[ ص: 274 ] 519 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفر الخثعميين الذين كان بعث إليهم خالدا ومن قتله إياهم بعد اعتصامهم بالسجود
3233 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، عن حفص بن غياث ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم : خالد بن الوليد خثعم ، فاعتصموا بالسجود ، فقتلهم ، فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم بنصف الدية ، ثم قال : أنا بريء من كل مسلم مع مشرك ، لا تراءى ناراهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى أناس من .
فسأل سائل عن المعنى الذي به ارتفع عن خالد بن الوليد ما كان منه في هؤلاء القوم بعد أن وقف على سجودهم ، ووجوب الإسلام لهم بذلك .
[ ص: 275 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن السجود غير موقوف به على حقيقة من يكون منه ممن لم يعلم إسلامه قبل ذلك ؛ لأنه قد يكون لله عز وجل ، فيكون إسلاما لفاعله ، وقد يكون على التعظيم للرئيس ، فلا يكون إسلاما لفاعله ، بل يكون مقتا له وللمفعول له إن رضيه من فاعله ، فلما كان السجود كما ذكرنا ، ومحتملا ما وصفنا ، دخل ذلك من خالد فيما لم يقم عليه فيه حجة في قتله من قد يكون له قتله ، غير أنه قد كان الاستثبات في ذلك حتى يعلم إرادة أولئك القوم بسجودهم ما هو ، هل هو الإسلام أو غيره ؟
ومن أجل ذلك وداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وداهم به ، تطوعا منه بذلك ، وتفضلا منه به ، وجزاء منه لغيرهم إليه .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : إني بريء من كل مسلم مع مشرك لا تراءى ناراهما ، فإن أهل العربية جميعا يقولون في هذا الحرف : لا تراءى [ ص: 276 ] ناراهما ، ويقولون في ذلك قولين :
أحدهما : أنه لا يحل لمسلم أن يسكن بلاد المشركين ، فيكون معهم بقدر ما يرى كل واحد منهما نار صاحبه ، وكان الكسائي يقول : العرب تقول : داري تنظر إلى دار فلان ، ودورنا تناظر .
والآخر منهما : أنه أراد بقوله : لا تراءى ناراهما ، يريد نار الحرب ، ومن ذلك قول الله : كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، فناراهما مختلفتان ، هذه تدعو إلى الله ، وهذه تدعو إلى الشيطان ، فكيف يصلح أن يكون أهل كل واحدة منهما ساكنا مع أهل الأخرى في بلد واحد ، والله عز وجل نسأله التوفيق .