[ ص: 195 ] 35 - باب بيان مشكل ما روي عن حكيم بن حزام من قوله : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أخر إلا قائما
204 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا سعيد بن عامر الضبعي ، عن سعيد ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك قال : { حكيم بن حزام بايعت رسول الله عليه السلام على أن لا أخر إلا قائما } .
فاختلف الناس في تأويل هذا الحديث ، فقال قوم : معناه على أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يكون سجوده إلا خرورا من قيامه ، لتكون صلاته لا شيء فيها مما قد روي عن { رسول الله عليه السلام أنه إذا كان من مصليها فيها شيء لم ينظر الله إلى صلاته } .
205 - وهو ما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، حدثني شعبة ، قال : سمعت سليمان الأعمش عمارة بن عمير ، عن ، [ ص: 196 ] عن أبي معمر أن النبي عليه السلام قال : { أبي مسعود لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود } .
206 - وما قد حدثنا ، حدثنا عبد الملك بن مروان ، عن الفريابي ، عن سفيان ، عن الأعمش عمارة ، عن ، عن أبي معمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي مسعود الأنصاري لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه ، إذا رفع رأسه من الركوع والسجود } .
قال : فأخبر حكيم في حديثه هذا أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن تكون صلاتهم الصلاة التي علمهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا الصلاة التي يكرهها الله منهم ، ولا ينظر إليها .
وقال آخرون : الخرور هنا أريد به الخرور بالموت من حال القيام ، ومن حال القعود إلى الأرض التي يخر إليها من القيام ، ومن القعود ، فأخبر أن ما بايع عليه رسول الله عليه السلام لا يموت إلا وهو قائم عليه ، وهو الإسلام يريد بقيامه ذلك القيام الذي هو العزم كما قال الله تعالى في أهل الكتاب : ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ، أي : بالمطالبة لديه ، وطلب أخذه منه .
[ ص: 197 ] وقال آخرون : كانت مبايعته رسول الله عليه السلام على الموت ، وهي أشرف البيعات ، وهو الذي لا يجوز أن يبايع عليه غير رسول الله عليه السلام ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معصوما غير موهوم منه زوال الحال التي بها ثبتت بيعته على مبايعته ، وغيره ليس كذلك . فمما روي مما بويع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك .
207 - ما قد حدثناه ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ، حدثنا وهيب بن خالد عمرو بن يحيى المازني ، عن عباد بن تميم قال : فقال : هاذاك عبد الله بن زيد ابن حنظلة يبايع الناس على الموت ، فقال : لا أبايع أحدا على هذا بعد رسول الله عليه السلام . لما كان زمن الحرة جاء رجل إلى
[ ص: 198 ] فكان ما أخبر به حكيم في حديثه مما بايع عليه رسول الله عليه السلام هذه البيعة التي هي أشرف البيعات ، والتي لا تجوز إلا لرسول الله عليه السلام ، وكل هذه الأصول التي تأول عليها حديث حكيم هذا محتملة أن يكون ما تأولت عليه هو الذي أراده حكيم ، والله أعلم ما كان أراد منها ، ومما سواها مما قد يحتمل أن يكون عليه .