[ ص: 160 ] 237 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { لا يقتل قرشي بعد اليوم صبرا }
1507 - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي ، قال : قال الشعبي عبد الله بن مطيع : سمعت مطيعا يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يقول : { لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة } .
1508 - حدثنا ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي ، قال : حدثنا محمد بن منصور الطوسي - قال : حدثنا يعقوب - يعني : ابن إبراهيم بن سعد ، عن أبي ، قال : حدثني ابن إسحاق ، عن شعبة عبد الله بن أبي السفر ، عن ، عن الشعبي عبد الله بن مطيع بن الأسود ، عن أبيه - وكان اسمه العاصي فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعا - قال : [ ص: 161 ] بمكة يقول : { لا تغزى مكة بعد هذا العام أبدا ولا يقتل رجل من قريش صبرا بعد العام سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل هؤلاء الرهط } .
قال : فكان هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يذكر لنا فيه من روى لنا هذا الحديث لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم به معربا ، وذلك مما يقع فيه الإشكال ؛ لأنه إن كان لا يقتل أبو جعفر بالحرم كان ذلك على الأمر ، وفي ذلك خلاف لأحكام الله عز وجل المذكورة في غير هذا الحديث ؛ لأن أحكام الله عز وجل أن القرشي يقتل قودا إذا قتل عمدا ، وأنه يرجم إذا زنى محصنا ، وحاش لله عز وجل أن يكون لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الحرف يخرج من هذه الأحكام ، ولكنه عندنا - والله أعلم - لا يقتل مرفوعا ، فيكون ذلك على الخبر كمثل ما قد ذكرناه في ما تقدم منا في كتابنا هذا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين } ، وأتينا في ذلك بما يوجب أنه على الخبر لا على الأمر ، فغنينا بذلك عن إعادته هاهنا .
[ ص: 162 ] فقال قائل : فقد رأينا من لا يحصى عدده من قريش قد قتلوا في الإسلام صبرا ، ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خلف لقوله .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه ، أن مراده صلى الله عليه وسلم بقوله : { لا يقتل قرشي بعد العام صبرا } ، إنما هو أنه لا يقتل بعد ذلك العام قرشي صبرا على ما أباح من قتل الأربعة القرشيين المذكورين في حديث سعد عليه عامئذ ؛ لأنه كان قتلا على محاربة ، قتل من قتل منهم فيها على الكفر ، وذلك بحمد الله ، لم يكن من عامئذ في قرشي بعد ذلك العام عاد كافرا محاربا لله ورسوله في دار كفر إلى يومنا هذا ، ولا يكون ذلك إلى يوم القيامة ؛ لأن الله عز وجل لا يخلف وعده رسله .
ومما قد دل على ما قلنا من ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث في مكة .
1509 - كما قد حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا حامد بن يحيى ، قال : حدثنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي الحارث بن البرصاء ، قال : مكة بعد هذا اليوم أبدا } سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة : { لا تغزى . قال سفيان : تفسيره [ ص: 163 ] أنهم لا يكفرون أبدا ، ولا يغزون على الكفر .
قال : وكذلك معنى لا يقتل قرشي بعد العام صبرا إنما يراد به هذا المعنى أنهم لا يعودون كفارا يغزون حتى يقتلوا على الكفر ، كما لا تعود أبو جعفر مكة دار كفر تغزى عليه وبالله عز وجل التوفيق .