[ ص: 338 ] 906 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدل على أن الرجل قد يجوز أن ينسب إلى موضع لم يكن من أهله بأن صار من أهله
5663 - حدثنا ، حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا أبو داود ، عن هشام ، عن قتادة ، قال : أنس ليصيبن قوما سفع من النار عقوبة بذنوب عملوها ، ثم يدخلهم الله تعالى الجنة بفضل رحمته وبشفاعة الشافعين فيقال له : الجهنميون .
[ ص: 339 ]
5664 - وحدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش ، حدثنا ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، عن هشام ، عن قتادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أنس ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها ، ثم يخرجون ، فيسميهم أهل الجنة الجهنميين .
ففي هذا الحديث أن هؤلاء القوم قد سموا جهنميين لكونهم من أهل جهنم ، وإن لم يكونوا ولدوا فيها ، وفي ذلك ما قد دل على أن الأولى مما اختلف فيه أهل العلم مما ينسب الرجل إليه من البلدان ، فكان بعضهم يذهب إلى الرجل من أهل الموضع الذي ولد به ، لا من أهل من سواه من المواضع التي يتحول إليها ويوطنها ، وممن كان يقول ذلك : . وكان بعضهم يقول : من حل بموضع فأوطنه جاز أن يقال : هو من أهله وإن كان مولده بغيره ، وممن كان يقول ذلك : أبو حنيفة . أبو يوسف
[ ص: 340 ] وقد كان وافق أبو حنيفة أبا يوسف .
فيما ذكر لنا محمد بن أحمد بن العباس الرازي ، عن موسى بن نصر ، عن : أن هشام بن عبيد الله الرازي ذكر لهم هذا القول عن أبا يوسف رحمه الله تعالى ، وأن أبي حنيفة حاجه في ذلك بأن قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انتقل إلى أبا حنيفة المدينة ، ولم يخرجه ذلك أن يكون من أهل مكة ، قال : فقلت له : وقد صار صلى الله عليه وسلم بانتقاله إلى أبو يوسف المدينة وبإيطانه إياها من أهل المدينة ، وإن كان مولده بغيرها قال : فأمسك عني ، ولم يقل شيئا في ذلك .
وفي ذلك عندنا ما قد دلك أنه قد كان رأى ذلك لازما له ، فرسول الله عليه السلام هو حجة الله عز وجل على خلقه ، فقد أخبرنا في الذين أدخلوا جهنم ، وإن كانوا لم يولدوا فيها بما قد أطلق عليهم أن سموا جهنميين ، وفي ذلك ما قد دل أنه جائز أن يقال للرجل بعد انتقاله من الموضع الذي قد كان صار من أهله بإيطانه إياه أنه من أهل الموضع الأول الذي كان به وانتقل عنه ، كما قد يقال لمن قد سكن مصر من أهل المدينة : إنه مدني ، ولمن سكنها من الكوفة : إنه كوفي . كما سمي الجهنميون في ذلك بذلك الاسم بعد أن صاروا من أهل الجنة ، وأخرجوا من جهنم إليها ، وفيما ذكرنا من هذا كفاية عما سواه مما يحتج به عندنا في هذا الباب ، وبالله التوفيق .