[ ص: 198 ] 678 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيار الذي جعله لبريرة لما أعتقت هل هو كخيارها لو خيرها زوجها ؟ أو بخلاف ذلك ؟
4381 - حدثنا ، حدثنا أحمد بن شعيب أحمد بن عبد الواحد بن عبود ، حدثنا ، حدثنا مروان يعني الطاطري وذكر آخر قبله يعني الليث ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر الحسن بن عمرو بن أمية الضمري أنه حدثه أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت ، فهي بالخيار ، ما لم يطأها زوجها .
هكذا روى مروان هذا الحديث عن ابن لهيعة والليث ، واللفظ [ ص: 199 ] واحد ، وقد رواه ابن وهب عنهما بألفاظ مختلفة .
4382 - كما حدثنا ، أنبأنا يونس قال : وأخبرني ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر الفضل بن حسن الضمري قال : سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا عتقت الأمة وهي تحت عبد فأمرها بيدها ، فإن هي أقرت حتى يطأها فهي امرأته لا تستطيع فراقه .
4383 - وحدثنا ، أنبأنا يونس ، وأخبرنيه ابن وهب ، عن [ الليث بن سعد ، عن ابن ] أبي جعفر الضمري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
[ ص: 200 ] فعقلنا بذلك أن مروان جاء بهذا الحديث بروايته إياه عن ابن لهيعة والليث كما رواه عنهما ، وكان في الحقيقة هذا اللفظ الذي رواه به إنما هو لفظ ، وأن حديث ابن لهيعة الليث يخالفه على ما ذكرناه عن كل واحد منهما من رواية ابن وهب عنهما .
4384 - وحدثنا ، حدثنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن محمد بن عبد الرحمن أن القاسم بن محمد زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أخبرته عائشة بريرة كانت تحت عبد مملوك ، فلما عتقت قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أملك بنفسك ; إن شئت أقمت مع زوجك ، وإن شئت فارقتيه ما لم يمسك أن .
4385 - وحدثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء الكلاعي أبو عبد الله الشامي ، حدثنا ، عن شعيب بن إسحاق الدمشقي ، عن هشام بن عروة ، [ ص: 201 ] عن أبيه عائشة لبريرة في حديث عتاقها وتخييره صلى الله عليه وسلم إياها : إنه إن وطئك فلا خيار لك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال .
4386 - حدثنا حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي وهو المعروف بالقلاء ، حدثنا ، عن محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق أبي جعفر وأبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن وهشام بن عروة ، عن أبيه رضي الله عنها عائشة بريرة أعتقت ، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها : إن قربك فلا خيار لك أن .
قال : فكان فيما رويناه أنه يقطعها عن اختيارها نفسها [ ص: 202 ] من زوجها قربه إياها ، وذلك مما لا يكون منه إليها في المجلس الذي أعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فيه ، فدل ذلك أن الخيار يكون لها بعد قيامها من مجلسها الذي علمت فيه بوجوب الخيار لها حتى يكون منها ما يقطعها عن ذلك من تخلية منها بين زوجها وبينها أن يفعله بها مما لا يصلح له أن يفعله بها إلا وتزويجه إياها قائم بينه وبينها كما يقوله أبو جعفر أهل المدينة في ذلك ، لا كما يقوله الكوفيون فيه من أن الخيار إنما يجب لها في مجلسها الذي تعلم بذلك فيه ما لم تقم منه ، أو تأخذ في عمل آخر ، أو في كلام آخر ، وإذا كان ذلك كذلك في قربه لها باختيارها كان كذلك تمكينها إياه من تقبيله إياها ومما سوى ذلك مما لا يحل له منها إلا والتزويج الذي بينهما قائم كما هو ، وذلك منها كهي لو قالت بلسانها : قد اخترت زوجي .
وهذا يدل على أن من كان إليه إيقاع طلاق على واحدة من زوجتيه بقوله لهما : إحداكما طالق ، أنه يقطعه عن ذلك قربه إحداهما ، وأنه يكون بذلك مختارا لها بقربه إياها .
ومثل ذلك في قوله لأمتيه : إحداكم حرة ، فيكون له الخيار في إيقاع ذلك العتاق على أيتهما شاء ، فلا يوقعه حتى يجامع إحداهما ، وهو بذلك الجماع مختار لها ، كقوله بلسانه : قد اخترتها .
ومثل ذلك : الأمة يبتاعها فيصيب بها عيبا يوجب له به ردها على بائعها إياه ، فلا يفعل ذلك حتى يكون منه إليها ما لا يحل له منها إلا بملكه لها ، فيكون ذلك قاطعا له عن ردها بذلك العيب على بائعها إياه ، ويكون ذلك منه كقوله بلسانه : قد رضيتها بعيبها [ ص: 203 ] ومما يؤكد هذا القول أيضا ما قد رويناه فيما تقدم منا في هذه الأبواب فيما كان في بريرة عن أنها لما خيرت كان يرى زوجها يتبعها في سكك ابن عباس المدينة ودموعه تسيل على لحيته ، فدل ذلك على أنها قد كانت هي أيضا تتصرف في أسباب نفسها ، ولا يقطعها ذلك عن استعمال الخيار الذي لها في نفسها لو استعملته .
ومما يؤكد ذلك أيضا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها بعد أن أعلمها وجوب الخيار لها في زوجها ، وقوله له : " زوجك ، وأبو ولدك " ، فقالت له جوابا عن ذلك ما قالت ، واختارت نفسها ، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منها قبل ذلك قاطعا لها من تتبع زوجها إياها ، وهي في ذلك متنقلة من مكان إلى مكان ، مع وقوف النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك منها ، وإمضائه بعد ذلك خيارها لنفسها .
وقد جاء عن من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يؤكد هذا المعنى .
كما قد حدثنا ، أنبأنا يونس أن ابن وهب حدثه عن مالكا ، عن ابن شهاب عروة بن الزبير لبني عدي يقال لها : زبراء أخبرته أنها كانت تحت عبد وهي أمة يومئذ ، فأعتقت ، قالت : فأرسلت إلي زوج النبي صلى الله عليه وسلم فدعتني ، فقالت : إني مخبرتك خبرا ، ولا أحب أن تصنعي شيئا ، إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك ، قالت : [ ص: 204 ] ففارقته ثلاثا حفصة . أن مولاة
وحدثنا حدثنا يحيى بن عثمان ، ، أنبأنا نعيم بن حماد قال : وأنبأنا ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع أنه كان يقول : عبد الله يعني ابن عمر . إذا كانت الأمة تحت عبد ، فأصابتها عتاقة ، فإنها تخير ما لم يمسها ; إن شاءت كانت امرأته ، وإن شاءت فارقته ، فإن قرب حتى يجامعها لم تستطع أن تنتزع منه
وكما حدثنا حدثنا يحيى ، ، حدثنا نعيم قال : أنبأنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قال : عطاء . إن أصابها العبد قبل أن تعلم أن لها الخيار فلها الخيار عليه ، وإن أصابها مبادرة ، قال : بئسما صنع
[ ص: 205 ] قال : وفي قوله : إن أصابها قبل أن تعلم أن لها الخيار ما قد دل على أنه لو أصابها وهي تعلم لم يكن لها خيار . والله أعلم . أبو جعفر