[ ص: 216 ] 569 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجة التي كانت قبل حجته من التأمير فيها ، ومن قراءة براءة على الناس فيها ، ومن كان أميره فيها ، ومن كان المبلغ عنه فيها من أبي بكر ومن علي
3584 - أخبرنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا العباس بن محمد - يعني الدوري - ، عن أبو نوح قراد ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق زيد بن يثيع ، عن عليه السلام علي مكة مع أبي بكر رضي الله عنه ، ثم تبعه بعلي ، فقال له : خذ الكتاب ، وامض إلى أهل مكة ، فلحقته فأخذت الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال : يا رسول الله ، أنزل في شيء ؟ قال : لا ، إلا أني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة إلى .
[ ص: 217 ] [ ص: 218 ]
3585 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، عن سعيد بن سليمان الواسطي عن عباد - يعني ابن العوام - ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم بن عتيبة مقسم ، عن رضي الله عنهما : ابن عباس أبا بكر رضي الله عنه ، وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، ثم أتبعه عليا ، فبينا أبو بكر في بعض الطريق ، إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء ، فخرج أبو بكر ، وظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا علي عليه السلام ، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره على الموسم ، وأمر عليا أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، فانطلقا ، فقام علي أيام التشريق فقال : ذمة الله [ ص: 219 ] عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بريئة من كل مشرك ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، قال : فكان علي ينادي بها ، فإذا بح قام ، فنادى بها أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث .
3586 - حدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا الوضاح - وهو أبو عوانة - أبو بلج ، قال : حدثنا ، قال : عمرو بن ميمون إذ أتاه تسعة رهط ، فذكر قصة ، فقال فيها : وبعث - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ابن عباس أبا بكر رضي الله عنه بسورة التوبة ، وبعث عليا عليه السلام خلفه ، فأخذها منه ، وقال : لا يذهب [ ص: 220 ] بها إلا رجل هو مني وأنا منه إني لجالس عند .
3587 - وحدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود محمد بن عمران الأخنسي ( ح ) ، وحدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قالا : [ ص: 221 ] حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن فضيل سالم بن أبي حفصة ، عن جميع بن عمير التيمي ، قال : قال لي : عبد الله بن عمر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ببراءة ، حتى إذا كانا من طريق مكة بكذا وكذا إذا هما براكب ، وإذا هو علي رضي الله عنه ، فقال : يا أبا بكر هات الكتاب الذي معك ، فقال : ما لي يا علي ؟ قال : والله ما علمت إلا خيرا . فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ما لي ؟ قال : خير ، ولكن أمرت ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي ، هكذا في حديث محمد بن علي ، وفي حديث فهد : أو رجل من أهل بيتي علي بن أبي طالب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث .
3588 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، عن حماد ، عن سماك بن حرب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنس أهل مكة مع أبي بكر ، ثم بعث عليا ، فقال : لا يبلغها إلا رجل من أهل بيتي أنه بعث براءة إلى .
[ ص: 222 ]
3589 - وحدثنا الحسين بن الحكم الحبري ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، ثم ذكر بإسناده مثله . حماد بن سلمة
3590 - وحدثنا ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : قرأت على إسحاق بن إبراهيم ، عن أبي قرة موسى بن طارق ، قال : حدثني ابن جريج عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ، عن أبي الزبير : جابر الجعرانة بعث أبا بكر رضي الله عنه على الحج ، حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح ، ثم استوى ليكبر ، فسمع الرغوة خلف ظهره ، فوقف عن التكبير ، فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج ، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصلي معه ، فإذا علي رضي الله عنه عليها ، فقال له أبو بكر : أمير أو رسول ؟ قال : لا ، بل رسول أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج ، فقدمنا مكة ، فلما كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر رضي الله عنه فخطب الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا فرغ ، قام علي رضي الله عنه ، فقرأ [ ص: 223 ] على الناس (براءة) حتى ختمها ، ثم خرجنا معه حتى إذا كان يوم عرفة ، قام أبو بكر رضي الله عنه ، فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا فرغ قام علي رضي الله عنه فقرأ على الناس (براءة) حتى ختمها ، ثم كان يوم النحر فأفضنا ، فلما رجع أبو بكر رضي الله عنه خطب الناس فحدثهم عن إفاضتهم وعن نحرهم وعن مناسكهم ، فلما فرغ قام علي رضي الله عنه فقرأ على الناس (براءة) حتى ختمها ، فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر رضي الله عنه ، فخطب الناس ، فحدثهم كيف ينفرون وكيف يرمون ، فعلمهم مناسكهم ، فلما فرغ قام علي ، فقرأ براءة على الناس حتى ختمها أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من عمرة .
[ ص: 224 ] قال : فقال قائل : فقد روي عن أبو جعفر ما قد دل أن النداء كان بهذه الأشياء التي فيما رويتم مضافة إلى أبي هريرة علي كانت بأمر أبي بكر رضي الله عنه .
3591 - فذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، قال : حدثني الزهري ، أن حميد بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : أبا هريرة أبو بكر رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى : أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان بعثني .
[ ص: 225 ]
3592 - وحدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عاصم بن علي ، عن الليث بن سعد ، عن عقيل ، قال : حدثني محمد بن شهاب الزهري ، أن حميد بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : أبا هريرة أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان بعثني .
قال هذا القائل : فقد دل حديث هذا على أن التبليغ بهذه الأشياء إنما كان من أبي هريرة أبي بكر لا من علي ، وهذا اضطراب في هذه الآثار شديد .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه ما في ذلك اضطراب ، كما ذكر ; لأن الإمرة في تلك الحجة إنما كانت لأبي [ ص: 226 ] بكر خاصة ، لا شريك له فيها ، وكانت الطاعة في الأمر والنهي الذي يكون فيها إلى أبي بكر لا إلى سواه ، فمن أجل ذلك بعث في المؤذنين الذين كانوا معه ليمتثلوا ما يأمرهم به أبا هريرة علي رضي الله عنه فيما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، وقد دل على ذلك .
3593 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : أخبرنا عثمان بن عمر بن فارس ، عن شعبة ، عن المغيرة ، عن الشعبي المحرر بن أبي هريرة ، عن ، قال : أبيه علي رضي الله عنه حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة إلى أهل مكة ، فكنت أنادي حتى صحل صوتي ، فقيل : بأي شيء كنت تنادي ؟ قال : أمرنا أن ننادي : أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر كلمة كأنها عهد ، فأجله إلى أربعة أشهر ، فإذا مضت الأشهر ، فإن الله بريء من المشركين ورسوله ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يحج بعد العام مشرك كنت مع .
[ ص: 227 ] قال : فدل ذلك على أن نداء أبو جعفر إنما كان بما يلقيه أبي هريرة علي عليه ، وأن مصيره كان إلى علي كان بأمر أبي بكر ; لأن الأمر كان إليه ; إذ كان هو الأمير في تلك الحجة حتى رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفا منها .
وفيما بينا من ذلك علو المرتبة لأبي بكر رضي الله عنه في إمرته على المبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لا يصلح أن يكون المبلغ له عنه إلا هو .
وفيه أيضا : علو مرتبة علي رضي الله عنه في اختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بما اختصه به من التبليغ عنه ، وفي ذلك ما يجب على أهل العلم الوقوف على منزلة كل واحد منهما حتى يؤتوه ما جعله الله له ، ولا ينتقصونه منه شيئا ، والله نسأله التوفيق .