[ ص: 71 ] 485 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير حديث في لحوم الخيل من كراهة ومن إباحة جابر بن عبد الله
3065 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الحميري ، قال : حدثنا ، قال : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس الثعلبي الكوفي المعروف بالسوسي ، قال : حدثنا ، عن أبو معاوية الضرير ، عن امرأته هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها ، قالت : أسماء ابنة أبي بكر انتحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه .
قال : ففي هذا الحديث إخبار أبو جعفر أسماء بما أخبرت به فيه [ ص: 72 ] مما كان منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي ذلك حجة لمن أباح لحوم الخيل في إباحته أكلها .
وقد روي عن خالد بن الوليد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن أكلها .
3066 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي الجيزي ( ح ) وكما حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي أبو زرعة يزيد بن عبد ربه قالوا : حدثنا وخالد بن خلي ، عن بقية بن الوليد ، عن ثور بن يزيد صالح بن يحيى بن المقدام ، عن أبيه ، عن ، عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير .
[ ص: 73 ] ففي هذا الحديث النهي عن أكل لحوم الخيل ، فأما أكثر الآثار المروية في لحوم الخيل والصحيح منها ، ما روي في إباحة أكل لحومها مما قد رويناه في هذا الباب ، ومما قد رويناه في الباب الذي قبله من كتابنا هذا .
وإن رجعنا إلى ما يوجبه النظر في ذلك ، كان هو النهي عن أكل لحومها ، وذلك أنا وجدنا الأنعام المباح أكل لحومها ذوات أخفاف وذوات أظلاف ، ووجدنا الحمر الأهلية المنهي عن أكل لحومها ، والبغال المنهي عن أكل لحومها ذوات حوافر ، وكانت الخيل المختلف في أكل لحومها ذوات حوافر ، فكانت ذوات الحوافر المختلف في أكل لحومها بذوات الحوافر المنهي عن أكل لحومها أشبه منها بذوات الأخفاف وذوات الأظلاف المباح أكل لحومها .
وقد كان أبو حنيفة يذهبان إلى هذا القول . ومالك بن أنس
كما قد حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد محمد بن الحسن ، قال : حدثنا ، عن يعقوب ، قال : أبي حنيفة . أكره أكل لحم الفرس
وكما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، قال : مالك بن أنس والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة وقال تبارك وتعالى في الأنعام : لتركبوا منها ومنها تأكلون ، وقال تبارك وتعالى : ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .
قال مالك : فذكر الله عز وجل الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة ، وذكر الأنعام للركوب والأكل منها ، قال مالك : وذلك الأمر عندنا .
[ ص: 75 ] فأما أبو يوسف ومحمد بن الحسن ، فكانا يذهبان في ذلك إلى إباحة أكل لحومها . أحسن ما سمعت في الخيل [ ص: 74 ] والبغال والحمير أنها لا تؤكل ؛ لأن الله عز وجل قال :
كما قد حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا علي محمد ، فذكر ما قد حكيناه عنه أيضا .
فتأملنا ما حكي عن مالك مما احتج به في كراهية لحوم الخيل من أن الله عز وجل إنما خلقها للركوب والزينة ، هل ذلك مما يمنع أكل لحومها أم لا ؟ فوجدنا الله عز وجل قد قال في كتابه : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ، فلم يكن ذلك مانعا من أن يكون أيضا قد خلقهم لغير ذلك ، إذ كان الله عز وجل قد قال : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، فعقلنا بذلك أنهم مخلوقون لما ذكر خلقه إياهم في كل واحدة من هاتين الآيتين .
ولما كان ذلك كذلك ، كان مثله قوله جل وعز : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة لا يمنع أن يكون خلقها لذلك ، ولما سواه مما أباحه من أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم من إطعامه الناس لحومها .
ومثل ذلك ما قد وجدناه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدل على هذا المعنى أيضا .
3067 - كما قد حدثنا ، قال : أنبأنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، قال : حدثني ابن شهاب سعيد بن المسيب [ ص: 76 ] أنهما سمعا وأبو سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هريرة وأبو بكر وعمر بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها ، التفتت إليه البقرة ، فقالت : إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث ، فقال الناس : سبحان الله تعجبا ، وفزعوا : بقرة تتكلم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني أؤمن به .
قال : فكان في هذا الحديث الإخبار من البقرة التي أنطقها الله عز وجل بما أنطقها به ، ليكون ذلك منها مما يؤمن به المؤمنون ، وكان الذي نطقت به حقا ، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صدق [ ص: 77 ] وآمن به ، وأخبر أن أبو جعفر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يؤمنان به ، ولما كان ذلك كذلك وكانت مخلوقة لما خلقت له في هذا الحديث مخلوقة مع ذلك لأكل لحومها لما ذكره الله عز وجل مما تلاه مالك رحمه الله في الأنعام المأكولة ، كان مثل ذلك الخيل ، فهي مخلوقة لما ذكرت له في الآية التي تلاها فيه من الركوب والزينة ، ومخلوقة لما سوى ذلك من أكل لحومها التي أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه .
وليس ما قد روينا من حديث خالد بن الوليد مما يعارض به ما رويناه في ضده عن في الباب الذي قبل هذا الباب ، والله نسأله التوفيق . جابر بن عبد الله