[ ص: 183 ] 435 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب .
حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة ، قال : أنبأنا ، قال : 2756 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عاصم ، قال : أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يقول : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عمر بن الخطاب لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، فلا يبقى بها إلا مسلم .
2757 - وحدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : أنبأنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . عمر بن الخطاب
[ ص: 184 ]
2758 - وحدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، ثم ذكر بإسناده مثله . سفيان
2759 - وحدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا شهاب بن عباد العبدي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن بشر العبدي إبراهيم بن ميمون ، قال : حدثني سعيد بن سمرة ، عن ، عن سمرة رضي الله عنه قال : أبي عبيدة بن الجراح وأهل نجران من جزيرة العرب إن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم أن قال : أخرجوا يهود الحجاز .
[ ص: 185 ]
2760 - وحدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا معلى بن أسد ، قال : حدثني يحيى بن سعيد إبراهيم بن ميمون ، قال : حدثني سعد بن سمرة بن جندب ، عن ، عن أبيه رضي الله عنه قال : إن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله . أبي عبيدة بن الجراح
2761 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، وفهد بن سليمان قالا : حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، حدثنا سفيان بن عيينة إبراهيم بن ميمون مولى سمرة ، عن سعد بن سمرة ، عن ، عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي عبيدة أخرجوا يهود الحجاز .
[ ص: 186 ] قال لنا فهد : قال الرمادي - يعني : - : لم يرو إبراهيم بن بشار عن هذا الشيخ إلا هذا الحديث . ابن عيينة
2762 - وحدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري إبراهيم بن ميمون ، عن سعد بن سمرة ، عن ، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : أبي عبيدة بن الجراح آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم : أخرجوا يهود الحجاز من مدينة العرب ، واعلموا أن من شرار العرب الذين يتخذون القبور مساجد .
2763 - وحدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، ولم يذكر جابر عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا يبقى فيها إلا مسلم ، وقال : لئن عشت ، لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا يبقى فيها إلا مسلم . عمر
[ ص: 187 ] ثم رجعنا إلى حديث أبي عبيدة فوجدنا في إسناده شيئا ، قد اختلف فيه رواته ، وهو ابن سمرة ، فقال محمد بن بشر : سعيد بن سمرة ، وقال يحيى القطان وابن عيينة وأبو أحمد : سعد بن سمرة ، فكان ثلاثة أولى بالحفظ من واحد ، فتأملنا هذا الحديث فاحتجنا إلى العلم بجزيرة العرب ما هي ؟ .
فوجدنا محمد بن الحسن فيما حكى لنا محمد بن العباس الرازي ، عن موسى بن نصر ، عن قال : قال هشام بن عبيد الله محمد بن الحسن : . فأما أرض العرب ، يعني : التي لا يترك فيها اليهود ولا النصارى يقيمون بها إلا مقدار ما يقضون حوائجهم من بيع تجاراتهم التي قدموها بها فمثل مكة والمدينة والطائف والربذة ووادي القرى هذا كله من أرض العرب
قال : وقرأت على هشام ، عن مالك بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن شهاب لا يجمع دينان في جزيرة العرب ، قال ابن شهاب : ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج ، يريد اليقين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ، فأجلى يهود نجران وفدك .
ووجدنا علي بن عبد العزيز قد أجاز لنا عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال : في حديث النبي صلى الله عليه وسلم إنه أمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، قال : قال أبو عبيدة : جزيرة العرب بين حفر أبي [ ص: 188 ] موسى إلى أقصى اليمن في الطول ، وأما العرض فما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة .
قال : وقال : جزيرة العرب من أقصى الأصمعي عدن أبين إلى ريف العراق في الطول ، وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطرار الشام ، قال أبو عبيد : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من هذا كله ، فيرون أن عمر رضي الله عنه إنما استجاز إخراج أهل نجران من اليمن ، وكانوا نصارى إلى سواد العراق لهذا الحديث ، وكذلك إجلاؤه أهل خيبر إلى الشام ، وكانوا يهودا .
فتأملنا إجلاء اليهود من هذه الجزيرة التي ذكرنا فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان منه في إجلاء بعضهم وهم بنو النضير .
2764 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ابن عباس لا إكراه في الدين ، قال : كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد ، فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه ، فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم أناس من أبناء الأنصار ، فقالت الأنصار : يا رسول الله أبناؤنا ، فأنزل الله - عز وجل - : لا إكراه في الدين ، [ ص: 189 ] قال : سعيد فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام في قوله : ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجلى من اليهود من أجلى في حياته .
فأما ما روي عن رضي الله عنه فيمن أجلي منهم في خلافته . عمر بن الخطاب
2765 - فإنا وجدنا أحمد بن داود بن موسى قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة ، عن حماد بن سلمة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ابن عمر أهل خيبر حتى أجلاهم إلى قصرهم ، فغلب على الأرض والزرع والنخل ، فصالحوه على أن يجلوا منها ، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ، وهي السلاح ، ويخرجون منها ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها ، وكانوا لا يفرغون للقيام عليها ، فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان زمن رضي الله عنه غالوا في المسلمين وغشوهم ورموا عمر بن الخطاب من فوق بيت ، ففدعوا يديه ، فقال ابن عمر عمر رضي الله عنه : من كان له سهم من خيبر فليخرص حتى [ ص: 190 ] يقسمها بينهم ، فقال رئيسهم : لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله ، فقال عمر لرئيسهم : أتراه سقط عني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ، كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوما ، ثم يوما ، ثم يوما ، وقسمها عمر رضي الله عنه بين من كان شهد خيبر يوم الحديبية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل .
[ ص: 191 ] فهذا الذي روي مما تناهى إلينا في السبب الذي به أجلى عمر رضي الله عنه من أجلى من يهود خيبر .
2766 - وقد حدثنا ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة سليمان بن أبي مسلم الأحول خال ابن أبي نجيح ، سمع قال : قال سعيد بن جبير : ابن عباس أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث ، فقال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالثة ، فما أدري قالها فنسيتها ، أم سكت عنها عمدا .
[ ص: 192 ] قال : فهذا الحديث فيه خلاف ما قد روينا قبله في هذا الباب من الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجلائهم من جزيرة العرب ؛ لأن الذين أمر بإجلائهم منها فيما رويناه فيما تقدم منا في هذا الباب هم اليهود والنصارى ، والذي في هذا هم المشركون ، وهم خلاف اليهود والنصارى ، غير أنا نخاف أن يكون ذلك إنما أتى من قبل أبو جعفر ؛ لأنه كان يحدث من حفظه ، فيحتمل أن يكون جعل مكان اليهود والنصارى المشركين ، ولم يكن معه من الفقه ما يميز به بين ذلك ، والله أعلم بحقيقة الأمر في ذلك ، غير أن الجماعة أولى بما حفظوا في ذلك مما حفظه الواحد مما خالفهم فيه ، ودل على ما ذكرنا مما قلناه في ذلك . ابن عيينة
2767 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، عن جرير بن عبد الحميد قابوس بن أبي ظبيان ، عن ، عن أبيه رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس لا يصلح قبلتان بأرض وليس على مسلم جزية .
[ ص: 193 ] [ ص: 194 ] فدل معنى قوله : وليس على مسلم جزية بعد قوله : لا يصلح قبلتان بأرض أنه أراد بذلك أن المسلم الذي ليس عليه جزية هو الذي كان قبل إسلامه عليه الجزية ، وهم اليهود والنصارى لا المشركين من العرب ، ودل ذكره القبلة أنه أراد من يدين بدين لا من لا دين له ، واليهود والنصارى فيدينون بما يدينون به ، فهم ذوو قبلة ، والمشركون لا يدينون بشيء فليسوا بذوي قبلة ، وفي ذلك معنى آخر لطيف مما يجب أن يوقف عليه ، وهو أن الذي كان أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكر في حديث الذي رويناه عن ابن عباس يونس إنما كان في مرض موته صلى الله عليه وسلم بعدما أفنى الله الشرك وأهله برسول الله صلى الله عليه وسلم بدخولهم في الإسلام وبقتل من أبى منهم الدخول في الإسلام ، كما قال عز وجل : وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ، فكان من أسلم طوعا وكرها هم الذين أسلموا ، وكان من سواهم ممن أفناهم القتل ، فلم يكن حين أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوصى به مما ذكرنا أحد ، [ ص: 195 ] فكيف يجوز أن يوصي بإخراج معدومين وإنما كانت وصيته صلى الله عليه وسلم بإخراج موجودين ، وهم اليهود والنصارى ، والله نسأله التوفيق .