[ ص: 348 ] باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان من { قوله وأبو هريرة حاضره أيكم بسط ثوبه } ، ثم أخذ من حديثي هذا ، فإنه لا ينسى شيئا سمعه وأن فعل ذلك ، فما نسي بعد ذلك شيئا سمعه . أبا هريرة
1659 - حدثنا هارون بن كامل ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن يونس بن يزيد ، أنه قال : قال ابن شهاب إن ابن المسيب ، قال : أبا هريرة هذا قد أكثر والله الموعد ويقولون ما بال أبا هريرة المهاجرين والأنصار لا يتحدثون بمثل أحاديثه وسأخبركم ، عن ذلك إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أرضيهم وأما إخواني من المهاجرين فكان يشغلهم صفقهم بالأسواق وكنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا ، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما { أيكم بسط ثوبه } فأخذ من حديثي هذا ثم يجمعه إلى صدره فإنه لا ينسى شيئا سمعه فبسطت بردة علي حتى فرغ من حديثه ثم جمعتهما إلى صدري فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به ولولا آيتان أنزلهما الله عز وجل في كتابه ما حدثت بشيء أبدا إن الذين يكتمون ما أنـزلنا من البينات والهدى [ ص: 349 ] إلى آخر الآيتين يقولون إن .
قال : ففي هذا الحديث من كلام أبو جعفر فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبي هريرة
فقال قائل : فقد وجدناه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ، ثم نسيه بعد ذلك فذكر .
1660 - ما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد ، أن ابن شهاب حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { أبا سلمة } ويحدث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { لا عدوى لا يورد ممرض على مصح } ، قال : أبو سلمة كان يحدث بهما كليهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك ، عن قوله { لا عدوى } وأقام على { لا يورد ممرض على مصح } قال ، فقال : أبو هريرة الحارث بن أبي ذباب - وهو ابن عم - قد كنت أسمعك يا أبي هريرة تحدثنا مع هذا الحديث حديثا آخر قد سكت عنه تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا عدوى } فأبى أبا هريرة ذلك ، وقال { لا يورد ممرض على مصح } فما رآه أبو هريرة الحارث بعد ذلك حتى غضب ، فرطن بالحبشية ، فقال : [ ص: 350 ] أبو هريرة للحارث أتدري ماذا قلت ؟ قال : لا .
، قال : إني قلت : أبيت ، قال : أبو هريرة أبو سلمة ولعمري لقد كان يحدثنا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا عدوى } فلا ندري أنسي أبو هريرة أم نسخ أحد القولين الآخر . أبو هريرة
1661 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني ، عن شعيب بن أبي حمزة ، قال : أخبرني الزهري سنان بن أبي سنان الدؤلي ، أن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبا هريرة
فقام أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء فيأتيها البعير الأجرب فتجرب كلها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ لا عدوى . } ، قال : وسمعت أبو سلمة يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { أبا هريرة } . لا يورد الممرض على المصح
فقال له الحارث بن أبي ذباب الدوسي فإنك قد كنت حدثتنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { لا عدوى } فأنكر ذلك ، فقال : أبو هريرة الحارث بلى فتمارى هو وأبو هريرة حتى اشتد أمرهما ثم ذكر بقية الحديث الأول .
[ ص: 351 ] قال : فكان جوابنا له في ذلك ، أن هذا الحديث المذكور نسيان أبو جعفر إياه في حديث أبي هريرة هذا قد يحتمل أن يكون مما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يكون من النبي صلى الله عليه وسلم من أمره ما في حديث الزهري عنه ، وهذا أولى ما حمل عليه هذان الحديثان جميعا حتى يخرجا أن يكون في شيء منهما تضاد أو اختلاف ولا خلف لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تضاد في قوله ، فقال : هذا القائل فقد روي أيضا ، عن ابن المسيب نسيانه لشيء آخر يقرب سماعه إياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر . أبي هريرة
1662 - ما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن خازم بن خزيمة من تيم الرباب ، عن ، عن مجاهد المكي رضي الله عنه قال : { أبي هريرة
قال : وسقط فيما أظن ، عن أبو جعفر صالح فجئت ثم ذكر الباقي الذي سيأتي به موصولا بهذا الحرف الذي سقط { عن صالح ذات ليلة إلى المكان الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون [ ص: 352 ] مضطجعا فلم أجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مضجعه فعلمت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أقامته الصلاة ، فتلفت ورميت ببصري يمينا وشمالا فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم إلى الشجرة يصلي فهويت نحوه ، فإذا رجل قد أخرجه مثل الذي أخرجني ، فقمت أنا وهو خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن نصلي حتى إذا كان بين ظهراني صلاته سجد سجدة ظننت أن قد قبض فيها فابتدرناه فجلسنا بين يديه أنا وصاحبي فساءلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلناه ، ثم قال : هل أنكرتم من صلاتي الليلة شيئا؟ قال : فقلنا نعم يا رسول الله ، سجدت من بين ظهراني صلاتك سجدة حتى ظننا أنك قد قبضت فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أعطيت فيها خمسا لم يعطها نبي قبلي إني بعثت إلى الناس كافة أحمرهم وأسودهم وكان النبي قبلي يبعث إلى أهل بيته أو إلى أهل قريته ونصرت على عدوي بالرعب مسيرة شهر أمامي وشهر خلفي وأحلت لي الغنائم والأخماس .
ولم تحل لنبي قبلي إنما تؤخذ فتوضع فتنزل عليها نار من السماء بيضاء فتحرقها وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أصلي فيها حيث أدركتني الصلاة وأعطيت حينئذ دعوة فذخرتها شفاعة لأمتي يوم القيامة } . قال مجاهد ، قال : أبو هريرة ، وقال : لي صاحبي ، وكان أفضل مني : نسيت أفضلها أو أخيرها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرجو أن تنال من أمتي من لا يشرك بالله شيئا ، وذكر ، أن صاحبه ذلك كان أبو هريرة أبا ذر الغفاري رضي الله عنه كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه ذات ليلة } . [ ص: 353 ] فكان في هذا الحديث إخبار أبي ذر نسيانه ما قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرب سماعه إياه منه . أبا هريرة
فكان جوابنا له بتوفيق الله عز وجل وعونه أنه قد يحتمل أن يكون هذا كان من قبل أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما في حديث أبي هريرة غير الذي ذكرنا . ابن المسيب
ثم تأملنا نحن حديث في هذه القصة : هل رواه غير أبي هريرة فخالفه فيه أو وافقه ؟ فخالف سعيد بن المسيب فيه أو وافقه عليه ؟ . الأعرج
1663 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، [ ص: 354 ] أن عبد الرحمن الأعرج ، قال : أبا هريرة يكثر والله الموعد يقولون ما بال أبو هريرة المهاجرين لا يحدثون مثل حديثه وما بال الأنصار لا يحدثون بمثل أحاديثه وإني أحدثكم ، عن ذلك إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم وكنت مسكينا ألزم النبي صلى الله عليه وسلم على شبع ملء بطني وأحضر حين يغيبون وأعي حين ينسون ولقد قال : النبي صلى الله عليه وسلم يوما { إن بسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمع ثوبه إلى صدره فلا ينسى من مقالتي شيئا أبدا } . قال : ، فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته ثم جمعته إلى صدري فوالذي بعث أبو هريرة محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ما نسيت من مقالته تلك كلمة إلى يومي هذا ، ووالله لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثتكم بشيء أبدا : قول الله عز وجل إن الذين يكتمون ما أنـزلنا من البينات والهدى يقولون } فوقفنا بذلك على خلاف عبد الرحمن الأعرج ، عن سعيد بن المسيب في هذا الحديث وعلى رواية أبي هريرة إياه على إطلاق نفي النسيان ، عن سعيد بن المسيب ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بعد [ ص: 355 ] أن كان منه فيه ما كان ، وعلى رواية أبي هريرة عنه أنه إنما كان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقالة التي كانت منه في ذلك المجلس لا فيما كان الأعرج سمعه منه قبل ذلك ، ولا فيما سواه مما سمعه منه بعد ذلك ، والله أعلم بحقيقة الأمر كان في ذلك . أبو هريرة
وقد استدل قوم على تثبيت ما روى عن الأعرج في ذلك مما قضوا له على أبي هريرة فيما رواه عن سعيد بن المسيب من ذلك مما خالفه فيه مما قد رواه عنه غيرهما . أبي هريرة
1664 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : وأخبرني - يعني ابن وهب عبد الرحمن بن سلمان - عن ، عن عقيل المغيرة بن حكيم ، أنه سمع من . أبي هريرة
1665 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، عن ابن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب المغيرة بن حكيم ، [ ص: 356 ] أنهما سمعا ومجاهد يقول : أبا هريرة ، فإني كنت أعي بقلبي ، وكان يعي بقلبه ويكتب بيده : استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فأذن له عبد الله بن عمرو ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من .
وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن وهب بن منبه ، عن أخيه ، قال : أبي هريرة ؛ فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب عبد الله بن عمرو . ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا
[ ص: 357 ] قالوا : فكان معقولا ، أن ما خص به مما كان أخذه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو حفظه له لا ما سواه ، وأن الذي خص به أبو هريرة هو حفظه له وكتابته إياه فكانت معاناة عبد الله بن عمرو في ذلك الحفظ بقلبه والكتاب بيده ، وكانت معاناة عبد الله بن عمرو في ذلك هو الأخذ بقلبه دون الكتاب بيده ، فكان ما كان أبي هريرة يعانيه في أخذه أشق مما كان عبد الله بن عمرو يعانيه في أخذه فكان يجب أن يكون أبو هريرة لو كان ينسى شيئا سمعه أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ من أبو هريرة ، قالوا ولما كان الأمر بخلاف ذلك وكان عبد الله بن عمرو أكثرهما حديثا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب القضاء عبد الله بن عمرو للأعرج على فيما اختلفا فيه ، عن ابن المسيب رضي الله عنه وكان الذي مع أبي هريرة مما انتفى عنه فيه النسيان هو ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الموطن الواحد لا فيما كان منه قبله ولا فيما كان منه بعده والله نسأله التوفيق . أبي هريرة