3319 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ( ح ) وحدثنا أبو الوليد الطيالسي فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو غسان ، عن شريك بن عبد الله المقدام بن شريح ، عن ، قال : أبيه رضي الله عنها : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من [ ص: 375 ] الشعر ؟ فقالت : نعم ، من شعر ابن رواحة ، وربما قال هذا البيت : لعائشة
ويأتيك بالأخبار من لم تزود .
قلت[ ص: 376 ]
3320 - وحدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا علي بن حجر ، عن شريك المقدام بن شريح ، عن ، عن أبيه رضي الله عنها ، عائشة
ويأتيك بالأخبار من لم تزود .
قيل لها : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : كان يتمثل بشعر ابن رواحة : [ ص: 377 ]3321 - وحدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا جعفر بن عون المخزومي الأجلح ، عن ، عن أبي الزبير ، قال : ابن عباس ذات قرابة لها رجلا من الأنصار ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أهديتم الفتاة ؟ قالوا : نعم ، قال : أرسلتم معها من يغني ؟ قالت : لا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عائشة الأنصار قوم فيهم غزل ، فهلا بعثتم معها من يقول :
أتيناكم أتيناكم وحيونا نحييكم .
[ ص: 378 ]
3322 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : أخبرنا شعبة أبو إسحاق بني قيس قال وهو يسمع : أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ؟ قال للبراء البراء : لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر ، إن هوازن كانوا قوما رماة ، وإنا لما حملنا على القوم انهزموا ، وإن القوم أقبلوا [ ص: 379 ] على القتال ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء ، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها وهو يقول :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب .
3323 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : أخبرنا علي بن الجعد ، عن زهير بن معاوية ، قال : أبي إسحاق
: يا للبراء أبا عمارة وليتم يوم حنين ؟ قال : لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنا لقينا قوما رماة ما يسقط لهم سهم جمع هوازن فرشقونا رشقا ما يكادون يخطئون ، فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به ، فنزل فاستنصر وقال :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
3324 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن حميد الطويل ، قال : أنس والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق بأيديهم ، فقال :
اللهم إن الخير خير الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا .
[ ص: 381 ]
3325 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبو إسحاق أنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : البراء
والله لولا الله ما اهتدينا فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا إن الألى قد بغوا علينا .
3326 - وحدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، عن شبابة بن سوار ، عن يونس بن أبي إسحاق ، قال : سمعت أبيه يقول : البراء بن عازب
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
قال : يمد النبي صلى الله عليه وسلم بها صوته . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم أحد حتى وارى التراب شعر صدره وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة يقول : [ ص: 382 ]
3327 - وحدثنا ، قال : حدثنا ابن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ابن أبي ليلى مثل حديث البراء أبي إسحاق ، عن البراء غير أنه قال :
إذا أرادوا فتنة أبينا
قالها مرارا .3328 - وحدثنا أبو بشر الرقي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، قال : البراء بن عازب رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو يقول ، ثم ذكر مثله ، غير أنه لم يقل : يمد بها صوته ، وغير أنه لم يقل : [ ص: 383 ] يقولها مرارا .
3329 - وحدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكاد ابن أبي الصلت يسلم . أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد :3330 - وحدثنا عبد الغني بن أبي عقيل ، قال : حدثنا ، عن سفيان الأسود بن قيس : سمع يقول : جندبا
هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت .
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فنكبت إصبعه ، فقال : [ ص: 384 ]
3331 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة الأسود بن قيس ، عن : جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي ، فأصاب إصبعه حجر ، ثم ذكر بقية الحديث .
قال : فأنكر منكر هذه الآثار كلها ، ودفع أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شيئا مما ذكر عنه فيها ، وقال : في كتاب الله ما قد دفع ذلك وهو قوله عز وجل : أبو جعفر وما علمناه الشعر وما ينبغي له .
قال : وكانت حجتنا عليه بتوفيق الله وعونه : أن الذي تلاه علينا من كتاب الله عز وجل لا يدفع شيئا مما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآثار ؛ لأن الذي تلاه علينا من كتاب الله عز وجل إنما هو إعلام الله عز وجل خلقه أنه ما علم نبيه صلى الله عليه وسلم الشعر ردا على المشركين في قولهم له : أبو جعفر بل افتراه بل هو شاعر ، فأعلم الله عز وجل خلقه أنه بخلاف ما قالوا ثم أتبع ذلك بقوله : وما ينبغي له إذ كانت المنزلة التي أنزله إياها مع النبوة التي آتاه [ ص: 385 ] إياها المنزلة التي لم ينزلها أحدا من خلقه سواه ، وكان من علمه عز وجل الشعر من خلقه قد عرفه الناس ، وعلموا أنه الذي يشعر ويقصد فيمدح بذلك قوما ويهجو به آخرين ، ويصف به ما يميل إليه قلبه وتدعوه إليه نفسه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك ، ثم دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه ما أضافوه إليه .
3332 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية أحمد بن المفضل الحفري ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الرحمن ، عن ، عن عدي بن ثابت رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البراء بن عازب اللهم إن فلانا ابن فلان هجاني ، وهو يعلم أني لست بشاعر فأهجوه ، فالعنه عدد ما هجاني ، أو مكان ما هجاني .
قال : ثم أبان الله على ألسنتهم أن الذي كانوا يسمعونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن كما قالوا : إنه شاعر يتكلم بالشعر كما يتكلم به أهله ، وإنهم حملوه على الشعر فلم يلتئم على لسان أحد أنه شعر .
3333 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو داود [ ص: 386 ] الطيالسي 3334 - وكما حدثنا سليمان بن المغيرة علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال العدوي عبد الله بن الصامت ، عن ، قال : أبي ذر أنيس : إني منطلق إلى مكة ، فاكفني حتى آتيك ، فانطلق ، فراث علي ، فقلت : ما حبسك ؟ فقال : لقيت بمكة رجلا على دينك يزعم أن الله عز وجل أرسله ، قلت : فما يقول فيه الناس ؟ قال : يقولون : شاعر ، ويقولون : كاهن ، ولقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر ، فما يلتئم على لسان أحد أنه شعر ، قال : يا ابن أخي ( وكان أبو ذر أنيس أحد الشعراء ) فوالله إنه لصادق ، وإنهم لكاذبون قال لي أخي .
قال : وكان في الشعر حكم ، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو جعفر إن من الشعر حكمة ، وسنذكر ذلك فيما بعد من كتابنا هذا في موضع هو أولى به من هذا الموضع إن شاء الله ، فكان ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد حكي عنه في هذه الآثار كلامه به هو من الحكم التي [ ص: 387 ] في الشعر ، فتكلم به على أنه حكمة ، والله يجري الحكمة على لسانه لا أنه شعر أراده مما لا حكمة فيه .
ومما يدل على ذلك أنه لم يأت منه إلا بما فيه حاجته منه من هذا الجنس لا بما سواه وقد يتكلم الرجل بالكلام الموزون مما لو شاء أو غيره أن يبني عليه ما يكون شعرا فعل ، وليس بشعر ، ولا قائله شاعر ، ونحن نجد في طباع بني آدم الذين ليسوا من أهل الصناعات بعمل الألسن كالفقه وما أشبهه ، فيحكي منه شيئا كما يحكيه الفقهاء ، فلا يكون بحكايته إياه فقيها ، فمثل ذلك من يحكي بيتا من الشعر ، أو ما دون البيت على وزن الشعر لا يكون به شاعرا ، ولقد زعم الخليل بن أحمد - وموضعه من العربية موضعه ، لا سيما من الشعر ومن وزنه ، ومن تقطيعه ، ومن ذكر أنواعه - أن الأراجيز ليست بشعر ، وأنها كلام من الكلام الذي يتكلم به الناس على وزن الشعر هو الذي يتصرع وليس بشعر .
وفيما ذكرنا ما قد وضح به جهل هذا الجاهل ونفيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس منتفيا عنه ؛ لأنه ليس بمخالف لما في الآية التي تلاها ، ولأن ما تكلم به في الآثار التي رويناها إنما كان بالحكمة التي فيها أو بشيء علق بلسانه من الشعر فنطق به لم يكن به شاعرا ولا داخلا في المعنى الذي نفاه الله عنه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .