[ ص: 258 ] 446 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : اللحد لنا ، والشق لغيرنا ، أو لأهل الكتاب .
2828 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، عن سفيان عثمان ، عن ، عن زاذان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جرير اللحد لنا ، والشق لغيرنا .
[ ص: 259 ]
2829 - وحدثنا أحمد بن الحسن الكوفي ، قال : حدثنا ، عن عبد الله بن نمير أبي حمزة الثمالي ، عن ، عن زاذان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جرير اللحد لنا ، والشق لأهل الكتاب .
2830 - وحدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود اللاحقي ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا الحجاج بن أرطاة عثمان البجلي ، عن ، عن زاذان قال : جرير بن عبد الله أسلم أعرابي فبينا هو يسير إذ دخل خف بعيره في جحر ضب ، فوقصه فمات ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما فعل الأعرابي ، فأخبر خبره ، فقال : رحمه الله ، عمل قليلا ، ويعمر طويلا ، اذهبوا به ، فاحفروا له ، قالوا : يا رسول الله ، نشق له أو نلحد ؟ فقال : الحدوا له ، اللحد لنا والشق لغيرنا .
[ ص: 260 ]
2831 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن قيس عثمان بن عمير ، عن ، عن زاذان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جرير الحدوا ولا تشقوا ، فإن اللحد لنا والشق لغيرنا .
قال : فتأملنا قوله صلى الله عليه وسلم هذا ، فوجدناه محتملا أن يكون اللحد لنا ، أي : أنه الذي نعرفه ؛ لأن العرب لم تكن تعرف غيره ، والشق لأهل الكتاب ، أي لأنه الذي كانوا يستعملونه لا يعرفون غيره ، قد كانت لهم أنبياء صلوات الله عليهم ، وكانوا في أيامهم على ذلك ، وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بمن قبله من الأنبياء بقوله عز وجل : أبو جعفر أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ، فكان عليه صلى الله عليه وسلم الاقتداء بهم حتى ينسخ الله عز وجل له شريعتهم بما نسخها به ، فصار اللحد والشق جميعا من سنن المسلمين ، إذ لم ينهوا عن واحد منها غير أن اللحد أولاهما ؛ لأنه الذي اختاره الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم ، فألحد له ولم يشق له .
ومما يدل على إباحة الشق وأنه لم يلحقه نهي ما قد روي مما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرادوه في رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته .
2832 - كما حدثنا ، محمد بن علي بن داود قالا : حدثنا وأبو أمية محمد بن عبد الله البينوني ، قال : حدثنا ، عن مبارك بن فضالة ، عن حميد قال : أنس لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل يلحد ، ورجل [ ص: 261 ] يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا - عز وجل - ، ونرسل إليهما فأيهما سبق تركناه ، فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
2833 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا بحر بن نصر ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، ثم ذكر بإسناده مثله . المبارك
ففي ذلك ما قد دل على أن اللحد والشق قد كانا يستعملان جميعا ، وبان بما اختاره الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من اللحد على الشق ، فضل اللحد على الشق .
وإن قال قائل : ففيما قد رويتم في خبر الأعرابي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالوا له : أنلحد له أو نشق ؟ فقال : الحدوا له ، وفي حديث قيس الذي قد رويتموه أيضا : ولا تشقوا ، فيكون ذلك على النهي عن الشق .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل أن ذلك لم يكن على النهي عن الشق ؛ لأنه مكروه ، ولكنه على النهي عن ترك الأفضل ، [ ص: 262 ] والأخذ بما هو دونه ، فمما قد روي بما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم من اختيارهم له اللحد على غيره .
2834 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، عن عبد الله بن جعفر الزهري ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد أن عامر بن سعد رضي الله عنه قال : سعدا الحدوا لي لحدا ، وانصبوا علي نصبا ، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم .
2835 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، ثم ذكر بإسناده مثله . عبد الله بن جعفر المخرمي
2836 - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي عمران الجوني قال : أبي عسيب المغيرة : إنه قد بقي علي شيء من قبل قدميه لم يصلحوه ، قال : أدخل فأصلحه ، فأدخل يده فمس قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : أهيلوا علي التراب فأهالوه عليه حتى بلغ نصف ساقيه ثم خرج ، فقال : أنا أحدثكم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم . لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحده ، قال [ ص: 263 ]
2837 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبو عمران الجوني ، قال : شهد ذلك ، ثم ذكر هذا الحديث . أبي عسيم
2838 - وما قد حدثنا إسماعيل بن حمدويه البيكندي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا ابن الحماني أبو بردة ، ومنزله في بني حجر ، قال : حدثنا ، عن علقمة بن مرثد ، عن ابن بريدة قال : أبيه أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة ، وألحد له ، ونصب عليه اللبن نصبا .
[ ص: 264 ]
2839 - وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : أنبأنا ، عن عبد الرحيم بن سليمان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، قال : المغيرة بن شعبة كنت فيمن حفر قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سوي عليه لحده ألفيت شيئا في القبر ، فنزلت فوضعت يدي على اللحد ، فأنا آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم .
2840 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : سمعت أبي يحدث عن أبيه محمد بن إسحاق إسحاق بن يسار ، عن قال : عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه معتمرا في زمن علي بن أبي طالب عثمان رضي الله عنه ، فلما قدم مكة نزل على أم هانئ بنت أبي طالب ، فلما فرغ من طوافه وحلق رأسه دخل عليه رهط من أهل العراق ، فقالوا : إن يحدث أنه آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كذب ، آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة قثم بن عباس . خرجت مع عمي
[ ص: 265 ]
2841 - وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا ، عن أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن نافع رضي الله عنهما قال : ابن عمر ولأبي بكر ولعمر رضي الله عنهما لحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
2842 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن عبد الله بن نافع ، عن عاصم بن عمر ، عن عبد الله بن دينار رضي الله عنهما ، قال : ابن عمر ولأبي بكر ، ولعمر رضي الله عنهما لحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، .
قال : فدل ما ذكرنا على أن الشق غير منهي عنه ، وإن كان اللحد أفضل منه لاختيار الله - عز وجل - إياه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قد كان مثل ذلك أبو جعفر لأهل بدر أن الله عتبهم مما اختاره لهم من اللحد على الشق .
[ ص: 266 ]
2843 - كما حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا شجاع بن الوليد زياد بن خيثمة ، قال : حدثني ، عن إسماعيل السدي ، عن عكرمة قال : ابن عباس العباس ، وعلي ، رضي الله عنهم ، وسوى لحده والفضل ، رجل من الأنصار هو الذي سوى لحود قبور الشهداء يوم بدر . دخل قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة :
وقد روي عن حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم موافق لحديث ابن عباس جرير في اللحد والشق .
2844 - وهو ما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا ، قال : سمعت حكام بن سلم الرازي علي بن عبد الأعلى يذكر عن أبيه ، عن ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس اللحد لنا والشق لغيرنا .
[ ص: 267 ] وقد زعم بعض أهل العلم بالأسانيد أن عبد الأعلى صاحب هذا الحديث الذي حدث به عنه ابنه ، هو عبد الأعلى بن أبي جميلة ، فإن كان كذلك فمقداره في العلم جليل .
وقد روي عن في الشق ما قد حدثنا أبي الدرداء فهد بن سليمان ، وهارون بن كامل جميعا قالا : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير أنه سئل عن الشق في القبر ، فلم ير به بأسا أبي الدرداء .
[ ص: 268 ] ففيما قد رويناه عن في هذا ما قد وافق ما ذهبنا إليه في هذا الباب من الشق في هذا الحديث من إباحته ، وإن كان اللحد أفضل منه ، والله نسأله التوفيق . أبي الدرداء