[ ص: 537 ] 792 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمامته في الليلة التي أسري به فيها إلى بيت المقدس ، هل كانت لكل الأنبياء - صلوات الله عليهم - أو لبعضهم دون بعض ؟
5008 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، وحدثنا شيبان بن فروخ محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، ثم قال كل واحد منهما : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد ، يعني : ابن سلمة أبي حمزة ، قال ابن خزيمة في حديثه : الأعور ، عن ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ابن مسعود بيت المقدس ، قال : ثم مضينا إلى بيت المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء صلوات الله عليهم ، ثم دخلت المسجد ، وتشرف بي الأنبياء صلوات الله عليهم من سمى الله - عز وجل - في كتابه ، ومن لم يسم ، فصليت بهم إلا هؤلاء النفر ، عيسى وموسى وإبرهيم صلى الله عليهم في حديث ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم البراق لما أسري به إلى .
[ ص: 538 ] ففي هذا الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أم الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم من سمى الله - عز وجل - في كتابه ومن لم يسم فيه إلا أولئك النفر المستثنين في هذا الحديث ، وهم عيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله عليهم ، وقد روي عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامته بهم جميعا بغير مستثنين منهم من استثني في حديث أنس بن مالك . ابن مسعود
5009 - كما حدثنا ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن أنس بن مالك بيت المقدس في الليلة التي أسري به إليه فيها ، بعث له آدم صلى الله عليه وسلم ، ومن دونه من الأنبياء ، وأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء .
[ ص: 539 ]
5010 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أنس بن مالك بيت المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت ، ثم خرجت أتيت بالبراق ، وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته فسار بي حتى أتينا .
ففي حديث الأول من حديثيه هذين : أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت في أنس بن مالك بيت المقدس ، أم فيها الأنبياء الذين أمهم فيها ، وفي حديثه الثاني منهما : أنه صلى فيه بغير ذكر فيه إمامة لمن ذكر إمامته فيه في حديثه الأول ، وقد روي عن في ذلك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما في الحديث الأول من حديثي أبي هريرة أنس هذين .
5011 - كما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود شجاع بن [ ص: 540 ] أشرس ، قال : حدثنا ، عن عبد العزيز ، يعني : ابن عبد الله الماجشون عبد الله بن الفضل ، عن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء به إلى أبي هريرة بيت المقدس ، قال : موسى عليه السلام قائم يصلي رجل ضرب جعد ، كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم قائما يصلي ، أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم صلى الله عليه وسلم قائم يصلي أقرب من رأيت به شبها صاحبكم ، يعني : نفسه ، صلى الله عليهما ، فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة ، قال قائل : يا محمد هذا مالك خازن النار ، يسلم عليك ، فالتفت إليه ، فنادى بالسلام ولقد رأيتني في جماعة من الأنبياء - صلوات الله عليهم - فإذا .
فكان فيما رويناه من حديثي أنس إثبات إمامة رسول الله في ليلتئذ جميع الأنبياء ، وفي حديث وأبي هريرة الذي ذكرناه قبله استثناء الثلاثة النفر المستثنين منهم ، فنظرنا في ذلك وفي الموضع الذي منه جاء هذا الاختلاف فيما نرى ، والله أعلم أن في حديث ابن مسعود الذي رويناه مما لم نذكره فيما رويناه فيه زيادة على ما [ ص: 541 ] رويناه منه فيما تقدم منا في هذا الباب ، واحتجنا إلى ذكره هاهنا بتلك الزيادة . ابن مسعود
5012 - كما حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان . شيبان بن فروخ
وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، ثم اجتمعا ، فقال كل واحد منهما : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة أبي حمزة ، عن ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ابن مسعود بيت المقدس ، قال : فأتيت يعني : في طريقه إليه على رجل ، وهو قائم يصلي ، قال : من هذا معك يا جبريل ، قال : أخوك محمد ، فرحب ودعا بالبركة ، فقال : سل لأمتك اليسر ، فقلت : من هذا ، فقال : هذا أخوك عيسى صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم سرنا فأتينا على رجل ، فقال : من هذا معك يا جبريل ، فقال : هذا أخوك محمد ، فرحب ودعا بالبركة ، فقال : سل لأمتك اليسر ، فقلت : من هذا يا جبريل ، فقال : هذا أخوك موسى صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم سرنا فرأينا مصابيح وضوءا فقلت : من هذا يا جبريل ، قال : هذه شجرة أبيك إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، ادن منها ، قلت : نعم ، فدنونا منها فدعا لي بالبركة ورحب بي ، ثم مضينا إلى بيت المقدس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به إلى .
قال : ففي هذا الحديث ، لقاؤه صلى الله عليه وسلم كان للثلاثة المستثنين من الأنبياء الذين أمهم في الحديث الأول ، وهم هؤلاء الثلاثة المسمون في حديثه هذا ، فاحتمل أن يكون الاستثناء الذي في حديثه الأول كان [ ص: 542 ] لذلك ، وأن يكون ذلك الاستثناء من أبو جعفر لما وقف من لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم دون ابن مسعود بيت المقدس ، فأخرجهم بذلك من أن يكونوا صلوا معه في بيت المقدس لا أنه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان ما روى أنس وأبو هريرة فيه إثبات إمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلتئذ هناك جميع الأنبياء فيهم هؤلاء الثلاثة ، إذ كان قد يجوز أن يكون هؤلاء الثلاثة بعد مروره بهم في طريقه إلى بيت المقدس لحقوا به إلى بيت المقدس ، فأمهم مع من أمه من أنبياء الله صلوات الله عليهم سواهم ، وقد روي عن أيضا في ذلك ما يدل على هذا المعنى . أنس بن مالك
5013 - كما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة سليمان التيمي ، عن وثابت البناني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أنس بن مالك موسى صلى الله عليه وسلم عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره أتيت على .
فكان في هذا الحديث ، وقوف على مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك بموسى صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى بيت المقدس ، وهو قائم يصلي في قبره ، ولم يمنع ذلك عنده أن يكون قد لحق بيت المقدس ، فأمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه مع من أمه فيه من الأنبياء سواه ، صلوات الله عليه وعليهم .
[ ص: 543 ] وقد روي عن دفعه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ليلتئذ في حذيفة بن اليمان بيت المقدس .
5014 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : حذيفة بن اليمان وجبريل صلى الله عليهما ، حتى أتينا بيت المقدس ، ففتحت أبواب السماء ، فرأى الجنة والنار .
قال حذيفة : ولم يصل في بيت المقدس ، قلت : بل صلى ، قال حذيفة : ما اسمك يا أصلع ، فإني أعرف وجهك ولا أعرف اسمك ، قال : قلت : أنا ، قال : وما يدريك أنه قد صلى فيه ، قال : قلت : يقول الله - عز وجل : زر بن حبيش سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ، قال : فهل تجده صلى قلت : لا ، قال : إنه لو كان صلى فيه لصليتم فيه كما تصلون في المسجد الحرام ، قال : فقيل له : إنه ربط الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ، صلى الله عليهم ، قال حذيفة : أو كان يخاف أن يذهب ، وقد أتاه الله - عز وجل - بها أتيت بالبراق ، وهو دابة طويل أبيض ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، فلم يزايل ظهره هو ؟
[ ص: 544 ] قال : وكان ما رويناه ، عن أبو جعفر ابن مسعود وأنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إثبات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك أولى من نفي وأبي هريرة حذيفة أن يكون صلى هناك ; لأن إثبات الأشياء أولى من نفيها ، ولأن الذي قاله حذيفة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان صلى هناك لوجب على أمته أن يأتوا ذلك المكان ويصلوا فيه كما فعل صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك مما لا حجة لحذيفة فيه ، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يأتي مواضع ، ويصلي فيها لم يكتب علينا إتيانها ، ولا الصلوات فيها ، بل قد نهى عن تتبع تلك المواضع والصلوات فيها . عمر بن الخطاب
كما حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب . جرير بن حازم
وكما حدثنا ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أبي وشعيب بن الليث ، عن ، عن الليث بن سعد ، عن جرير بن حازم ، قال : حدثني الأعمش ، قال : معرور بن سويد الأسدي - رضي الله عنه - فلما انصرف إلى عمر بن الخطاب المدينة انصرفت معه ، فصلى لنا صلاة الغداة ، فقرأ فيها : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل .
[ ص: 545 ] و لإيلاف قريش ، ثم رأى أناسا يذهبون مذهبا ، فقال : أين يذهبون هؤلاء ؟ قالوا : يأتون مسجدا هاهنا صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إنما أهلك من كان قبلكم بأشباه هذا يتبعون آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا ، من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله فليصل فيها ولا يتعمدنها . وافيت الموسم مع أمير المؤمنين
وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عمر بن حفص ، عن أبي ، عن الأعمش ، ثم ذكر مثله . المعرور بن سويد
ففي هذا الحديث ، عن عمر - رضي الله عنه - ما قد وقفنا به على أن المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه المواضع لم يجب على أمته إتيانها ، ولا الصلاة فيها لإتيان رسول الله إياها ولصلاته فيها ، فمثل ذلك أيضا صلاته في بيت المقدس على ما في أحاديث ابن مسعود وأنس لا يجب به إتيان الناس هناك ، ولا الصلاة فيه ، وأبين من هذا أنه لا مسجد أجل مقدارا ولا أكثر ثوابا من الصلاة فيه بعد وأبي هريرة المسجد الحرام من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتب على الناس إتيانه ولا الصلاة فيه كما كتب عليهم ما كتب من مثل ذلك في المسجد الحرام ، وفيما ذكرنا في هذا ما قد دل على رتبة عمر رضي [ ص: 546 ] الله عنه ، في العلم أنها فوق رتبة من سواه - رضوان الله عليه - وعلى سائر أصحابه .
وأما ما ذكرناه أيضا ، عن حذيفة - رضي الله عنه - من دفعه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ربط البراق ليلتئذ على ما في حديثه الذي رويناه عنه في ذلك ، فإن ما روينا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إثبات ذلك أولى مما روينا ، عن حذيفة في نفيه ، ولأنه ليس كل مسخر لمعنى ينطاع لذلك المعنى ، قد سخر الله - عز وجل - لنا الدواب أن نركبها ونحن نعاني في ركوبها وفي الوصول إلى ذلك ما نعانيه فيهما ، وسخر لنا من بهيمة الأنعام ما سخره لنا منها ، ونحن لا نصل إلى ذلك منها بانطياعها لنا به ، وببذلها إياه لنا من أنفسها ، وإذا كان ذلك كذلك فيها كان مثل ذلك تسخير الله - عز وجل - البراق لنبيه صلى الله عليه وسلم غير مستنكر منه فيه رباطه إياه ، المروي عنه في الأحاديث التي روي عنه ذلك فيها ، والله نسأله التوفيق .
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء الثاني عشر من " شرح مشكل الآثار " .
ويليه الجزء الثالث عشر ، وأوله :
باب بيان مشكل ما روي عن في المكان الذي نزلت فيه سعيد بن جبير واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا بما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .
.