[ ص: 381 ] 769 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعثه من كان بعثه في قتال من بعثه لقتاله بلا إمرة ، كان أمره في ذلك .
4878 - حدثنا ، قال : حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن المجالد بن سعيد ، عن زياد بن علاقة - رضي الله عنه - قال : سعد بن أبي وقاص المدينة جاءته جهينة ، فقالوا : إنك قد نزلت بين أظهرنا ، فأوثق لنا حتى نأمنك وتأمننا ، فأوثق لهم لو لم يسلموا ، فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ، وأمرنا أن نغير على حي من كنانة إلى جنب جهينة ، فأغرنا عليهم ، فكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة فمنعونا ، وقالوا : لم تقاتلون في الشهر الحرام ، فقلنا : إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام ، فقال بعضنا لبعض : ما ترون ، قالوا : نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنخبره ، وقال قوم : لا بل نقيم هاهنا ، وقلت أنا في أناس معي : [ ص: 382 ] لا ، بل نأتي عير قريش هذه فنقتطعها ، فانطلقنا إلى العير وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له ، وانطلق أصحابنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فقام غضبان محمر الوجه ، فقال : ذهبتم جميعا وجئتم متفرقين ، إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة ، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم ، أصبركم على الجوع والعطش ، فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي ، فكان أول أمير في الإسلام لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم .
فكان في هذا الحديث ما قد دل أن ذلك الجيش لم يكن عليه أمير . فقال قائل : كيف تقبلون هذا وقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
[ ص: 383 ] فذكر ما قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : إذا كنتم ثلاثة في سفر ، فأمروا عليكم أحدكم .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن حديث سعد كان متقدما ، وكان من المبعوثين فيما بعثوا له ما كان منهم من الاختلاف ، فكان من الله - عز وجل - في ذلك لكراهته الاختلاف ، ما قد أجرى أمور نبيه صلى الله عليه وسلم في المستأنف على خلافه من التأمير على جيوشه لترجع الأمور إلى قول واحد ، يجب على من معه طاعته وترك الخروج عن قوله ، وشد ذلك ما أنزله - عز وجل - في كتابه من قوله : ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، والله نسأله التوفيق .