[ ص: 339 ] 529 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إذا سقط الذباب في طعام أحدكم فليمقله ثم يلقيه ، فإن في أحد جناحيه شفاء ، وفي الآخر داء ، وإنما يقدم الداء ويؤخر الشفاء
3289 - حدثنا ، يونس بن عبد الأعلى قالا : حدثنا وبحر بن نصر ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن ابن أبي ذئب سعيد بن خالد القارظي ، قال : أزوره أبا سلمة بن عبد الرحمن بقباء ، فقدم إلينا زبدا وكتلة ، فسقط في الزبد ذباب ، فجعل أبو سلمة يمقله بخنصره ، فقلت : غفر الله لك يا خال ، ما تصنع ؟ فقال : إني سمعت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سقط الذباب في الطعام ، فامقلوه ، فإن في أحد جناحيه سما ، وفي الآخر شفاء ، وإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء أبا سعيد الخدري أتيت .
[ ص: 340 ]
3290 - وحدثنا بكار ، قالا : حدثنا وإبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عامر العقدي ، عن ابن أبي ذئب سعيد بن خالد ، عن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي سعيد الخدري إذا وقع الذباب في الطعام ، فامقلوه ، ثم ذكر مثله .
3291 - وحدثنا ، قال : حدثنا الحسين بن نصر ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثني محمد بن جعفر عتبة بن مسلم ، عن ، عن عبيد بن حنين رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة إذا وقع الذباب في شراب أحدكم ، فليغمسه كله ثم يطرحه ، فإن في أحد جناحيه سما ، وفي الآخر شفاء .
[ ص: 341 ]
3292 - وحدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد ، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . أبي هريرة
قال : وحدثنا ، عن حماد ، عن حبيب بن الشهيد ، عن محمد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . أبي هريرة
3293 - وحدثنا ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم إسماعيل بن مرزوق ، قال : أخبرنا ، عن يحيى بن أيوب ، أن محمد بن العجلان القعقاع بن حكيم أخبره عن ، عن أبي صالح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وزاد : أبي هريرة فإنما يتقى بالذي فيه الداء ، فليغمسه ثم ليلقه .
[ ص: 342 ]
3294 - حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي مرجى بن رجاء ، قال : حدثنا ، عن هشام القردوسي ، عن محمد بن سيرين رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ، فإن في أحد جناحيه داء ، وفي الآخر شفاء .
3295 - وحدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد حامد بن يحيى ، قال : حدثنا ، عن سفيان ، عن ابن عجلان ، عن سعيد رضي الله عنه مرفوعا ، قال : أبي هريرة إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمره ، فإن في أحد جناحيه سما ، وفي الآخر شفاء .
[ ص: 343 ] فقال قائل من أهل الجهل بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وبوجوهها : وهل للذباب من اختيار حتى يقدم أحد جناحيه لمعنى فيه ، ويؤخر الآخر لمعنى فيه خلاف ذلك المعنى .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه لو قرأ كتاب الله عز وجل قراءة متفهم لما يقرؤه منه ، لوجد فيه ما يدله على صدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ، وهو قوله جل وعز : وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات الآية ، وكان وحي الله عز وجل إليها هو إلهامه إياها أن تفعل ما أمرها به ، كمثل قوله جل وعز في الأرض : يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ووحيه لها : هو إلهامه إياها ما شاء أن يلهمها إياه حتى يكون منها ما أراد عز وجل أن يكون منها ، والنحل كذلك فيما يوحيه إليها ليكون منها ما قد شاء الله عز وجل أن يكون منها حتى يمضي في ذلك بإلهامه إياها له ، وحتى يكون منها ما أراد عز وجل أن يكون منها .
فمثل ذلك الذباب ألهمه عز وجل ما ألهمه مما يكون سببا لإتيانه لما أراده منه من غمس أحد جناحيه فيما يقع فيه مما فيه الداء ، والتوقي بجناحه الآخر الذي فيه الشفاء ، ومن ذلك قوله عز وجل مما [ ص: 344 ] أخبر به عن النمل : حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ، فألهمها عز وجل ما كان منها من ذلك مما يكون سببا لنجاتها ونجاة أمثالها من سليمان صلى الله عليه وسلم ومن جنوده ، فمثل ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذباب مما ذكرنا .
ومثل ذلك ما قد أعلمنا الله عز وجل في الهدهد مع سليمان صلى الله عليه وسلم من قوله : إني وجدت امرأة تملكهم الآية ، وكان ذلك لإلهام الله عز وجل إياه ذلك ، ولم يكن قبله من أهل الكلام حتى ألهمه ما ألهمه مما أنطقه به . فمثل ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذباب مما ذكرنا ، وفيما تلونا مما في كتاب الله عز وجل في النحل ، وفي النمل ما قد دل على أن سائر الأشياء كذلك ، وأن الله عز وجل يلهمها ما شاء إذا شاء حتى يكون بما يلهمها من ذلك لغيرها من سائر خلقه مما هو معروف قبل ذلك بمثل ما كان من ذلك الإلهام ، والله عز وجل نسأله التوفيق .