[ ص: 119 ] 301 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعلي رضي الله عنه : إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها فلا تتبع النظرة النظرة ؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة
1865 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان وحدثنا عبيد الله بن محمد التيمي إبراهيم بن مرزوق والحسين بن الحكم الحبري ، قالا : حدثنا وحدثنا عفان بن مسلم فهد بن سليمان ، قال : حدثنا قالوا : حدثنا أبو الوليد ، عن حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم سلمة بن أبي طفيل ، عن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : علي بن أبي طالب علي إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها ، فلا تتبع النظرة [ ص: 120 ] النظرة ؛ فإنما لك الأولى ، وليست لك الآخرة يا .
فاختلف الناس في المراد بقوله : وإنك ذو قرنيها ؛ فذهب بعضهم إلى أنه أراد : وإنك ذو قرني الجنة ، يريد : طرفيها ؛ إذ كان ذكره ذلك بعقب ذكره الجنة .
وذهب بعضهم إلى أنه أراد : إنك ذو قرني هذه الأمة ، فأضمر الأمة كمثل قوله عز وجل : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ، وفي موضع آخر : ما ترك عليها من دابة ، يريد الأرض ولم يذكرها قبل ذلك ، وكمثل قوله عز وجل : حتى توارت بالحجاب ، وهو يريد الشمس فأضمرها ، ثم مثل قول الناس : ما بها - يريدون القرية أو المدينة - أعلم من فلان .
وذهب قوم في ذلك إلى معنى سوى هذا المعنى ، وهو أنهم ذهبوا إلى أن عليا في هذه الأمة كذي القرنين في أمته في دعائه إياها إلى
[ ص: 121 ] الله عز وجل ، فقيل له لذلك : إنك ذو قرنيها تشبيها له به وشدوا ذلك من قولهم .
بما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن عبد الله بن داود الخريبي بسام الصيرفي ، عن ، قال : أبي الطفيل
رضي الله عنه على المنبر فقال : سلوني قبل أن لا تسألوني ، ولن تسألوا بعدي مثلي ، فقام إليه علي ابن الكواء فقال : ما كان ذو القرنين ؟ أملك كان أو نبي ؟ قال : لم يكن نبيا ولا ملكا ، ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه وناصح الله فنصحه ، ضرب على قرنه الأيمن فمات ، ثم بعثه الله عز وجل ثم ضرب على قرنه الأيسر ، فمات ، وفيكم مثله . قام
[ ص: 122 ] وممن كان يذهب إلى هذا القول : حدثني بذلك عنه أبو عبيد القاسم بن سلام علي بن عبد العزيز .
وحدثني علي وابن أبي عمران أنهما سمعا عبيد الله بن محمد التيمي يعنيان ابن عائشة وسئل عن هذا الحديث : إنك ذو قرنيها ، فقال : أراد إنك كبشها وفارسها .
فقال قائل : ففي حديث علي الذي رويته : وفيكم مثله فما المراد بذلك مما قد جعل فيه مثلا لذي القرنين ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه أريد به أنه مثل لذي القرنين في دعائه إلى الله عز وجل ، وفي قيامه بالحق دعاء وقياما إلى يوم القيامة كما كان ذو القرنين فيما دعا إليه ، وفيما قام به قائما وداعيا به إلى يوم القيامة . والأشياء قد تشبه بالأشياء لشبهها إياها في معنى ، وإن كانت لا تشبهها في خلافه كمثل قول الله عز وجل الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ليس أنهن مثلهن في أنهن سماوات ولكنهن أرضون عددهن كعدد السماوات فكن مثلا لهن في العدد لا فيما سواه [ ص: 123 ] فمثل ذلك قول علي رضي الله عنه وفيكم مثله أي أنه مثله في المعنى الذي كان منه في هذه الأمة كمثل الذي كان من ذي القرنين في أمته لا فيما سوى ذلك من بعثة الله عز وجل ذا القرنين بعد ما ضرب على قرنه الأيمن فمات
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة فإن ذلك على أن الأولى تفجؤه بلا اختيار له فيها فلا يكون مأخوذا به ولا تكون مكتوبة عليه فهي له .
وأما قوله وليست لك الآخرة فإن الآخرة تكون باختياره لها فهي مكتوبة عليه وما كان مكتوبا عليه فليس له
وقد روى بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال هذا القول لعلي رضي الله عنه غير أن بعض رواة ذلك الحديث يذكره عن بريدة ، عن علي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم لا يذكر فيه بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينبريدة أحدا .
1866 - كما حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية علي بن قادم ، قال : حدثنا ، عن شريك بن عبد الله أبي ربيعة الإيادي ، عن ، عن ابن بريدة ، عن أبيه رضي الله عنه قال علي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تتبع النظرة النظرة ، الأولى لك والآخرة عليك .
[ ص: 124 ]
1867 - وكما حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال : أخبرنا ، عن شريك أبي ربيعة الإيادي ، عن ، عن ابن بريدة رفعه مثله ، ولم يذكر في إسناده أبيه عليا .
ومثل ذلك أيضا حديث جرير بن عبد الله البجلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى .
1868 - وكما حدثنا نصر بن مرزوق ، قال : حدثنا الخصيب بن ناصح ، قال : حدثنا ، عن وهيب بن خالد ، عن يونس بن عبيد عمرو بن سعيد ، عن ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، قال جرير بن عبد الله سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن نظرة [ ص: 125 ] الفجاءة ، فقال : اصرف بصرك .
1869 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن عارم أبو النعمان ، عن يزيد بن زريع ثم ذكر بإسناده مثله . يونس بن عبيد
1870 - وكما حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن حسان [ ص: 126 ] وهيب بن خالد ، عن وأبو شهاب الحناط ثم ذكر بإسناده مثله . يونس بن عبيد
1871 - وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا ، عن إسماعيل بن علية ثم ذكر بإسناده مثله . يونس بن عبيد
فقد جاءت هذه الآثار في النظرة التي ذكرناها فيها ابتداء وفي النظرة التي تكون بعدها بما يصدق بعضها بعضا والله أعلم بما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وإياه نسأله التوفيق .