[ ص: 5 ] 658 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان منه في ابن أمة زمعة الذي ادعاه سعد لأخيه وادعاه عبد بن زمعة لأبيه
4244 - حدثنا أنبأنا يونس بن عبد الأعلى ، أن ابن وهب حدثه عن مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير رضي الله عنها أنها قالت : عائشة عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه أن سعد بن أبي وقاص ابن وليدة زمعة مني ، فاقبضه إليك . قالت : فلما كان عام الفتح أخذه سعد ، فقال : ابن أخي ، قد كان عهد إلي فيه ! فقال عبد بن زمعة : أخي وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسودة : احتجبي منه ! لما رأى منه من شبهه بعتبة قالت : فما رآها حتى لقي الله سبحانه وتعالى . كان
[ ص: 6 ] [ ص: 7 ]
4245 - حدثنا ، حدثنا المزني ، حدثنا الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة عائشة عبد بن زمعة وسعدا اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ابن وليدة زمعة ، فقال سعد : يا رسول الله ، أوصاني [ أخي ] إذا قدمت مكة : أن انظر إلى ابن أمة زمعة ، فاقبضه ، فإنه ابني . فقال عبد بن زمعة : أخي وابن أمة أبي ، ولد على فراش أبي ، فرأى شبها بينا بعتبة ، فقال : هو لك يا عبد بن زمعة ; الولد للفراش ، واحتجبي منه يا سودة أن .
[ ص: 8 ]
4246 - وحدثنا ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا نعيم بن حماد ، أنبأنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة رضي الله عنها قالت : عائشة عتبة بن أبي وقاص لأخيه سعد - وكان عتبة كافرا وكان سعد مسلما - إني أعهد إليك أن تقبض ابن جارية زمعة إذا لقيته ، قالت : فلما كان يوم الفتح لقي عائشة سعد ابن جارية زمعة ، فقال : ابن أخي ! واحتضنه ، وقال عبد بن زمعة : بل هو أخي ; ولد على فراش أبي من جاريته ، واختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، فقال سعد : يا رسول الله ، هذا ابن أخي ، انظر إلى شبهه بأخي عتبة ، وقال عبد بن زمعة : بل هو يا رسول الله أخي ، ولد على فراش أبي من جاريته .
قالت رضي الله عنها : فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر شبها لم ير الناس شبها أبين منه عائشة بعتبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو لك يا عبد بن زمعة ; الولد للفراش ، واحتجبي عنه يا سودة . فلم يرها حتى ماتت رضي الله عنها قال : .
4247 - وحدثنا حدثنا الربيع المرادي ، ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثني الليث بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، ثم ذكر هذا الحديث . عائشة
[ ص: 9 ]
4248 - وحدثنا فهد ، [ حدثنا ] ، أنبأنا أبو اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، حدثني الزهري أن عروة رضي الله عنها قالت : كان عائشة عتبة بن أبي وقاص ... ثم ذكر الحديث أيضا .
4249 - حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي ، حدثنا ، عن الهيثم بن جميل ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عبد الله بن زمعة سودة أنه خاصم رجلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ولد ولد على فراش أبيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش ، واحتجبي منه يا .
[ ص: 10 ]
4250 - حدثنا طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق الهلالي قال : حدثنا أبي عمرو بن الربيع بن طارق ، أخبرني ، عن يحيى بن أيوب ، عن هشام ، عن أبيه أنها قالت : عائشة سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غلام ، فقال سعد : يا رسول الله ، هو ابن أخي عتبة بن أبي وقاص ، عهد إلي فيه أنه ابنه ، انظر إلى شبهه ، وقال عبد بن زمعة : يا رسول الله ، هذا أخي ، ولد على فراش أبي من وليدته . فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم به شبها بينا بعتبة ، فقال : هو لك يا عبد بن زمعة ; الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وأما أنت يا فاحتجبي منه " . قالت سودة ابنة زمعة : فلم ير عائشة سودة قط اختصم .
قال : فاختلف أبو جعفر حماد بن سلمة ويحيى بن أيوب فيمن حدث عروة بهذا الحديث عنه ، فقال حماد : هو عبد الله بن زمعة ، وقال : هي يحيى بن أيوب ، وكان ما قال عائشة من ذلك أولى - والله أعلم - عندنا لموافقته ما قد رواه الجماعة الذين ذكرناهم في هذا الباب عليه ، ولأن يحيى بن أيوب عبد الله بن زمعة لا نعلم له حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى هذا الحديث .
وقال قائل : بل لعبد الله بن زمعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث سوى [ ص: 11 ] هذا الحديث وذكر في ذلك .
4251 - ما قد حدثنا ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثني عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عبد الله بن زمعة أبي زمعة وذكر النساء ، وقال : " علام يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد ، فلعله يجامعها من آخر يومه " . ثم سمعته وعظهم من الضرطة ، فقال : لم يضحك أحدكم مما يفعل ؟ ! أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوما ، وذكر الناقة والذي عقرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انبعث أشقاها ، انبعث لها رجل عزيز منيع في قومه مثل .
[ ص: 12 ]
4252 - وما قد حدثنا ، حدثنا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري المعروف بالدولابي أبي بشر ، حدثنا إبراهيم بن سعد الجوهري . وما قد حدثنا أبو أسامة أيضا ، حدثنا محمد محمد بن هاشم البعلبكي ، حدثنا ، عن شعيب بن إسحاق ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عبد الله بن زمعة ، ثم ذكر مثله .
فكان جوابنا له في ذلك أن عبد الله بن زمعة المذكور في الحديث الأول هو عبد الله بن زمعة بن قيس أخو سودة من بني عامر بن [ ص: 13 ] لؤي ، وعبد الله بن زمعة المذكور في الحديث الثاني هو عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى من رهط الزبير ، وقد بين ذلك محمد بن إسحاق في حديث آخر .
4253 - كما قد حدثنا ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا عبد الملك بن هشام النحوي قال : قال زياد بن عبد الله البكائي : قال ابن إسحاق : حدثنا ابن شهاب عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن ، عن أبيه عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب قال : ، وكان عمر بن الخطاب أبو بكر رضي الله عنه غائبا ، فأمرت عمر أن يصلي بالناس ، فلما كبر - وكان رجلا جهير الصوت - سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته ، فقال : " أين أبو بكر ؟ يأبى الله عز وجل والمسلمون ذلك " . فدعي أبو بكر ، فصلى بالناس ، فقال عمر لابن زمعة : ويحك ، ماذا صنعت ؟ والله لولا أني ظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أمرك أن تأمرني بالصلاة ما صليت بالناس لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة قال : مروا من يصلي بالناس ، فلم أر أحدا فيمن حضر أحق بها من .
[ ص: 14 ] [ ص: 15 ] فقال قائل : فإن الذي حدث به من هذا الحديث إنما هو عن غير ابن إسحاق ، فهل يوجدناه من حديث الزهري مذكورا فيه أن الزهري عبد الله بن زمعة هذا هو ابن الأسود ؟
فكان جوابنا له في ذلك أنا نوجده ذلك من حديث كما قد ذكرنا . الزهري
4254 - كما قد حدثنا ، حدثنا محمد بن أحمد بن حماد ، حدثني أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثني محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عبد الله بن زمعة بن الأسود قال : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ، ثم ذكر مثل الحديث الذي ذكرناه قبل هذا الحديث [ ص: 16 ] قال : فتأملنا الحديث الذي ذكرناه في صدر هذا الباب ، فوجدنا بعض الناس قد جعل دعوى أبو جعفر سعد رضي الله عنه المذكورة فيه كلا دعوى ; لأنه ادعاها لأخيه من أمة لغيره ، لا بتزويج بينه وبينها ، قال : فكانت دعواه لذلك كلا دعوى .
قال : والذي قال من هذا عندنا ليس كما قال ; لأن أبو جعفر سعدا أعلم من أن يدعي دعوى لا معنى لها ، ولكن وجه دعواه ذلك - والله أعلم - أن أولاد البغايا في الجاهلية قد كانوا يلحقونهم في الإسلام بمن ادعاهم ، ويردونهم إليهم .
كما حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي ، حدثنا ، عن إسماعيل ابن علية قال : أنبأنا ابن عون غاضرة العنبري قال : رضي الله عنه في نسوة أو إماء ساعين في الجاهلية ، فأمر بأولادهن أن يقوموا على آبائهم وأن لا يسترقوا عمر بن الخطاب . أتينا
[ ص: 17 ] وكما حدثنا ، حدثنا يونس أن ابن وهب حدثه عن مالكا ، عن يحيى بن سعيد سليمان بن يسار
أن رضي الله عنه كان يليط أولاد أهل الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام عمر بن الخطاب .
[ ص: 18 ]
وكما حدثنا ، أخبرني يونس ، عن أنس بن عياض ، عن يحيى ، ثم ذكره . سليمان
قال : وإذا كانت تلك الدعوى في زمن أبو جعفر عمر رضي الله عنه مع بعدها من الجاهلية لها هذا الحكم ، كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قربها من الجاهلية أولى بهذا الحكم . ولما كان ذلك كذلك ، كان سعد قد ادعى لأخيه ما قد كان يحكم به في مثل ذلك ; لأنه وإن لم يكن أخوه حضر تلك الدعوى فقد ادعى بوصية من أخيه إياه بها ، وأخوه فقد كان توفي قبل ذلك ، فكأن دعواه لأخيه ادعاه له كدعوى أخيه إياه لنفسه لو كان حيا ، غير أن عبد بن زمعة لما قابله في ذلك بما ادعاه لأبيه قابله بدعوى توجب عتاقا للمدعي ; لأن المدعى له كان يملك بعضه حين ادعى فيه ما ادعى ، فعتق منه ما كان مدعيه يملكه لو لم تكن دعواه ، فكان ذلك هو الذي أبطل دعوى سعد ، لا لأنها كانت في أصلها باطلة ، ثم عاد ذلك المدعي إلى ابن وليدة لزمعة كان موروثا عنه ادعى فيه أحد من ورثه - وهو عبد بن زمعة - أنه ولد أبيه ، وكان له شريك فيه وهو أخته سودة ، فلم يكن منها في ذلك فيما نقل إلينا في هذه الآثار تصديق له على ذلك ، فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أقر به في نفسه ، وخاطبه بالخطاب الذي قد خاطبه به من قوله له : " الولد للفراش " ولم يجعل ذلك حجة على أخته ; إذ لم يعلم كان منها في ذلك تصديقا له في دعواه ، وأمرها بالحجاب منه ; إذ لم يجعله أخاها .
[ ص: 19 ] فإن قال قائل : فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " هو لك يا عبد بن زمعة " ؟ كان جوابنا له في ذلك أن ذلك على معنى : هو لك بيدك عليه تمنع بذلك من سواك منه ، كما قال صلى الله عليه وسلم في اللقطة لملتقطها : " هي لك أو لأخيك أو للذئب " ليس على معنى أنك تملكها بيدك عليها ، ولكن مما لك بيدك عليها من منع غيرك منها ، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعبد : هو لك بيدك عليه التي تمنع بها غيرك منه ، وكيف يجوز أن يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد جعل ذلك المدعى ابنا لزمعة ، ثم يأمر ابنة زمعة بالحجاب من أخيها وهو ينكر على حجبها عمها من الرضاعة عنها ؟ هذا عندنا من المحال الذي لا يجوز كونه ، وكيف يجوز أن يحمل معنى هذا الحديث على غير ما حملناه عليه ، ولا اختلاف بين المسلمين في مثله إذا ادعاه أحد ممن ورث المدعى إذا لم يكن له نسب من المدعى له وأنكره بقية الورثة أنه لا يثبت بتلك الدعوى نسب من المدعى له ، وأنه يدخل مع المدعي في ميراثه عند أكثر أهل العلم وإن كان ما يدخل به مختلفا في مقداره ، ولا يدخل في قول آخرين في شيء مما في يده ، منهم عائشة ، وحكي أنه قول جماعة من المدنيين ، وفيما ذكرنا من هذا دليل على ما وصفنا . الشافعي
[ ص: 20 ] ثم قد وجدنا قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بزيادة معنى زاده على عبد الله بن الزبير فيه . عائشة
4255 - كما قد حدثنا محمد بن عبد الله بن مخلد الأصبهاني ، حدثنا ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن الحسين بن علي الجعفي ، عن زائدة بن قدامة ، عن منصور ، عن مجاهد يوسف بن الزبير أو عن مولى لابن الزبير - شك منصور - عن قال : ابن الزبير زمعة يطأ جارية ، وكانت تزن برجل ، فتوفي زمعة ، وولدت شبيها بالذي كانوا يزنونها به ، فقالت سودة : يا رسول الله ، ولدت شبيها بالذي كانوا يزنونها به ، فقال : الميراث له ، واحتجبي منه يا سودة ; فإنه ليس لك بأخ كان .
4256 - وكما حدثنا محمد بن أحمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، حدثنا عبد الرزاق ، عن سفيان ، [ ص: 21 ] عن منصور ، عن مجاهد - ولم يذكر بين ابن الزبير مجاهد وبينه أحدا - زمعة كانت له جارية ، فكان يطؤها ، وكانوا يتهمونها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسودة : أما الميراث فله ، وأما أنت فاحتجبي منه يا سودة ; فإنه ليس لك بأخ أن .
4257 - وكما حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة محمد بن قدامة ، حدثنا ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن مجاهد يوسف بن الزبير ، عن قال : عبد الله بن الزبير لزمعة جارية يطؤها ، وكان يظن برجل يقع عليها ، فمات زمعة وهي حبلى ، فولدت غلاما كان يشبه الرجل الذي كانت تظن به ، فذكرته سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أما الميراث فله ، وأما أنت فاحتجبي منه يا سودة ; فإنه ليس لك بأخ كانت .
[ ص: 22 ] [ ص: 23 ] فتأملنا إسناد هذا الحديث ، فوجدنا قد رواه عن الثوري منصور ، عن مجاهد ، عن ابن الزبير . ووجدنا زائدة قد رواه عن منصور ، عن مجاهد ، عن يوسف بن الزبير أو عن مولى لابن الزبير ، عن ابن الزبير ، وكان زائدة وجرير قد اتفقا على إدخالهما في حديثهما بين مجاهد وبين ابن الزبير مولاه هذا ، وإن كان زائدة ذكر أن منصورا شك فيه . ففي هذا الحديث نفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك المدعي أن يكون أخا لسودة .
فقال قائل : فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم فيه أن الميراث له ؟
فكان جوابنا له في ذلك أن ذلك قد يحتمل أن يكون أراد به [ ص: 24 ] الميراث الذي وجب له في حصة عبد بإقراره به لا فيما سواه من تركة زمعة . والله نسأله التوفيق .