[ ص: 121 ] 169 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة التي سماها خداجا ما هي ؟ وما حكمها في ذلك ؟ هل هو فسادها ووجوب إعادتها ؟ أو ما سوى ذلك ؟
1087 - حدثنا قال : سمعت حسين بن نصر قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا محمد بن إسحاق يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عباد قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : عائشة كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج .
1088 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق [ ص: 122 ] قال : حدثنا حبان بن هلال قال : أخبرنا يزيد بن زريع ثم ذكر بإسناده مثله . محمد بن إسحاق
1089 - حدثنا قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى أن ابن وهب حدثه عن مالكا أنه سمع العلاء بن عبد الرحمن أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول : سمعت يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبا هريرة من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج ، غير تمام .
1090 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق وهب بن جرير قالا : حدثنا وسعيد بن عامر ، عن شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن ، أبيه ، عن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله . أبي هريرة
[ ص: 123 ]
1091 - حدثنا قال : حدثنا ابن أبي داود قال : أخبرنا ابن أبي مريم ، عن أبو غسان ، عن العلاء أبيه ، عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله . أبي هريرة
قال : فأردنا أن ننظر في الخداج ما هو ؟ فنظرنا في ذلك فوجدناه النقصان في الخلق ، ووجدناه النقصان في مدة الحمل فيقال لمن كان ناقصا في خلقه أو ناقصا في مدة الحمل به : إنه خداج ، ويقال بذلك : إنه مخدج . ومنه قيل لذي الثدية : المخدج . أبو جعفر
[ ص: 124 ] ثم وجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سمى صلاة أخرى خداجا لمعنى غير المعنى الذي سمى به هذه الصلاة خداجا .
1092 - كما حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي قال : حدثنا ، عن حجاج بن محمد قال : سمعت شعبة يحدث ، عن ابن سعيد يعني عبد ربه بن سعيد أنس بن أبي أنس من أهل مصر ، عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ، عن عبد الله بن الحارث المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الصلاة مثنى مثنى ، وتشهد في كل ركعتين ، وتباءس وتمسكن ، وتقنع بيديك وتقول : اللهم اللهم ! فمن لم يفعل ذلك فهي خداج .
[ ص: 125 ]
1093 - وكما حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، عن شعبة ، عن عبد ربه بن سعيد أنس بن أبي أنس ، عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ، عن عبد الله بن الحارث المطلب بن أبي وداعة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .
1094 - وكما حدثنا أبو قرة محمد بن حميد بن هشام الرعيني قال : حدثنا قال : حدثني عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن عبد ربه بن سعيد عمران بن أبي أنس ، عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ، عن ربيعة بن الحارث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله غير أنه قال : الفضل بن عباس . فمن لم يفعل ذلك فهي خداج
1095 - وكما حدثنا قال : أخبرنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا سويد بن نصر بن سويد ، عن عبد الله يعني ابن المبارك قال : حدثني ليث ، عن عبد ربه بن سعيد عمران بن أبي أنس ، عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ، [ ص: 126 ] عن ربيعة بن الحارث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله غير أنه قال : الفضل بن العباس وتقنع بيديك . يقول : ترفعها إلى ربك عز وجل مستقبلا ببطونهما وجهك ، وتقول : يا رب يا رب ! فمن لم يفعل ذلك كذا وكذا ، يعني فهي خداج .
1096 - وكما حدثنا يونس بن عبد الأعلى ومالك بن عبد الله بن سيف التجيبي قالا : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي قال : حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن عبد ربه بن سعيد عمران بن أبي أنس ، عن عبد الله بن نافع بن العمياء ، عن ، عن ربيعة بن الحارث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ذكر مثل حديث الفضل بن عباس أبي قرة ، عن عبد الله بن صالح سواء .
قال : ولما وقع هذا الاختلاف في إسناد هذا الحديث كما ذكرنا ، ووجدناه إنما يدور على أبو جعفر ، ثم الذين اختلفوا عنه فيه هم عبد ربه بن سعيد شعبة والليث وابن لهيعة ، فيقول فيه : [ ص: 127 ] عن شعبة أنس بن أبي أنس ، ويقول الليث وابن لهيعة فيه مكان ذلك : عن عمران بن أبي أنس . فكان معقولا في ذلك أنه كما قال الليث وابن لهيعة فيه لا كما قال فيه ؛ لأن شعبة عمران بن أبي أنس رجل معروف ، قد رويت عنه أحاديث سوى هذا الحديث ، ولأن أنس بن أبي أنس لا يعرف لا سيما وقد رد بعض رواة هذا الحديث ابن أبي أنس هذا إلى أنه من أهل مصر . فعقلنا بذلك أن أهل مصر بنسبه أعلم به من غيرهم .
ثم وجدناهم بعد ذلك مختلفين في الرجل الذي يحدث عنه عبد الله بن نافع بن العمياء فيقول : إنه شعبة عبد الله بن الحارث ، وإن الذي يحدثه عنه عبد الله بن الحارث هو المطلب . ويقول مكان ذلك الليث وابن لهيعة : عن ربيعة بن الحارث مكان عبد الله بن الحارث في حديث ، وعن شعبة الفضل بن العباس مكان المطلب في حديث . شعبة
فتأملنا ذلك فوجدنا ربيعة بن الحارث هو ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، ويكنى أبا أروى . وكانت وفاته في خلافة عمر رضي الله عنه بالمدينة ، وكان أسن من عمه بسنتين ، وله ابن قد روى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . العباس بن عبد المطلب
1097 - ما قد حدثنا قال : حدثنا يزيد بن سنان الحسن بن عمر بن شقيق قال : حدثنا ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث ، قال : المطلب بن ربيعة العباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 128 ] وهو مغضب فقال : ما شأنك يا عم رسول الله ؟ فقال : ما لنا ولقريش؟ قال : ما لك ولهم ، خيرا ! قال : يلقى بعضنا بعضا بوجوه مشرقة ، فإذا لقونا لقونا بغير ذلك . قال : فغضب حتى استدر عرق بين عينيه ، فلما أسفر عنه قال : والذي نفس محمد بيده ، لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولرسوله ، ثم قال : ما بال رجال يؤذوني في العباس ؟ إن عم الرجل صنو أبيه ! جاء
[ ص: 129 ] قال : أبو جعفر والمطلب بن ربيعة هذا هو صاحب حديث الصدقات الذي .
1098 - حدثناه قال : حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، عن جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس أن الزهري حدثه أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب حدثه قال : عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا : لو بعثنا هذين الغلامين لي وللفضل بن العباس على الصدقة ، فأديا ما يؤدي الناس وأصابا ما يصيب الناس اجتمع ، ثم ذكر الحديث .
[ ص: 130 ] واحتجنا إلى ذكر هذا منه ؛ لنقف على المطلب بن ربيعة من هو ؟ فكان في هذا الحديث ذكره بعبد المطلب ، وكان في حديث ذكره يزيد بن سنان بالمطلب ، فكأنه كان سمي بعبد المطلب في الجاهلية ، ثم رد في الإسلام إلى المطلب .
قال : فعقلنا بذلك أنه محال أن يكون أبو جعفر عبد الله بن نافع بن العمياء لقي ربيعة بن الحارث ، وكان موهوما أن يكون قد لقي عبد الله بن الحارث ، وكان محالا أن يكون ربيعة بن الحارث يروي [ ص: 131 ] عن الفضل بن عباس الذي سنه فوق سن أبيه فكان الصحيح فيما اختلف فيه شعبة والليث وابن لهيعة في إسناد هذا الحديث فيما بعد عبد الله بن نافع بن العمياء كما قال فيه ، والله أعلم . شعبة
وفي هذا الحديث وفي الحديث الذي قبله الذي ذكرناه في أول هذا الباب وصف تينك الصلاتين أنهما خداج ، فقال قوم : إن من صلى ولم يقرأ في صلاته في كل ركعة منها فاتحة الكتاب لم تجزه ، وجعلوا التقصير الذي دخلها حتى عادت خداجا يبطلها .
وقد خالفهم في ذلك قوم منهم وأصحابه ، فجعلوها جازية مخدجة بترك مصليها فاتحة الكتاب فيها ، وذهبوا إلى أن الخداج لا يذهب به الشيء الذي يسمى به ، إنما ينقص به فالصلاة التي ذكرنا لما وجب نقصانها لم تكن معدومة ، ولكنها موجودة ناقصة ، وليس كل من نقصت صلاته بمعنى تركه منها يجب به فسادها قد رأيناه بتركه إتمام ركوعها وإتمام سجودها فيكون ذلك نقصا منها ، ولا تكون به فاسدة يجب إعادتها فلا ينكر أن يكون بترك قراءة فاتحة الكتاب فيها ناقصة نقصانا لا يجب معه إعادتها . أبو حنيفة
وقد وجدنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قد دل على ذلك وهو ما .
1099 - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي قال : حدثنا ( ح ) . وما حدثنا الفريابي قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، وما حدثنا بكر بن بكار قال : حدثنا ربيع المرادي . قالوا جميعا : حدثنا أسد ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق أرقم بن شرحبيل قال : من ابن عباس المدينة إلى الشام ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مرض مرضه الذي مات فيه كان في بيت ، فقال : ادع لي عائشة عليا ! فقالت : ألا ندعو لك أبا بكر ؟ قال : ادعوه . فقالت [ ص: 132 ] : ألا ندعو لك حفصة عمر ؟ قال : ادعوه . فقالت : ألا ندعو لك أم الفضل العباس عمك ؟ قال : ادعوه .
فلما حضروا رفع رأسه ، ثم قال : ليصل للناس أبو بكر ، فتقدم أبو بكر يصلي بالناس . ووجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة ، فخرج يهادى بين رجلين ، فلما أحسه أبو بكر سبحوا ، فذهب أبو بكر يتأخر ، فأشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانك . فاستتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث انتهى أبو بكر من القراءة ، وأبو بكر قائم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس . فائتم أبو بكر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وائتم الناس بأبي بكر سافرت مع .
[ ص: 133 ] قال : ففي هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استتم من حيث انتهى أبو جعفر أبو بكر إليه من القراءة ، فلم يخل ذلك من أحد وجهين : أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل في القراءة وقد قرأ أبو بكر فاتحة الكتاب أو قد قرأ بعضها ، فلم يقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتحة الكتاب ولا شيئا منها ، وكانت صلاته تلك قد أجزته بذلك ، فكان في ذلك دليل أن ترك قراءة فاتحة الكتاب أو بعضها لا تفسد به الصلاة ، كما يقول الذين يقولون ذلك .
وكان تصحيح هذا الحديث والحديث الأول لا يختلفان أن قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة لا ينبغي تركها ، وأنها لا يفسد تركها كما قال آخرون حتى يتفق الحديثان ولا يختلفان .
ثم وجدنا أهل المقالة الأولى الذين يفسدون الصلاة بترك قراءة فاتحة الكتاب يسوون في ذلك بين الإمام والمأموم جميعا ، وقد وجدناهم جميعا لا يختلفون فيمن دخل في صلاة الإمام وهو راكع فكبر لدخوله فيها ، ثم كبر لركوعه فركع ولم يقرأ فاتحة الكتاب لخوف فوت الركعة إياه إن قرأها أن يعتد بتلك الركعة ، فدل ذلك على أن قراءة فاتحة الكتاب قد تجزئ الصلاة دونها .
فإن قالوا : إنما كان ذلك لضرورة إلى ذلك فإن مخالفهم في ذلك يقول لهم : وهل تسقط الضرورة فرضا ؟ قد وجدنا هذا الداخل في هذه الصلاة عند هذه الضرورة لو ركع ، ولم يقم قبلها قومة - أن صلاته لا تجزئه ، وأنه لا بد له من قومة قبل الركوع لها وإن قلت ، فلو كانت قراءة فاتحة الكتاب كذلك لم يكن بد له من قراءتها ، وكانت الضرورة غير دافعة عنه فرضها كما لم تدفع عنه فرض القيام الذي ذكرناه . وفي ذلك دليل على ما وصفناه .وبالله التوفيق .