[ ص: 269 ] 754 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سلب المددي - صاحب عوف - الذي دفع إليه خالد بن الوليد بعضه ، ومنعه بقيته ، ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسليم بقيته إليه ، ثم أمره بأن لا يفعل ذلك .
4787 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا دحيم ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو عبد الرحمن بن جبير ، عن ، عن أبيه ، قال عوف : وحدثني الوليد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن جبير عوف خالد بن الوليد ، فأخذ منه خالد طائفة ، ونفله بقيته ، فقلت : يا خالد ، ما هذا ؟ ما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلب القاتل السلب كله ، قال : بلى ، ولكني استكثرته ، فقلت : أما والله لأعرفنكها عند رسول الله ، قال عوف : فلما قدمنا على رسول الله أخبرته خبره ، فدعاه وأمره أن يدفع إلى المددي بقية سلبه ، فولى خالد ليفعل ، فقلت : كيف رأيت يا خالد ؟ أو لم أوف لك ما وعدتك ؟ فغضب رسول الله ، وقال : يا خالد ، لا تعطه . وأقبل علي ، فقال : هل أنتم تاركو أمرائي ، لكم صفوة أمرهم ، وعليهم كدره أن مدديا رافقهم في غزوة مؤتة ، وأن روميا كان يشد على المسلمين ، ويفري بهم ، فتلطف به ذلك المددي فقعد له تحت صخرة ، فلما مر به عرقب فرسه ، وخر الرومي لقفاه ، وعلاه بالسيف فقتله ، فأقبل بفرسه وسرجه ولجامه وسيفه ومنطقته ، وسلاحه مذهب [ ص: 270 ] بالذهب والجوهر إلى .
[ ص: 271 ] [ ص: 272 ] ففي هذا الحديث ، أن خالد بن الوليد كان دفع إلى المددي بعض سلب قتيله ، ومنعه من بقيته بعد علمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلب القاتل سلب من قتله .
فتأملنا ذلك فاحتمل عندنا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرض للقاتلين في أسلاب قتلاهم لا بوجوبها للقاتلين ، ولكن لسماحته بها لهم ، لا بواجب لهم فيها .
والدليل على ذلك .
ما .
قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، عن سفيان بن عيينة ، عن أيوب ، عن ابن سيرين أنس بن مالك البراء بن مالك أخا بارز أنس بن مالك مرزبان الزارة ، فطعنه طعنة ، فكسر القربوس ، وخلص إليه ، فقتله ، فقوم سلبه ثلاثين ألفا ، فلما صلينا الغداة غدا علينا ، فقال عمر لأبي طلحة : إنا كنا لا نخمس الأسلاب وإن سلب البراء قد بلغ مالا ، ولا أرانا إلا خامسيه ، فقومناه ثلاثين ألفا ، فدفعنا إلى عمر ستة آلاف . أن
قال : وهذا مع حضور أبو جعفر عمر وأبي طلحة وأنس بن مالك ما كان من رسول الله يوم حنين من قوله : " من قتل قتيلا فله سلبه " . وفي ذلك ما ينفي أن يكون فيه خمس ، وقد طلب عمر أخذ الخمس [ ص: 273 ] من سلب البراء ، فدل ذلك أنهم كانوا يتركون أخماس الأسلاب لا بواجب عليهم تركها ، ولكن سماحة منهم بها للقاتلين لأهلها ، وإذا كان ذلك كذلك في أخماس الأسلاب كان كذلك هو في بقيتها ، فكان من ذلك ما كان مما له أن يمنع منه ، وكان منه ما كان مما له أن يسمح به ، وإمضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قول عوف ، وبعد قوله على ما أمضى الأمر عليه ، بما قد كان له أن يمضيه عليه ، وفي ذلك ما قد دل : أن أسلاب القتلى لا تستحق إلا بقول متقدم من الإمام ، من قتل قتيلا فله سلبه ، فذلك الذي لا يجوز أن يمنع منه بحال من الأحوال ، والله نسأله التوفيق .