[ ص: 170 ] 817 - باب بيان مشكل تأويل قول الله - عز وجل - : فما لكم في المنافقين فئتين الآية ، بما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك
5172 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الرعيني ، قال : حدثنا قال : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي
حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، قال : زيد بن ثابت فما لكم في المنافقين فئتين الآية ذكر المنافقون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال فريق : نقتلهم ، وفريق : لا نقتلهم ، فأنزل الله - عز وجل - : . [ ص: 171 ] فكان هذا الحديث عندنا مما لم يضبطه شبابة ، عن ; لأن الذي فيه : أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا في المنافقين فئتين ، فئة تقول : نقتلهم ، وفئة تقول : لا نقتلهم ، وإن الله أنزل هذه الآية في ذلك ، وقد كان المنافقون في مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبة بالمدينة غير متعرضين من قبل رسول الله بقتل ولا بما سواه .
وكان - صلى الله عليه وسلم - يحملهم على علانيتهم ، وعلى ما كانوا يظهرون له من أمورهم ، وإن كان قد وقف من باطنهم على خلاف ذلك مما أعلمه الله - عز وجل - منهم ، وما دله عليه بقوله فيما أنزل عليه : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ، ولم يغره - عز وجل - بهم ، ولا كان منه - صلى الله عليه وسلم - فيهم بعد علمه بما كان الله - عز وجل - أعلمه عنهم مما كانوا عليه من الكفر الذي كانوا يسرونه بقوله : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ثم أتبع ذلك بقوله : هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون .
وبما أنزل الله - عز وجل - عليه - صلى الله عليه وسلم - فيهم من قوله - عز وجل - : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله الآية .
[ ص: 172 ] ومن إخباره بمصيرهم الذي يصيرون إليه في الآخرة ، بقول الله - عز وجل - : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار الآية .
وفيما ذكرنا دليل على بعد هذا الحديث عن المعنى الذي حدث به فيهم . زيد بن ثابت
ثم نظرنا في رواية غير شبابة إياه عن : كيف هي . ؟ شعبة
5173 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد : زيد بن ثابت فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أن قوما خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد ، فرجعوا ، فاختلفوا فيهم ، فقالت فرقة : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم ، فنزلت : .
5174 - ووجدنا أحمد بن داود بن موسى قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا مسدد بن مسرهد أمية بن خالد ، قال : حدثنا ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، قال : زيد بن ثابت والله أركسهم بما كسبوا لما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدا ، رجع أناس من أصحابه ، فكان الناس فرقتين ، منهم من يقول : نقتلهم ، ومنهم من [ ص: 173 ] يقول : لا نفعل ، فأنزل الله - عز وجل - فيهم : .
فكان في هذا الحديث ما قد دلنا على المعنى الذي من أجله كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم فئتين : فئة تقول : نقتلهم ، وفئة : لا نقتلهم ، وأن ذلك كان لتركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد خروجهم معه إلى قتال أعدائه بأحد ، ورجوعهم إلى ما سواها ، فحل بذلك قتلهم ، وصاروا به حربا لله ولرسوله وللمؤمنين .
ثم طلبنا أن نعلم الموضع الذي كانوا رجعوا إليه ، أي المواضع هو . ؟
5175 - فوجدنا أحمد بن داود قد حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، قال : زيد بن ثابت فما لكم في المنافقين فئتين .
قال : وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنها لتنفي الرجل كما تنفي النار الفضة زيد بن ثابت رجع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ناس يوم أحد ، فقال بعض الناس : نقتلهم ، وقال بعضهم : لا نقتلهم ، فأنزل الله : .
[ ص: 174 ] وكان قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : " إنها تنفي الرجل كما تنفي النار الفضة " : يعني المدينة ، فعقلنا بذلك أن رجوعهم كان إلى غيرها لا إليها ، ووجدنا القرآن قد دل على ذلك بقول الله - عز وجل - بعقب هذه الآية : فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله والمهاجر فإنما كان إلى المدينة ، لا من المدينة إلى ما سواها .
ثم نظرنا هل روي شيء يدل على الموضع الذي كانوا رجعوا إليه ؟ فلم نجد في ذلك غير :
5176 - ما قد حدثناه ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن ورقاء ، ولم يتجاوزه به - وقد كان ابن أبي نجيح أبو شريح محمد بن زكريا حدثنا ، قال : قال لنا : كل ما حدثتكم به عن الفريابي ورقاء ، فهو عن ، عن ابن أبي نجيح - : مجاهد فما لكم في المنافقين فئتين ، قوم خرجوا من مكة حتى جاؤوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة ليأخذوا بضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون ، فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون ، فبين الله - عز وجل - نفاقهم ، وأمر بقتالهم .
[ ص: 175 ] فهذا الذي وقفنا عليه من تأويل هذه الآية ، والله نسأله التوفيق .