[ ص: 168 ] 239 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكافر الذي قد كان في أصحابه ، فنذر رجل منهم إن قدر عليه أن يقتله ، فحال بينه وبين ذلك إسلامه ، فلم يقتله لذلك
1513 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي الصائغ حفص بن عمر الجدي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد أبو غالب ، عن قال : { أنس غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان رجل من الكفار أشد الناس على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن أمكنه الله منه ليضربن عنقه . قال : فأظفر الله المسلمين بهم ، فكانوا يجيئون بهم أسرى ، فيبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جيء بذلك الرجل ، فكف النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعته ليفي الرجل بنذره ، وكره الرجل أن يقوم فيضرب عنقه قدام النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم لا يصنع شيئا بايعه ، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : كيف أصنع يا رسول الله بنذري ؟ قال : قد كففت عنه لتفي بنذرك ، فلم تصنع شيئا ، فقال : يا رسول الله ، لولا أومضت إلي ؟ قال : ما كان لنبي أن يومض } .
[ ص: 169 ] قال : ففي هذا الحديث ما قد دل أن الذي كان من الرجل المذكور فيه لئن أمكنه الله منه ليضربن عنقه كان على النذر ، وأن ذلك فاته منه بإسلامه ، فلم يف بنذره ، فدل ذلك على أن النذور بالأشياء من هذا الجنس يقطع عن الوفاء بها مثل الذي قطع بذلك الناذر عن الوفاء بنذره من ذلك الكافر بإسلامه . أبو جعفر
فقال قائل : أفيكون عليه مع ذلك كفارة إذا لم يف بنذره .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل ، أن عليه كفارة لفوت الوفاء بنذره إياه بمنع الشريعة إياه من الوفاء بذلك .
وفي ذلك ما قد [ ص: 170 ] دل أن المنع بالشريعة كالمنع بالعدم ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما ذكرنا .
1514 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، عن حفص بن غياث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن القاسم بن محمد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { عائشة من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله عز وجل فلا يعصه } .
قال وسمعت حفص ابن مجبر وهو عند عبيد الله ، فذكره ، عن ، عن القاسم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . وقال فيه : عائشة يكفر يمينه .
[ ص: 171 ] قال : وهذا الحديث في الحقيقة لم يسمعه عبيد الله بن عمر من أبو جعفر القاسم ، وإنما أخذه ، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم ، عن . عائشة
1515 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن عدي الكوفي ، عن عبد الله بن إدريس ، عن عبيد الله بن عمر طلحة بن عبد الملك ، عن ، عن القاسم بن محمد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عائشة من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله عز وجل فلا يعصه } .
فعقلنا بذلك أن بين عبيد الله وبين القاسم في هذا الحديث طلحة بن عبد الملك ، والذي أتينا بهذا الحديث من أجله ما فيه من رواية ابن مجبر ، عن القاسم ، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بذكر الكفارة ، عائشة ، وابن مجبر هذا رجل من آل عمر رضي الله عنه جليل المقدار .
[ ص: 172 ] وقد روى عنه رضي الله عنه ، وله ابن يتكلم في حديثه ، قد روى عنه المتأخرون ، وإذا كان من نذر أن يعصي الله عز وجل مأمورا بالكفارة مما تمنعه منه الشريعة كان من نذر ما تطلقه له الشريعة ، ثم منعته منه الشريعة بعد ذلك بالكفارة عن نذره الذي عجز عن الوفاء به أولى والله الموفق . مالك بن أنس