[ ص: 277 ] 260 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { أنت ومالك لأبيك }
1598 - حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي الحيري جميعا ، قالا : حدثنا وإبراهيم بن أبي داود الأسدي ، قال : حدثنا عبد الله بن يوسف التنيسي ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق ، عن ابن المنكدر ، جابر بن عبد الله أن { رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن لي مالا وعيالا ، وإن لأبي مالا وعيالا ، وإنه يريد أن يأخذ مالي إلى ماله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت ومالك لأبيك } .
[ ص: 278 ] [ ص: 279 ] فسألت أبا جعفر محمد بن العباس ، عن المراد بهذا الحديث ، فقال : المراد به موجود فيه ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : { أنت ومالك لأبيك } فجمع فيه الابن ومال الابن فجعلهما لأبيه فلم يكن جعله إياهما لأبيه على ملك أبيه إياه ، ولكن على أن لا يخرج ، عن قول أبيه فيه فمثل ذلك قوله مالك لأبيك ليس على معنى تمليكه إياه ماله ، ولكن على معنى أن لا يخرج عن قوله فيه .
وسألت ابن أبي عمران عنه ، فقال قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : أنت ومالك لأبيك كقول أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا ومالي لك يا رسول الله ، لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما نفعني مال ، ما نفعني مال أبي بكر ، يعني بذلك .
1599 - ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ابن سعيد بن الأصبهاني ، قال : حدثنا ، عن أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة أبي بكر . قال : فقال أبو بكر رضي الله عنه : إنما أنا [ ص: 280 ] ومالي لك يا رسول الله ما نفعني مال قط ، ما نفعني مال .
فكان مراد أبي بكر رضي الله عنه بقوله هذا أي : أن أقوالك وأفعالك نافذة في وفي مالي ما تنفذ الأقوال والأفعال من مالكي الأشياء في الأشياء ، فمثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله المذكور في هذا الحديث وهو على هذا المعنى والله أعلم .
وقد جاء كتاب الله تعالى بما كشف لنا عن المشكل في هذا الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يوجب انتفاء ملك الأب عما يملك الابن . قال الله : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فكان ما يملكه الابن من الإماء حلالا له وطؤهن وحراما على أبيه وطؤهن . فدل ذلك على أن ملكه فيهن ملك تام صحيح ، وأن أباه فيهن بخلاف ذلك .
وقد قال عز وجل في آية المواريث : ولأبويه لكل واحد منهما السدس ، فجعل لأمه نصيبا في ماله بموته ، ومحال أن تستحق بموت ابنها جزءا من مال لأبيه دونه ، ثم قال عز وجل : من بعد وصية يوصي بها أو دين فاستحال أن يجب [ ص: 281 ] قضاء ما عليه من دين من مال لأبيه دونه أو تجوز وصية منه في مال لأبيه دونه ، قال : وفيما ذكرت من هذا ما قد دل على ما وصفته فيه .
قال : وكان هذان الجوابان من هذين الشيخين سديدين ، كل واحد منهما شاد لصاحبه ، والله نسأله التوفيق . أبو جعفر