[ ص: 84 ] 612 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المراد بقول الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما .
3935 - حدثنا نصر بن مرزوق وإبراهيم بن أبي داود وهارون بن كامل قالوا حدثنا ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل ، قال : قال ابن شهاب عروة : رضي الله عنها فقلت : أرأيت قول الله عز وجل عائشة إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فقلت : والله ما على أحد جناح أن لا يطوف بين الصفا والمروة قالت : بئس ما قلت يا ابن أختي ، إن هذه الآية لو كانت على ما أولتها عليه كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، وإنها إنما أنزلت في عائشة الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل ، وكان من [ ص: 85 ] أهل لها يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة ، فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك أنزل الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بهما سألت .
قال فأخبرت ابن شهاب بالذي حدثني أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عروة من ذلك عن ، فقال عائشة أبو بكر : إن هذا العلم ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يزعمون أن الناس إلا من ذكرت ممن كان يهل لمناة الطاغية كانوا يطوفون كلهم عائشة بالصفا والمروة ، فلما ذكر الله عز وجل الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة قالوا : هل علينا يا رسول الله من حرج في أن نطوف بالصفا والمروة ، فأنزل الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، قال أبو بكر : فأسمع هذه الآية أنزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون في الجاهلية أن يطوفوا بالصفا والمروة ، والذين كانوا يطوفون في الجاهلية بين الصفا والمروة ، ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله عز وجل أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة مع الطواف بالبيت حين ذكره .
[ ص: 86 ] [ ص: 87 ]
3936 - حدثنا فهد وهارون جميعا ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، قال : قال ، ثم ذكر مثله بإسناده . ابن شهاب
3937 - وحدثنا عبيد بن رجال ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن صالح ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، ثم ذكر مثله بإسناده . الزهري
3938 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة . أبيه
عن عائشة الأنصار : يا رسول الله إنا إذا كنا أحرمنا في الجاهلية لم يحل لنا في ديننا أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله عز وجل : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما أن مناة كانت على ساحل البحر وحولها الفروث والدماء [ ص: 88 ] يذبح بها المشركون فقالت ، قال عروة : أما أنا فما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة ، قالت : لم يا ابن أختي قال : لأن الله عز وجل يقول عائشة فلا جناح عليه أن يطوف بهما قالت : لو كانت كما تقول لكان : فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، قالت عائشة : وما تمت حجة أحد ولا عمرته لم يطف بين عائشة الصفا والمروة .
[ ص: 89 ] قال : ففي هذه الآثار أن السبب الذي فيه نزلت فيه هذه الآية هو لتحرج أبو جعفر الأنصار من الطواف بين الصفا والمروة للسبب المذكور في هذا الحديث وأن الله عز وجل أنزل هذه الآية فأعلمهم بها أن لا جناح عليهم في الطواف بينهما فأعلمهم فيها أنهما من شعائر الله عز وجل ، وقد ذكر شعائره في غيرها قوله عز وجل ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ، وقد كان في حديث هشام ، عن عروة ، عن من قولها : ولعمري ما تمت حجة أحد ولا عمرته لم يطف بين عائشة الصفا والمروة ومثل هذا لا يقال بالرأي ، فعقلنا بذلك أنها لم تقله إلا توقيفا والتوقيف لا يكون إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال قائل : أما ما حكيتموه عن من قولها عائشة لعروة لو كانت كما تقول لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، وقد كان عبد الله بن عباس يقرؤها كذلك .
وذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد حجاج بن إبراهيم ، قال : حدثنا ، عن عيسى بن يونس ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، [ ص: 90 ] عن عطاء ابن عباس . أنه كان يقرأ : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما )
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الذي في حديث من التلاوة قد يجوز أن يكون معناه يرجع إلى ما في حديث ابن عباس منها ، ويكون قوله عز وجل أن لا يطوف بهما في قراءة عائشة على الصلة كما قال عز وجل : ابن عباس لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء ، بمعنى ليعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء ، وكما قال عز وجل وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون بمعنى أنهم يرجعون ، وكقوله عز وجل ما منعك ألا تسجد بمعنى ما منعك أن تسجد ، فيكون مثل ذلك إن كانت القراءة كما روي عن فيها أن لا يطوف بهما بمعنى أن يطوف بهما على ما في قراءة غيره وهي القراءة التي قامت بها الحجة التي تضمنتها مصاحفنا . ابن عباس
[ ص: 91 ] وقد روي عن في تلاوة هذا الحرف مثل الذي روي فيه عن أنس بن مالك . عائشة
3939 - كما حدثنا ، قال : حدثنا بكار ( ح ) وكما حدثنا مؤمل أبو شريح وابن أبي مريم ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي . سفيان
عن قال : عاصم ، عن أنس بن مالك الصفا والمروة قال : كانتا من مشاعر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما سألت " ، وهما تطوع .
3940 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا عارم ، قال : حدثنا ثابت أبو زيد ، ثم ذكر مثله . عاصم
[ ص: 92 ]
3941 - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا حجاج بن إبراهيم ، قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة . عاصم بن سليمان
قال : أكنتم تكرهون الطواف بين لأنس بن مالك الصفا والمروة حتى نزلت إن الصفا والمروة من شعائر الله قال نعم كانتا من شعائر الجاهلية فكنا نكره الطواف بهما حتى نزلت هذه الآية قلت .
وكان ما في حديث أنس من ذكر الطواف بينهما أنه تطوع مما لم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد يجوز أن يكون ذلك رأيا رآه وقد خالفته في ذلك فروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سن الطواف بهما في الحج والعمرة جميعا وقالت هي : ما تمت حجة أحد ولا عمرته لم [ ص: 93 ] يطف بين الصفا والمروة ، فكان ذلك عندنا أولى من قول أنس لا سيما وفقهاء الأمصار عليه لا يختلفون فيه ولم يقولوا ذلك كابرا عن كابر إلا بما وجب أن يقولوه به وكان ما خالف ما هم عليه من ذلك مما لا معنى له ولا يصلح القول به ، والله عز وجل نسأله التوفيق . عائشة