[ ص: 282 ] 261 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه ليس بفقيه } .
1600 - حدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا ، عن حجاج بن محمد ، عن شعبة عمر بن سليمان ، عن ، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، أنه سمع أبيه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { زيد بن ثابت نضر الله امرأ سمع مني حديثا فحفظه حتى بلغه غيره ، فرب حامل فقه إلى أفقه منه ، ورب حامل فقه ليس بفقيه } .
1601 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم قال : { أبيه بالخيف من منى ، فقال : نضر [ ص: 283 ] الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها ، فرب حامل فقه لا فقه له ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم } .
[ ص: 284 ]
1602 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، عن أبي ، قال : حدثني محمد بن إسحاق عبد السلام ، عن ، عن الزهري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم... فذكر مثله . محمد بن جبير بن مطعم
[ ص: 285 ] قال : فسأل سائل عن الفقه المقصود إليه في هذين الحديثين ، ما هو ؟ فكان جوابنا له بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أنه الفهم ، ومنه قول الله عز وجل في كتابه مما حكاه ، عن نبيه أبو جعفر موسى صلى الله عليه وسلم : واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، وقوله عز وجل : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ، أي : لا تفهمونه .
قال : أفيكون كل فهم فقيها ؟
فكان جوابنا له في ذلك ، أنه لا يقال : كل فهم فقيه ، وإن كان قد فقه ذلك الشيء الذي قد فهمه ؛ لأن الفقه لما جل مقداره وتجاوز مقادير كل الأشياء من العلوم خص أهله بأن قيل لهم : الفقهاء
[ ص: 286 ] ورفعوا بذلك على من سواهم من الفقهاء ، فلم يجز أن يطلق لغيرهم من ذلك ما أطلق لهم منه .
ومما قد دل على ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { الفقه يمان } .
1603 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : { أبي هريرة الإيمان والفقه يمان والحكمة يمانية } .
1604 - وكما حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن جرير بن حازم أيوب السختياني ، عن وعبد الله بن عون ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبو هريرة الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية } ، فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقها وأبانه عن سائر الأشياء المفهومة سواه ، فلم يسمها فقها ، فكذلك أهله انطلق لهم أن يسموا فقهاء ، ولم ينطلق لمن سواهم من الفهماء أن يسموا فقهاء ، وثبت بذلك أن كل فقيه فهم ، وأنه ليس كل فهم فقيها . والله نسأله التوفيق .