[ ص: 237 ] 252 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { ما قطع من حي فهو ميت } .
1572 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا علي بن الجعد عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار قال : { أبي واقد الليثي المدينة والناس يجبون أسنام الإبل ويقطعون أليات الغنم ، فقال : ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة قدم النبي صلى الله عليه وسلم } .
[ ص: 238 ]
1573 - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن حسان سليمان بن بلال ومسور بن الصلت ، عن ، عن زيد بن أسلم ، قال عطاء بن يسار المسور : عن ، { أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ، عن جباب أسنمة الإبل وأليات الغنم ، فقال : ما قطع من حي فهو ميت } .
[ ص: 239 ] فقال قائل : فكيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه ما يوجب أن ما قطع من البهيمة من شعر أو صوف وهي حية أنه ميت ، وكتاب الله عز وجل يدفع ذلك ، قال الله : والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ، فأعلمنا الله عز وجل أنه قد جعل لنا الأصواف والأوبار والأشعار متاعا ، فكيف يجوز أن تكون ميتة وقد جعلها الله لنا متاعا ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن الذي في الحديثين اللذين رويناهما في هذا الباب لا يخالف ما في الآية التي تلوناها فيه ؛ لأن الذي في ذينك الحديثين إنما هو على أسنام الإبل [ ص: 240 ] وعلى أليات الغنم المقطوعة منها وهي أحياء مما لو ماتت قبل ذلك ماتت تلك الأشياء بموتها ، والشعر والصوف والأوبار ليست كذلك ؛ لأنها لا تموت بموتها ، ولأن الأسنمة والأليات ترى فيها صفات الموت بموت من هي منه من فسادها وتغير روائحها ، والصوف والشعر والأوبار ليست كذلك ؛ لأن ذلك كله معدوم فيها ، فما كان مما يحدث صفات الموت فيه بحدوثه فيما هو منه ومن الأسنمة ومن الأليات ، فله حكم ما في هذين الحديثين ، وما لا يحدث فيه من صفات الموت بموت ما هو كائن فيه كان خارجا من ذلك وداخلا في الآية التي تلونا .
وقد دل على ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
1574 - مما قد حدثنا ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أنه قال : { عبد الله بن عباس لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فهلا انتفعتم بجلدها ؟ فقالوا : يا رسول الله ، إنها ميتة . قال : إنما حرم أكلها مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد كان أعطاها مولاة } .
1575 - ومما حدثنا أيضا ، قال : حدثنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، ثم ذكر بإسناده مثله . ابن شهاب
[ ص: 241 ]
1576 - وما قد حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا نصر ، عن عبد الأعلى ، عن معمر ثم ذكر بإسناده مثله ، إلا أنه قال : الزهري إنما حرم لحمها .
قال : فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، أن الذي حرم من الشاة بموتها إنما هو المأكول منها ، فدل ذلك أن ما سوى المأكول منها لما لم يحرم منها باق بعد موتها على ما كان عليه قبل موتها ، فكان فيما ذكرنا ما قد دل على معنى الحديثين الأولين وعلى ما يحرم بالموت من الحيوان وعلى ما لا يحرم بالموت منها ، وأن ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديثين الذين روينا غير خارج من الآية التي تلونا ، والله نسأله التوفيق . أبو جعفر