[ ص: 175 ] 676 - باب بيان مشكل ما روي مما قد اختلف فيه أهل العلم في بيع الأمة ذات الزوج ، فيقول بعضهم : إنه طلاق لها ، ويقول بعضهم : إنه غير طلاق لها بما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان منه في بريرة
4372 - حدثنا ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا يوسف بن عدي يحيى بن يعلى أبو محياة ، عن ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم ، عن الأسود رضي الله عنها عائشة بريرة ، واشترطت للذين باعوها الولاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الولاء لمن اشترى ، فأعتقتها ، وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان زوجها حرا ، فاختارت نفسها ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما أنها اشترت .
[ ص: 176 ] وفي هذا الباب آثار كثيرة أخرناها إلى مواضع هي أولى بها مما سنأتي به بعد هذا الباب في أسباب بريرة من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى .
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا في بيع الأمة ذات الزوج ، فقال بعضهم : هو طلاق لها ، وقال بعضهم : ليس هو بطلاق لها .
فممن روي عنه منهم أن ذلك ليس بطلاق لها : عمر بن الخطاب .
كما قد حدثنا فهد ، حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، أنبأنا ، عن شريك عبيد الله ، عن يسار بن نمير قال : أن أشتري له جارية ، فاشتريت له جارية لها زوج ، فأمرني أن أشتري له بضعها من زوجها ، فاشتريت له بضعها من زوجها عمر . أمرني
[ ص: 177 ] ومنهم : رضي الله عنه . علي بن أبي طالب
كما حدثنا ، حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد الفارسي ، حدثنا داود بن عمرو الضبي منصور بن أبي الأسود ، عن ، عن يزيد بن أبي زياد إسحاق بن كعب أخي محمد بن كعب القرظي كعبا اشترى رضي الله عنه جارية ، فسألها : ألك زوج ؟ قالت : نعم ، قال : فأرسل بها إلى أبي ، أن ردها ، فردها ، فاشترى بضعها من زوجها ، فردت إليه ، فقبلها لعلي بن أبي طالب . أن أباه
وكما حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا وابن أبي مريم قالا : حدثنا ، عن الفريابي ، عن سفيان ، عن حماد ، [ ص: 178 ] عن إبراهيم علي رضي الله عنهما في قوله عز وجل : وابن مسعود والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال علي رضي الله عنه : المشركات إذا سبين ، وقال رضي الله عنه : المشركات والمسلمات ابن مسعود .
حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، حدثنا ، حدثنا سعيد بن منصور ، أنبأنا هشيم داود وعبيدة ، عن الشعبي مرة بن شراحيل صاحب السالحين بعث إلى رضي الله عنه بجارية ، فسألها : هل لك من زوج ؟ فقالت : نعم ، فردها ، وكتب إلى علي مرة : إني وجدت هديتك مشغولة ، فاشترى مرة بضعها من زوجها بخمس مائة درهم ، وبعث بها إليه ، فقبلها . أن
[ ص: 179 ] ومنهم : رضي الله عنه . عثمان بن عفان
كما حدثنا ، أنبأنا يونس أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ابن شهاب عبد الله بن عامر أهدى رضي الله عنه جارية لها زوج ابتاعها له لعثمان بن عفان بالبصرة ، فقال عثمان : لا أقربها حتى يفارقها زوجها ، فأرضى ابن عامر زوجها ، ففارقها . أن
ومنهم : . عبد الرحمن بن عوف
كما قد حدثنا ، حدثنا يونس شعيب بن الليث ، حدثنا ، حدثني الليث ، عن ابن شهاب أبي سلمة بن عبد الرحمن كان ابتاع وليدة من عبد الرحمن بن عوف عاصم بن عدي ، [ ص: 180 ] فوجدها ذات زوج ، فردها . أن
حدثنا ، حدثنا يونس شعيب بن الليث ، حدثنا ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة عاصم بن عدي كان ابتاع منه جارية لها زوج ولم يعلم بذلك ، فلما علم بذلك ردها إليه عبد الرحمن بن عوف . أن
[ ص: 181 ] ومنهم : ، عبد الله بن عمر .
كما قد حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا ، أنبأنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ابن عمر . أنه قال في عبد له امرأة مملوكة ، فبيعت ، قال : هو أحق بها حيث لقيها
وقال بعضهم : هو طلاق لها ، وممن قال ذلك عبد الله بن عباس .
كما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال : حدثنا قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا هشيم ، عن خالد ، عن عكرمة ابن عباس . أنه كان يقول في بيع الأمة : هو طلاقها
ومنهم : ، [ ص: 182 ] أبي بن كعب .
كما قد حدثنا ، حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا سعيد بن منصور ، عن هشيم ، عن يونس ، عن الحسن أنه قال : أبي بن كعب . بيع الأمة طلاقها
ومنهم : جابر بن عبد الله وأنس بن مالك . ،
كما حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا ، أنبأنا يزيد بن هارون ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة رضي الله عنه أنس بن مالك رضي الله عنهما قالا : وجابر بن عبد الله . بيع الأمة طلاقها
قال : وكان اختلافهم في ذلك إنما هو لما اختلفوا فيه مما تأولوا عليه قول الله عز وجل : أبو جعفر والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، فذهب بعضهم إلى أنهن المسبيات ذوات الأزواج اللاتي خلفوهن في دار الحرب .
[ ص: 183 ] وذهب مخالفوهم في ذلك إلى أنها كل مبيعة ذات زوج ، وكان ما ذهب إليه في ذلك أهل القول الأول من هذين القولين عندنا هو الأولى بتأويل هذه الآية ، لما قد رويناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا من حديث أبي الخليل ، عن أبي علقمة ، عن أبي سعيد في نزول هذه الآية في ذلك ، والذي قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقراره بريرة على نكاحها الذي كانت عليه قبل ابتياع إياها ، وتخييره إياها بعد عتاقها لها ، ما قد دل على أن ابتياعها لم يكن طلاقا من زوجها لها . عائشة
فقال قائل : فقد رويتم عن أنه كان يقول : بيع الأمة طلاقها ، وتروون عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم تخييره ابن عباس بريرة بعد عتاقها بين المقام مع زوجها وبين فراقها إياه ، وهذا تضاد شديد .
فكان جوابنا له في ذلك أن الذي ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخييره بريرة بعد عتاقها بين المقام مع زوجها وبين فراقها إياه ، قد روي عن رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قد ذكر ، وسنأتي به فيما بعد من هذه الأحاديث المرويات في ابن عباس بريرة إن شاء الله تعالى . وقد كان قوم يقولون : إنما كان ذلك من قول بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن بيع الأمة هو طلاقها ، ولم يكن ذلك عنده مخالفا لما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخييره بريرة بعد عتاقها بين المقام مع زوجها وبين فراقه ، إنما كان ذلك لأن ابن عباس بريرة إنما ابتاعتها وهي ممن لا تحل لها الفروج ، فبقي تزويج عائشة بريرة بعد ذلك كما كان قبله ، وكان [ ص: 184 ] ابتياع الرجال الذين تحل لهم الفروج مثلها يوجب حل الفرج لهم ، وفي حلها لهم حل التزويجات اللاتي عليها لمن كانت له عليها .
قال : وهذا قد يحتمل أن يكون هو الذي ذهب إليه أبو جعفر في ذلك ، فاعتبرنا نحن بعد ذلك السبب الذي به تقع الفرقة بين المسبيات ذوات الأزواج الذين في دار الحرب وبين أزواجهن هناك ، فوجدناهن يبن من أزواجهن بوقوع الرق عليهن بالسباء ، وهن في تلك الحال لم يحللن لرجال بأعيانهم لما فيهن من حقوق الله الذي جعله في أخماسهن لمن جعلها له ، ولشركة بين من سباهن في بقيتهن ، ولما كان ذلك كذلك عقلنا أن الذي يوجب الفرقة بين الأزواج المسبيات وبين أزواجهن الحربيين الذين لم يسبوا معهن هو وقوع الرق عليهن لأجل فروجهن لم يحل لهن بملكهن ، ولما كان ذلك كذلك وكانت ابن عباس بريرة عند لم تحرم على زوجها بابتياع ابن عباس إياها ، دل ذلك على صحة مخالفته لهذه الآية ، وعلى أن المرادات فيها من ذوات الأزواج هن المسبيات دون المبيعات ، والله الموفق . عائشة