[ ص: 95 ] 13 - باب بيان ما أشكل علينا مما رويناه عن النبي عليه السلام من قوله : { وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأدنى فالأدنى ، وإن كانت امرأة }
100 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن عبد الحكم ، عن بشر بن بكر ، حدثني الأوزاعي حصن ، عن قال : حدثتني أبي سلمة : أن رسول الله عليه السلام قال : { عائشة على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول ، وإن كانت امرأة } .
101 - حدثنا ، حدثنا أبو زرعة النصري الدمشقي ، حدثنا محمد بن المبارك وهو الصوري ، عن الوليد بن مسلم ، حدثني الأوزاعي حصن ، عن ، عن أبي سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عائشة وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول ، وإن كانت امرأة } .
سمعت يقول : وحدثني أبا زرعة - [ ص: 96 ] بهذا الحديث أيضا ، عن سليمان - يعني : ابن عبد الرحمن ، وزاد فيه قال : قال الوليد بن مسلم : الأوزاعي . ليس لنساء عفو
102 - وحدثنا محمد بن سنان الشيزري ، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا ، ثم ذكر بإسناده مثله ، ولم يذكر ما حكاه لنا الوليد بن مسلم أبو زرعة عن سليمان في حديثه عن في عفو النساء . الأوزاعي
قال : وقد كنا سألنا غير واحد من شيوخنا عن تأويل هذا الحديث ، فأما أبو جعفر ، فكان جوابه لنا في ذلك أن قال : قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الفريابي - يعني محمد بن يوسف - : سألت عن تأويل هذا الحديث فقال : لا أدري ما هو ؟ قال الأوزاعي محمد بن عبد الله : فإذا كان الذي روى هذا الحديث لا يدري ما تأويله ، كنا نحن بأن لا ندري ما تأويله أولى .
وأما فقال : تأويله عندي والله أعلم أنه في المقتتلين من أهل القبلة على التأويل ، فإن البصائر ربما أدركت بعضهم فيحتاج من أدركته منهم إلى الانصراف من مقامه المذموم إلى المقام المحمود ، فإذا لم يجد طريقا يمر إليه فيه بقي في مكانه الأول ، وعساه يقتل فيه ، فأمروا بما في هذا الحديث لهذا المعنى . إسماعيل بن يحيى المزني
وأما أحمد بن أبي عمران فكان جوابه في ذلك أن حكى عن أبي عبيد أنه كان يزعم أن هذا الحديث يحدث به الناس على خلاف [ ص: 97 ] ما هو عليه في الحقيقة ، ويذكر أنه بلغه عن أنه كان يحدث به عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي حصن ، عن أبي سلمة ، عن : أن النبي عليه السلام قال : { لأهل القتيل أن ينحجزوا الأدنى فالأدنى ، وإن كانت امرأة } . عائشة
قال أبو عبيد : وهذا الانحجاز هو العفو عن الدم ، وفي هذا الحديث ما قد دل على جواز عفو النساء عن الدم العمد ، كما يجوز عفو الرجال عنه ، كل هذا من كلام أبي عبيد .
[ ص: 98 ] قال : فتأملنا نحن ذلك ، فوجدنا ما ذكره أبو جعفر أبو عبيد من هذا وهما منه ، إذ كان أصحاب الوليد من أهل الشام الذين رووا هذا الحديث عنه هم الحجة في حديثه ، قد رووه عنه بخلاف ما بلغ أبا عبيد عنه أنه كان يحدثه فما رووا من ذلك أولى مما بلغه ، لا سيما ومعهم سماعهم إياه من الوليد ، وإنما معه هو بلاغه إياه عن الوليد ، وقد تابعهم على ذلك عن الأوزاعي بشر بن بكر ، فرواه عن كما رووه عن الأوزاعي الوليد عن . الأوزاعي
ولما انتفى ذلك لم يكن تأويله أحسن مما ذكرناه فيه عن المزني ، غير أن بعض الناس من أهل العلم قد ذكر أنه يدخل في ذلك أيضا المقتتلون من المسلمين في قتالهم أهل الحرب ، إذ كان قد يجوز أن يطرأ عليهم من أهل الحرب من معه العدد الذي يبيح لهم الانصراف عن قتاله إلى فئة المسلمين الذي يقوون بها على عدوهم ، فيقاتلونهم معهم ، وليس هذا التأويل ببعيد مما قال .
قال : وقد ذكرنا في هذا الباب من قول أبو جعفر عقيبا لهذا الحديث : ليس للنساء عفو ، فدل ذلك على أن الأوزاعي قد كان عند هذا القول أن ذلك الحديث على نحو ما حكاه الأوزاعي أبو عبيد بلاغا عن الوليد في العفو عن الدم ، ثم خالفه بأن قال : ليس للنساء عفو . الأوزاعي