[ ص: 201 ] 108 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام فيما كان أمر به الذين ذكروا له من بني سليم أن صاحبا لهم أوجب في العتاق لذلك
733 - حدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، عن أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم ، عن ابن المبارك ، عن إبراهيم بن أبي عبلة الغريف بن عياش ، عن قال : واثلة بن الأسقع بني سليم فقالوا : إن صاحبا لنا أوجب قال : فليعتق رقبة يفدي الله بكل عضو منه عضوا منه من النار أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من .
[ ص: 202 ]
734 - حدثنا ، حدثنا يوسف بن يزيد المعلى بن الوليد القعقاعي ، حدثنا هانئ بن عبد الرحمن ، حدثني عمي قال : أدركت رجالا من أصحاب النبي عليه السلام رأيت منهم رجلين كلمت أحدهما ، ولم أكلم الآخر ، أخبرنا إبراهيم بن أبي عبلة العقيلي أبو أبي بن أم حرام الأنصاري وكان ممن شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم القبلتين ورأيت عليه كساء خز أغبر ، ورأيت ، ولم أكلمه ، فقام إليه واثلة بن الأسقع الغريف بن الديلمي حتى جلس إليه فلما قام من عنده لقيته فقلت : ما حدثك ؟ فقال : حدثني { بني سليم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقالوا : يا رسول الله إن صاحبا لنا قد أوجب يعني النار ، فقال : مروه فليعتق رقبة يكفر الله بكل عضو منه عضوا منه من النار أن نفرا من } .
[ ص: 203 ]
735 - حدثنا فهد ، حدثنا ، حدثني أبو مسهر ، حدثني يحيى بن حمزة ، حدثني إبراهيم بن أبي عبلة الغريف بن عياش بن فيروز الديلمي : { أن ، حدثه قال : واثلة بن الأسقع بني سليم فقالوا : يا رسول الله إن صاحبا لنا قد أوجب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليعتق رقبة يفك الله تعالى منها بكل عضو منها عضوا منه من النار خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فجاء ناس من } .
736 - حدثنا الليث بن عبدة بن محمد ، حدثنا ، حدثنا محمد بن أسد الخشي ، حدثني الوليد بن مسلم عبد الرحمن بن حسان الفلسطيني الكناني عمن سمع ، واثلة واثلة وقال : المصاحف تجددون النظر فيها بكرا [ ص: 204 ] وعشيا ، وإنكم تهمون وتزيدون وتنقصون ثم قال : { جاء ناس رسول الله عليه السلام فقالوا : يا رسول الله إن صاحبنا هذا أوجب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مروه فليعتق رقبة فإن الله يعتق بكل عضو من المعتق عضوا منه وسألوه أن يحدثهم بحديث لا وهم فيه ولا نقصان ، فغضب } .
737 - قال وأقول : حدثنا الوليد مالك بن أنس وغيره ، عن أنه حدثهم ، عن إبراهيم بن أبي عبلة عبد الله بن الديلمي ، عن بنحو منه ، ففي هذه الآثار أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين سألوه عما سألوه عنه فيها أمرهم أن يأمروا صاحبهم بالذي ذكروه له فيها أن يعتق عن نفسه رقبة لتكون فكاكه من النار . واثلة
وقد رويت هذه الآثار بغير هذه الألفاظ .
738 - كما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، عن ضمرة قال : سمعته يذكر { عن إبراهيم بن أبي عبلة الغريف بن الديلمي قال : فقلنا له : حدثنا بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه زيادة ولا نقصان ، فغضب وقال : إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص ، قلنا : إنما أردنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه أحد : قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا [ ص: 205 ] قد أوجب يعني النار بالقتل ، فقال : أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار واثلة أتينا } .
739 - حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي عبد الله بن سالم ، حدثني قال : كنت جالسا إبراهيم بن أبي عبلة بأريحا ، فمر بي واثلة متوكئا على عبد الله بن الديلمي فأجلسه ثم جاء إلي فقال : عجب ما حدثني الشيخ يعني قلنا : ما حدثك ؟ قال : { واثلة بني سليم ، فقالوا : يا رسول الله إن صاحبا لنا قد أوجب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتاه نفر من } .
فكان في هذين الأثرين غير ما في الآثار الأول ؛ لأن الذي فيهما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين سألوه أن يعتقوا عن صاحبهم رقبة ففي ظاهر [ ص: 206 ] ذلك مراده عتاقهم إياها عنه ، وإن ذلك يكون فكاكا له من النار ، ولم يذكر فيها أن يكون ذلك منهم عنه بأمره فظاهرهما أن عتاقهم إياها عنه بلا أمره يكون فكاكا له من النار ، كما يكون عتاقهم إياها عن نفسه فكاكا له من النار .
ووجدنا كتاب الله تعالى قد دفع مثل هذا المعنى عن ذوي الذنوب ، وهو قوله تعالى في الجزاء عن كفارة الصيد المقتول في الإحرام في سورة المائدة على ما ذكره فيها ، ثم أعقبه بقوله : ليذوق وبال أمره فأخبر أنه جعل الكفارة في قتل الصيد في الإحرام على قاتله ليذوق وبال قتله ، فمثل ذلك في كل كفارة عن ذنب إنما يراد بها ذوق المذنب وبالها ، وفي ذلك ما يمنع تكفير غيره عنه في ذلك بعتاق عنه أو بغيره .
ثم التمسنا ما في هذين من هذا المعنى : هل نقدر على تصحيح معناه على معاني الآثار التي ذكرناها في الفصل الأول من هذا الكتاب .
فوجدنا جميع الآثار التي رويناها في هذا الباب ينقسم قسمين ؛ أحدهما : { مروه فليعتق رقبة } وكان رواتها كذلك ، عن إبراهيم بن أبي عبلة صاحب هذا الحديث أربعة رجال وهم : مالك وابن المبارك ويحيى بن حمزة وهانئ بن عبد الرحمن ، والقسم الآخر : { أعتقوا عنه رقبة } وكان من روى ذلك عن إبراهيم رجلان وهما : عبد الله بن سالم وضمرة بن ربيعة ، وكان أربعة أولى بالحفظ من اثنين لا سيما وفي الأربعة : مالك وابن المبارك وهما في الثبت وفي الحفظ على ما هما عليه أولى من ابن سالم ومن ضمرة ، فإن وجب حمل هذا الباب على ما رواه ذو الأكثر في العدد والضبط في الرواية كان ما رواه أصحاب الفصل الأول وهو : مروه فليعتق رقبة أولى مما رواه [ ص: 207 ] اللذان رويا في الفصل الثاني مما يخالفه وهو : أعتقوا عنه ، وإن وجب حمله على ما يستقيم في اللغة ، فإن اللغة العربية تطلق في من أعتقه واحد من قبيلة أن يقال : إن تلك القبيلة أعتقته فيقولون : أعتقته خزاعة لعتاق رجل من خزاعة إياه ، ويقولون : أعتقته سليم لعتاق رجل من بني سليم إياه ، فكان منطلق لرواة هذا الحديث أيضا أن يقولوا حكاية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان فيه : مروه فليعتق رقبة ، وأن يقولوا حكاية عنه : أعتقوا عنه رقبة بأمركم إياه وحثكم له على عتاق رقبة ، عن نفسه يضاف عتاقها إليكم وإليه جميعا ، فتعود بذلك معاني ما في هذين الفصلين إلى معنى واحد ، وهو عتاق الرجل الذي كان منه ذلك الذنب عن نفسه الرقبة التي تكون كفارة لذنبه ، وفكاكا له من النار منه ، وبالله التوفيق .