[ ص: 260 ] 117 - باب بيان مشكل ما روي عنه في أمره في حجه بالقيام على بدنه وبما أمره به في ذلك وخاطبه به فيه علي بن أبي طالب
789 - حدثنا ، حدثنا يونس ، عن سفيان ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن { عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال : علي أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقيم على بدنه وأن أقسم جلودها وجلالها وأمرني أن لا أعطي الجازر منها شيئا ، وقال : نحن نعطيه من عندنا } .
[ ص: 261 ] فاحتمل أن يكون عبد الكريم الذي روي هذا الحديث عنه هو عبد الكريم بن مالك الجزري ، وهو حجة عند أهل الحديث في الحديث .
واحتمل أن يكون هو عبد الكريم أبو أمية وليس عندهم بحجة في الحديث ، فكشفنا عن ذلك لنقف على حقيقته .
790 - حدثنا بن يونس ، حدثنا معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد ، عن { ابن أبي ليلى قال : علي بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجزار الذي يجزر بدنه فأمرني أن أتصدق بأجلتهن ولحومهن وجلودهن ولا أعطيه من ذلك شيئا ، وقال : أنا أعطيه من غير ذلك } .
[ ص: 262 ]
791 - حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا سيف بن أبي سليمان ، حدثني مجاهد ، حدثنا { ابن أبي ليلى قال : علي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدنه بلحومها فقسمته وأمرني بجلالها فقسمتها وأمرني بجلودها فقسمتها } .
792 - حدثنا ، حدثنا يزيد ، حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن { ابن أبي ليلى قال : علي بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على البدن } ، ثم ذكر نحوه .
793 - حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد ، عن سعيد بن سالم ، أخبرني ابن جريج حسن بن مسلم أن أخبره أن مجاهدا { أخبره أن ابن أبي ليلى أخبره عليا أن نبي الله أمره أن يقوم على بدنه وأمره أن يقسم بدنه كلها بلحومها وجلالها وجلودها في المساكين ، ولا يعطي في [ ص: 263 ] جزارتها منها شيئا } قلت للحسن : هل سمى فيمن يقسم بينهم ذلك ؟ قال : لا .
وفي هذا الحديث بيان منع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا من إعطاء الجزار منها شيئا أنه كان في جزارته إياها التي يستحقها ، وأن ذلك لم يرد به أن لا يعطيه إن كان مسكينا منها كما يعطي من سواه من المساكين منها .
794 - وحدثنا الحسن بن بكر المروزي ، حدثنا ، أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا إسرائيل ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى قال : { علي أبي جهل مزموم ببرة فضة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستين منها ، يعني [ ص: 264 ] نحرها بيده وأعطى عليا أربعين ، وقال : تصدق بجلالها ولا تعط الجزار منها شيئا أهدى رسول الله عليه السلام مائة بدنة فيها جمل } .
فسأل سائل عن ما في هذه الآثار من الفوائد من وجوه الفقه .
فكان جوابنا له : أن فيها ثمان فوائد من ذلك الجنس فمنها : أن النبي عليه السلام قد كان من حكمه في بدنه أن يولي غيره نحرها عنه فيكون ذلك النحر الذي يتولاه مأموره بذلك نحرا مخالطا لنيته بغير نية من رسول الله عليه السلام مخالطة له ، وقد كان عليه السلام لو تولى نحرها بنفسه احتاج أن تكون نيته لما يريدها له مخالطة لنحره إياها ، وغني عن ذلك يعود هذا المعنى بمثله من مأموره ، وهذا باب جليل المقدار من الفقه .
وفيه أيضا أمره عليا بالصدقة بأجلة بدنه وخطمها وفي ذلك ما قد دل أن ما أريد للبدن من جلال وخطام يرجع إلى حكمها ويمتثل فيه ما يمتثل فيها من هذا المعنى .
[ ص: 265 ] وفيه أيضا إجازته لعلي استئجار من ينحرها بأجرة تكون إما في ذمته ، وإما في ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست بعينها ، وأنه جائز له في ذلك ملك عمل بغير عينه على الجزار بأجرة بغير عينها يملكها الجزاز على جزارته ، ومخالفته بين ذلك وبين العقود في البياعات على الأشياء التي ليست بأعيان بأبدال التي ليست بأعيان ، ورده ذلك في العقود في البياعات إلى الكالئ بالكالئ الذي نهى عنه عليه السلام .
795 - كما حدثنا بكار قالا : حدثنا وابن مرزوق ، عن أبو عاصم موسى بن عبيدة الربذي ، عن ، عن عبد الله بن دينار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك . ابن عمر
[ ص: 266 ] وهو الدين بالدين ، واحتمل أهل الحديث هذا الحديث من رواية موسى بن عبيدة وإن كان فيها ما فيها ، وهذا باب جليل أيضا من الفقه .
وفيه أيضا { أن البدن قد كان له فيما نحر عنه منها ولعلي فيما نحر منها عنه أن يأكلا من لحومها وقد فعلا ذلك فأكلا من لحومها } .
796 - كما قد حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد ، حدثنا حاتم ، عن جعفر قال : دخلنا على أبيه فحدثنا { جابر بن عبد الله عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجته في يوم النحر انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ، وأعطى } .
[ ص: 267 ] وفيه أيضا إجازته عليه السلام الشركة في الهدايا ، وفيه أيضا إباحته الأكل منها .
وفيه ما قد دل على أن الأجرة فيما يستأجره الرجل لغيره تجب على الوكيل الذي تولى الإجارة لا على الموكل الذي توليت له الإجارة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خاطب عليا أن لا يعطيه عن أجرته من لحوم البدن شيئا ولو كان ذلك ليس على علي لغني عن نهيه إياه ، عن ذلك لأنه غير مطلوب به ؛ ولأن الأجرة ليست عليه ، وإنما هي على موكله بما تولاه مما يستحق فيه الأجرة ، وفيه أيضا إجازته استعمال الفضة في البرة للهدايا وأن ذلك بخلاف استعمالها في الأكل فيها وفي الشرب فيها ، والله نسأل التوفيق .