؟ فقلت : جارية لي ، قال : أكنت تصيبها ؟ قلت : نعم ، قال : فلعل في بطنها منك سخلة ، قال : قلت إني كنت أعزلها ، قال : تلك الموؤودة الصغرى ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كذبت يهود كذبت يهود أقمت جارية لي .
[ ص: 173 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قد ذكرناه عنه في الفصل الأول من هذا الباب لما كان عليه من اتباع اليهود على شريعتهم لما لم يحدث الله في شريعته ما ينسخ ذلك ؛ إذ كانوا أهل كتاب مقتدين بالذي جاءهم بكتابهم ، وإذ كان الله عز وجل أنزل عليه فيما أنزل أولئك الذين هدى الله . يعني من تقدم من أنبيائه فبهداهم اقتده ، إنما كان يصل إلى ذلك مما كان يجده في التوراة وفيما سواها من كتب الله التي كان أنزل على أنبيائه قبله صلوات الله عليه وعليهم ، فجاز أن يكون لما كشفهم عن ذلك كيف هو في كتابهم ذكروا له أنه الموؤودة الصغرى وكذبوه فقال ما قال مما ترويه عنه جدامة ، ثم أعلمه الله عز وجل بكذبهم وأن الأمر في الحقيقة بخلاف ذلك كما لما سألهم عن حد الزنى في كتابهم ذكروا له أنه الجلد والفضيحة ، وأنه لا رجم فيه ، وأتوه بالتوراة فوضع أحدهم يده على آية الرجم حتى أعلمه أنهم قد كذبوه ، وأمر ذلك اليهودي رفع يده عن آية الرجم فرفعها فقامت عليهم الحجة بأن الرجم في كتابهم ، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك من زنى منهم ممن أتوه به محكمين له فيه ، فمثل ذلك ما كان منهم في العزل لما بين الله عز وجل لرسوله [ ص: 174 ] صلى الله عليه وسلم كذبهم في ذلك بين لأمته صلى الله عليه وسلم كذبهم فيه ، وأنزل عليه في كتابه ما أوضح له ما يستعمل الوأد فيه وهو قوله عز وجل : عبد الله بن سلام ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . إلى قوله : ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ، فأعلمه عز وجل بذلك الوقت الذي يكون المخلوق من النطفة فيه الحياة فيجوز أن يوأد حينئذ فيكون ميتا ، وأما قبل ذلك فليس بحي ، وإنما هي كسائر الأشياء التي لا حياة فيها ، فمحال أن يكون ما كان كذلك موؤودا ، وقد كان من رضي الله عنه خطاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا المعنى ما قد ذكرنا . لعمر بن الخطاب
كما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب معمر بن أبي حيية ، قال :
سمعت عبيد الله بن رفاعة الأنصاري قال : رضي الله عنه العزل فاختلفوا فيه فقال عمر بن الخطاب عمر رضي الله عنه : قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الخيار فكيف بالناس بعدكم إذ تناجى رجلان ، فقال عمر : ما هذه المناجاة ؟ قال : إن اليهود تزعم أنها الموؤودة الصغرى ، فقال رضي الله عنه : إنها لا تكون موؤودة حتى تمر بالتارات السبع : علي ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى آخر الآية ، فعجب عمر رضي الله عنه من قوله [ ص: 175 ] وقال : جزاك الله خيرا . تذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند
وكما حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا ، قال : حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني الليث بن سعد معمر بن أبي حيية ، عن ، قال : عبيد الله بن عدي بن الخيار رضي الله عنه العزل ، ثم ذكر مثله سواء ، غير أنه لم يذكر فيه قوله : فعجب عمر عمر رضي الله عنه من قوله وقال : جزاك الله خيرا . تذاكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند
قال : فهذا من أبو جعفر رضي الله عنه استخراج صحيح في هذا المعنى . علي بن أبي طالب
وقد روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما هذا الكلام أيضا :
كما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش أبي الوداك ، عن العزل ابن عباس ، فذكر مثل كلام أن قوما سألوا علي في الحديثين الأولين سواء .
[ ص: 176 ] وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم محمد بن شريك ، قال : سمعت ، عن ابن أبي مليكة ابن عباس أهل العراق يسألونه عن العزل وهم يرون أنه الموؤودة فقال لجواريه : أخبروهم كيف أصنع ، فكأنهن استحيين ، فقال : إني لأصبه في الطست ثم أصب عليه الماء ثم أقول لإحداهن : انظري لا تقولين إن كان شيء ، ثم قال : إنه يكون نطفة ثم دما ثم علقة ثم مضغة ثم يكون عظما ، ثم يكسى لحما ثم يكون ما شاء الله حتى ينفخ فيه الروح ، ثم تلا هذه الآية : ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . أنه أتاه ناس من
قال : فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على كذب اليهود فيما كانوا قالوه في العزل واستحالته ، أكذبهم فيه وأعلم الناس أنه لا يكون إن عزلوا أو لم يعزلوا إلا ما قدر الله عز وجل فيه من كون ولد منه ، [ ص: 177 ] أو من انتفاء ذلك منه ، وفيما ذكرنا من هذا كفاية لما احتجنا إلى هذا الكلام من أجله . والله نسأله التوفيق . أبو جعفر