[ ص: 51 ] 730 - باب بيان مشكل ما روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأخريين من الصلوات التي تزيد على ركعتين ، هل القراءة في توكيدهما فيهما كهي في الركعتين الأوليين ، أو بخلاف ذلك ، وهل لمصليهما ترك القراءة فيهما بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ؟
قال : قد روينا في الباب الذي قبل هذا الباب قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأخريين من الصلوات المذكورة في تلك الآثار ، أنه قدر نصف القراءة في الركعتين الأوليين ، وأنه في الركعتين الأخريين من صلاة الظهر قدر خمس عشرة آية ، وهو سبع آيات ونصف آية ، وفي الركعتين الأخريين من العصر نصف ما كان من قراءته في الركعتين الأوليين منها ، وهي خمس عشرة آية ، وفي الأخريين منها نصف ذلك ، وهي سبع آيات ونصف آية ، ففي ذلك ما قد دل على أنه قد كان يقرأ في الركعتين الأخريين من الظهر وفي الركعتين الأخريين من العصر زيادة على فاتحة الكتاب ، التي هي سبع آيات لا غير . أبو جعفر
[ ص: 52 ] وقد وجدنا أهل العلم مختلفين في الركعتين الأخريين من هاتين الصلاتين : فبعضهم يقول : إن شاء المصلي قرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب ، وزاد عليها ما سوى ذلك من القرآن ، مما معناه معنى الدعاء ، وإن شاء سبح فيهما ولم يقرأ فيهما بشيء من القرآن ، وممن كان يقول ذلك منهم أبو حنيفة والثوري وأصحابهما . وقائلون منهم يقولون : لا بد من قراءة فاتحة الكتاب فيهما ، ولا يزاد عليها شيء ، وهذا قول فقهاء الحجاز . وقد روي عن وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في ذلك ما قد . عائشة
حدثنا محمد بن أحمد بن خزيمة أبو معمر ، قال : أخبرنا ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، أخبرنا عبد الرزاق بن همام ، عن معمر ، قال : حدثني الزهري عبيد الله بن أبي رافع ، قال : - رضي الله عنه - يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بأم القرآن وسورة ، ولا يقرأ في الأخريين بشيء ، قال علي : وكان الزهري يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بأم القرآن وسورة ، وفي الأخريين بأم القرآن ، قال جابر بن عبد الله : والقوم يقتدون بإمامهم الزهري . كان
[ ص: 53 ]
وما قد حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ذكوان عائشة . أنها كانت تقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وتقول : إنما هما دعاء
قال : فأردنا أن ننظر في ذلك لنعلم من أبو جعفر عاصم هذا : هل هو عاصم بن عبيد الله ، فلا نجعل حديثه حجة لما يتكلم به أهل الأسانيد فيه ، أو هل هو فنجعله حجة . ؟ عاصم بن أبي النجود
فوجدنا ابن أبي مريم قد حدثنا قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن ذكوان رضي [ ص: 54 ] الله عنها ، قال : عائشة . كانت تقرأ أو تأمر بفاتحة الكتاب في الأخريين
فعقلنا بذلك : أن عاصما هذا هو ابن أبي النجود لا ابن عبيد الله ، وعقلنا أن رضي الله عنها كانت تقرؤها دعاء ، لا كما تقرأ ما سواها من القرآن في الصلاة في سوى تينك الركعتين . عائشة
ثم نظرنا : هل روي في ذلك شيء عن غير عائشة وعلي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .
فوجدنا قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس أن ابن وهب حدثه ، عن مالكا أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن أخبره أنه سمع عبادة بن نسي قيس بن الحارث يقول أخبرني ، أبو عبد الله الصنابحي المدينة في خلافة - رضي الله عنه - وصلى خلف أبي بكر الصديق أبي بكر المغرب ، فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة ، سورة من قصار المفصل ، ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى كاد أن تمس ثيابي ثيابه ، فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . أنه قدم
[ ص: 55 ]
ووجدنا قد حدثنا : قال عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا الوليد بن مسلم الأوزاعي قالا : حدثنا ومالك أبو عبيد ، حدثني ، عن عبادة بن نسي قيس بن الحارث ، ثم ذكر مثله ، قال : عبادة وهو يقول عمر بن عبد العزيز لقيس وسأل عن هذا الحديث فحدث به ، قال عمر : ما تركتها منذ سمعتك تحدث به ، وإن كنت قبل ذلك لعلى غيره ، قلت : وما هو يا أمير المؤمنين ، قال : كنت أقرأ : قل هو الله أحد . فحضرت
ووجدنا علي بن شيبة قد حدثنا ، قال : حدثنا ، أخبرنا يزيد بن هارون ، عن عبد الله بن عون ، عن رجاء بن حيوة ، عن محمود بن الربيع ، قال : الصنابحي - رضي الله عنه - المغرب ، فدنوت منه حتى مست ثيابي ثيابه ، أو كادت فقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، وقرأ في الركعة الأخيرة بفاتحة الكتاب ، [ ص: 56 ] وقال : أبي بكر الصديق ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إلى قوله : الوهاب ، ثم كبر وركع ، قال صليت خلف يزيد : وأخبرني ، عن محمد بن راشد ، قال : والله ما كانت قراءة ، ولكنها كانت دعاء . مكحول
ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمرو ، حدثنا أبو نعيم عاصم بن رجاء بن حيوة الكندي ، عن ، عن عبادة بن نسي ، ولم يذكر بينهما أحدا ثم ذكر مثل حديثه الذي ذكرناه عنه في هذا الباب . الصنابحي
ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود خطاب بن عثمان ، قال : حدثنا ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عبادة بن نسي ، ولم يذكر بينهما أحدا ، وقال : عن أبي عبد الرحمن أبي عبد الرحمن ولم يقل ، عن أبي عبد الله ، ثم ذكر مثله .
[ ص: 57 ] وكان في هذا الحديث ، ما قد شد ما ذهب إليه الذين قالوا : إن القراءة في الركعتين الأخريين إنما هو دعاء وتسبيح لا كالقراءة في الركعتين الأوليين من الصلوات ، وهذا مما لم يقله من قاله رأيا ولا استنباطا ولا استخراجا ، إذ كان مثله لا يقال بالرأي ولا بالاستنباط والاستخراج ، وإنما يقال بالتوقيف ، وما كانت هذه سبيله لم يصلح خلافه ، ولا القول بغيره ، وقد كان يذهب إلى هذا القول أيضا . إبراهيم النخعي
كما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن منصور ، قال : إبراهيم التسبيح أحب إلي في الركعتين الأخريين .
وكذلك كان يقول في ذلك . الثوري
[ ص: 58 ]
كما حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا ، عن أبو النضر ، عن الأشجعي . سفيان
وأصحابه : فكانوا يذهبون إلى أن القراءة فيهما أحب إليهم من التسبيح فيهما أبو حنيفة ، والله الموفق . فأما