[ ص: 458 ] 474 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تعلق به قوم من أن العبد لا طلاق له .
3007 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، قال : حدثنا معاوية بن سلام ، عن يحيى بن أبي كثير عمر بن معتب أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره في رجل مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ، فبانت منه ، ثم إنهما أعتقا بعد ذلك ، هل يصلح للرجل أن يخطبها ؟ فقال ابن عباس : نعم ، وقضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس أنه استفتى ، زعم . ابن عباس
[ ص: 459 ] قال : فتأملنا هذا الحديث في إسناده لنعلم هل أبو جعفر أبو الحسن هذا الذي دار عليه ممن يؤخذ هذا الحديث عن مثله . ؟
فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، عن عقيل ، قال : حدثني ابن شهاب أبو حسن مولى عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب ، وكان من أرضى موالي قريش ، وأهل العلم والصلاح منهم لعبد الله تستفتيه عن غلام لها ابن زنية في رقبة كانت عليها ، فقال لها عبد الله بن نوفل : لا أراه يقضي عنك الرقبة التي عليك عتق ابن زنية . أنه سمع امرأة
قال : وأخبرني ابن شهاب عبد الله بن نوفل ، قال : سمعت : لأن أحمل على بغلين في سبيل الله - عز وجل - أحب إلي من أن أعتق ابن زنية ، وكان عمر بن الخطاب عبد الله بن نوفل من صلحاء المسلمين ، ومن ذوي علمهم ، وكان مروان بن الحكم جعله على القضاء في إمارته .
فوقفنا بذلك على أن أبا الحسن هذا ممن يؤخذ مثل هذا عنه ، [ ص: 460 ] ثم طلبنا هل لعمر بن معتب حال يوجب له مثل ذلك ، فلم نجدها له ، فعاد ممن لا يحتج في مثل هذا به ، ثم تأملنا متن هذا الحديث ، فوجدناه مستحيلا ؛ لأن طلاق ذلك المملوك زوجته التطليقتين اللتين كان طلقهما إياها في حال رقه ورقها لا يخلو من أحد وجهين : أن يكون عاملا ، فيكون حكمه حكم التحريم لها حتى تنكح زوجا غيره ، إذ التطليقتان يحرمانها عليه كذلك ، أو يكون غير عامل ؛ لأن طلاق المملوك ليس بشيء على ما كان عبد الله بن عباس يذهب إليه في طلاق المماليك .
كما حدثنا ، قال : حدثنا عمي أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عمرو بن الحارث ، عن والليث بن سعد ، عن بكير بن عبد الله ، عن بسر بن سعيد عبد الله بن عباس عبد الله بن عباس : و ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ، فذهبت إلى فسألته ، فقال : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره عبد الله بن عمر . في عبد يزوجه سيده ، فيطلقها ، أنه لا يجوز إلا بإذن سيده ، وتلا
حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، عن منصور - يعني : ابن زاذان - ، [ ص: 461 ] عن عطاء رضي الله عنهما قال : ابن عباس ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء . الأمر إلى المولى ، أذن له أم لم يأذن له ، ويتلو هذه الآية : و
وكما حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : أنبأنا هشيم ، عن أبو الزبير أبي معبد مولى ابن عباس طلق امرأته تطليقتين ، فقال له لابن عباس : ارجعها لا أم لك ، فإنه ليس لك من الأمر شيء ، فأبى فقال : هي لك فخذها ابن عباس . أن غلاما
قال : فإن كان كذلك لم يكن لارتجاعه إياها معنى ؛ لأنها زوجته على حالها ، لم يحرمها ذلك الطلاق عليه ، وفيما ذكرنا ما قد دل على فساد هذا الحديث في إسناده وفي متنه ، وإنه مما لا يجب قبوله على أبو جعفر عبد الله بن عباس ، ولا يلتفت إليه .
3008 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير عمر بن معتب ، عن الحسن مولى بني نوفل ، هكذا قال ، عن ابن عباس في عبد طلق امرأته اثنتين ، ثم أعتقها أيتزوجها ؟ قال : نعم ، قيل عمن ؟ قال : أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 462 ]
3009 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن سليمان الباغندي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن شيبان النحوي ، عن يحيى بن أبي كثير عمر بن معتب هكذا قال : إن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك ، ولم يزد على هذا شيئا ابن عباس أنه استفتاه في مملوك كان تحته مملوكة ، فطلقها تطليقة فبانت منه ، ثم إنهما أعتقا بعد ذلك هل يصلح للرجل أن يخطبها ؟ قال .
قال : فكتبناه ؛ لأن فيه أنه كان طلقها تطليقة ، ولنوقف بذلك على اضطراب هذا الحديث ، وأن لا يجوز أن يحتج به إن كان كذلك ، ثم رجعنا إلى ما روي في طلاق العبد عن غير أبو جعفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ابن عباس
فوجدنا عبد الغني بن أبي عقيل قد حدثنا ، قال : حدثنا ، عن سفيان بن عيينة محمد بن عبد الرحمن - يعني : مولى آل طلحة - ، عن ، عن سليمان بن يسار عبد الله بن عتبة ، قال : قال رضي الله عنه : عمر . ينكح العبد اثنتين ، ويطلق اثنتين ، وتعتد الأمة حيضتين ، فإن لم تكن تحيض ، فشهر ونصف
[ ص: 463 ]
حدثنا ، قال : أنبأنا يونس أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن ابن شهاب سعيد بن المسيب نفيعا - مكاتبا - طلق امرأة حرة تطليقتين ، فاستفتى لأم سلمة رضي الله عنه ، فقال : حرمت عليك عثمان بن عفان . أن
حدثنا ، قال : أنبأنا يونس أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن أبي الزناد سليمان بن يسار زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عبدا ، كانت تحته امرأة حرة ، فطلقها اثنتين ، ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي لأم سلمة ، فيسأله عن ذلك ، فذهب إليه فلقيه عند الدرج آخذا بيد عثمان بن عفان ، فسألهما ، فابتدراه جميعا ، فقالا : حرمت عليك ، حرمت عليك زيد بن ثابت . أن مكاتبا كان
ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : أخبرني وهب ، يونس ، عن ومالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، ثم ذكر مثله . عثمان بن عفان
[ ص: 464 ] قال : قال يونس : وأخبرني ابن شهاب عن أبو سلمة مثله . عثمان
ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن يونس ، عن أبي الزناد أن سليمان بن يسار نفيعا مكاتب أم سلمة ، ثم ذكر مثل حديث يونس ، عن ابن وهب ، عن مالك ، عن ، الذي ذكرناه في ذلك . أبي الزناد
ووجدنا محمد بن خزيمة قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : علي بن أبي طالب . السنة بالنساء في الطلاق والعدة
قال : فكان فيما رويناه من هذه الآثار عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم ، ما قد خالف ما قد رويناه عن رضي الله عنهما في ذلك ، وقد وجدنا عن ابن عباس أيضا في ذلك [ ص: 465 ] ما يخالف ما رويناه عن ابن عمر في ذلك . ابن عباس
كما قد حدثنا أحمد بن أبي عمران ، قال : حدثنا ، ( ح ) وكما حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام روح بن الفرج ، قال : حدثنا ، وكما قد حدثنا أبو مروان العثماني ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قالوا : حدثنا نعيم ، عن إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن سالم قال : أبيه . أيهما رق نقص الطلاق برقه ، والعدة بعد ذلك على النساء
وكان ما رويناه عن من هذا لم نجد له عليه موافقا من الصحابة ، ولا ممن بعدهم . ابن عمر
ثم تأملنا قول الله - عز وجل - : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ، هل طلاقه من تلك المعاني التي لا يقدر عليها أم لا ؟ فوجدنا تزويج مولاه إياه يبيحه فرج من زوجه إياها ، ويكون مالكا له قادرا عليه دون مولاه ، وكان الذي لا يقدر عليه هو سوى ذلك من [ ص: 466 ] الأموال التي خولها الله الأحرار دون المماليك لا أبضاع النساء ، فلما كان حل البضع له لا لمولاه ، كان تحريم البضع أيضا له دون مولاه .
وقد روينا عن رضي الله عنه من ناحية المدنيين في ذلك ما قد رويناه عنه في هذا الباب ، وقد روي عنه فيه أيضا من ناحية علي بن أبي طالب الكوفيين ما يوافق ذلك .
كما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو داود ، عن شعبة ابن عون قال : سمعت يقول : سمعت أبا صالح رضي الله عنه يقول ، عليا . وسئل عن رجل كانت تحته أمة فطلقها تطليقتين ، ثم اشتراها أيطؤها ؟ فأبى ذلك
ثم رجعنا إلى طلب الأولى من الطلاق الذي جعله عمر وعلي على حكم النساء المطلقات ، وجعله عثمان وزيد على حكم الرجال المطلقين ، فوجدنا الحر قد أبيح له تزويج أربع نسوة ، وجعل له من الطلاق فيهن اثنتي عشرة تطليقة ، [ ص: 467 ] ووجدنا المملوك قد أبيح له تزويج اثنتين لا أكثر منهما .
فعقلنا بذلك إذ كان في عدد النساء على النصف مما عليه الحر في عددهن أن يكون في طلاقهن نصف ما عليه الحر في ذلك ، فيكون طلاقه لهما ست تطليقات ، فثبت بذلك ما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما فيه .
ولقد كلمت أبا جعفر محمد بن العباس في هذا الباب ، وتقلدت عليه قول عثمان وزيد فيه ، فقلت له : أليس الطلاق قد وجدته يكون من الرجل ، والعدة وجدتها تكون من المرأة ؟ فمعقول في ذلك أن كل ما يكون من كل واحد منهما مرجوع فيه إلى حكمه ، فقال لي : كتاب الله يدفع ما قلت ؛ لأن الله قال : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ، فأعلمنا الله عز وجل أن العدة للرجال لا للنساء ، وإذا كانت للرجال ، وكانت على حكم النساء ؛ لأنها تكون منهن كان الطلاق الذي يكون منهم في النساء على حكم النساء ، لا على حكمهم .
فهذه علة صحيحة ، والله عز وجل نسأله التوفيق .