[ ص: 303 ] 452 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : من بدل دينه فاقتلوه .
2864 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة ، قال : حدثنا ، قال : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي
حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : أنبأنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ( ح ) . أيوب
وحدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب عكرمة عليا رضي الله عنه أتي بقوم زنادقة ، أو ارتدوا عن الإسلام ، ووجدوا معهم كتبا ، فأمر بنار فأججت فألقاهم وكتبهم ، فبلغ ذلك ، فقال : لو أني كنت أنا لقتلتهم ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أحرقهم ؛ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه ولا تعذبوا بعذاب الله ابن عباس أن .
[ ص: 304 ]
2865 - وحدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، سعيد بن أبي عروبة ، عن وسفيان ، عن أيوب ، عن عكرمة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس من بدل دينه فاقتلوه .
2866 - وحدثنا ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حماد بن زيد ، وحدثنا وسفيان بن عيينة ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا بندار كلهم عن عبد الوهاب ، عن أيوب عن عكرمة رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس من بدل دينه فاقتلوه .
[ ص: 305 ]
2867 - حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل ، قال : حدثنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن أيوب ، قال : عكرمة قوم أحرقهم ابن عباس علي ، فقال : لو كنت لقتلتهم ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه ، ولم أكن لأحرقهم بالنار ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يعذب بعذاب الله أحد ، فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه ، فكأنه لم يشتهه ذكر عند .
2868 - وحدثنا ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمود بن غيلان ، قال : أنبأنا محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، عن إسماعيل ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . ابن عباس
قال : فذهب ذاهبون إلى أن من ارتد عن الإسلام وجب قتله ، رجع إلى الإسلام أو لم يرجع إليه ، وجعلوا ارتداده موجبا عليه القتل حدا لما كان منه ، قالوا : كما أن الزاني لا ترفع عنه توبته [ ص: 306 ] حد الزنا . أبو جعفر
وكما أن السارق لا ترفع عنه توبته حد السرقة ، كان مثل ذلك المرتد ، لا ترفع عنه توبته حد ردته ، وهو القتل ، فكان من حجتنا عليهم في ذلك لمخالفتهم فيه أنا وجدنا الله - عز وجل - أمرنا بإقامة حد الزنى على الزاني ، وبإقامة حد السرقة على السارق ، فقال عز وجل في كتابه : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ، وقال : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ، فكان اسم الزنى غير مفارق للزاني ، وإن ترك الزنى ، وكذلك اسم السارق لازم للسارق ، وإن زال عن السرقة وتركها .
ووجدنا المرتد قد صار بردته كافرا ، وكان إذا زال عن الردة إلى الإسلام لا يجوز أن يقال له : كافر ؛ لأنه إنما كان يجوز أن يسمى بالكفر لما كان كافرا ، فلما خرج عن الكفر وصار مسلما لم يجز أن يقال له : كافرا ؛ لأنه لا يجوز مع ذلك أن يسمى مسلما ، فاستحال أن يسمى في حال واحدة كافرا مسلما ، وقد قال الله - عز وجل - : إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا ، فأثبت لهم عز وجل الإيمان بعد كفرهم الذي كان منهم ارتداد عن الإيمان ، ولما كان ما ذكرنا كذلك ، كان معقولا أن من لزمه اسم معنى من هذه المعاني ، ولم يزل عنه ذلك الاسم كان من أهله ، ووجب أن تقام عليه عقوبته ، وإن من كان من أهلها في حال ، فزال عنه الاسم الذي يسمى به أهلها ، زالت عنه العقوبة الواجبة على أهل ذلك الاسم ، وقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوجب على الراجع من الردة [ ص: 307 ] من الاسم ما ذكرنا من رفع القتل عنه بذلك .
2869 - وهو ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا ، عن علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة رضي الله عنهما قال : ابن عباس بمكة ، ثم ندم ، فأرسل إلى قومه : سلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة ؟ قال : فأنزل الله عز وجل : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق - إلى قوله - إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ، فكتبوا بها إليه فاسترجع فأسلم ارتد رجل من الأنصار ، فلحق .
قال : فقال أهل المقالة الأولى : فقد وجدنا في كتاب الله - عز وجل - ما يدل على ما ذكرنا ، وهو قوله جل وعز : أبو جعفر إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ، فأخبر عز وجل أنه من أشرك بالله عز وجل حرمه الجنة ، ولم يذكر عز وجل أن رجوعه عن شركه يخرجه من ذلك حتى يعود إلى أن يكون من أهل الجنة .
[ ص: 308 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه قد يجوز أن يكون أراد بذلك الشرك الذي يكون من أهله حتى يموت على ذلك ، كما قال - عز وجل - في الآية الأخرى : ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، الآية ، فبين - عز وجل - في هذه الآية أنه أراد بالوعيد الذي فيها من يموت على ردته لا من يرجع منها إلى الإسلام ، الذي كان من أهله قبل ذلك ، فمثل ذلك قوله - عز وجل - : إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ، هو الشرك الذي يموت عليه لا الشرك الذي ينزع عنه ، ويرجع إلى الإسلام حتى يموت عليه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .