[ ص: 710 ] 315
ثم دخلت سنة خمس عشرة وثلاثمائة
ذكر المقتدر ومؤنس ابتداء الوحشة بين
في هذه السنة هاجت الروم ، وقصدوا الثغور ، ودخلوا سميساط ، وغنموا جميع ما فيها من مال وسلاح وغير ذلك ، وضربوا في الجامع بالناقوس أوقات الصلوات .
ثم إن المسلمين خرجوا في أثر الروم ، وقاتلوهم ، وغنموا منهم غنيمة عظيمة ، فأمر المقتدر بالله بتجهيز العساكر مع ، وخلع مؤنس المظفر المقتدر عليه ، في ربيع الآخر ، ليسير ، فلما لم يبق إلا الوداع امتنع مؤنس من دخول دار الخليفة للوداع ، واستوحش من المقتدر بالله ( وظهر ذلك .
وكان سببه أن خادما من خدام المقتدر حكى لمؤنس أن المقتدر بالله ) أمر خواص خدمه أن يحفروا جبا في دار الشجرة ، ويغطوه ببراية وتراب ، وذكر أنه يجلس فيه لوداع مؤنس ، فإذا حضر وقاربها ألقاه الخدم فيها ، وخنقوه ، وأظهروه ميتا ، فامتنع مؤنس من دخول دار الخليفة ، وركب إليه جميع الأجناد ، وفيهم عبد الله بن حمدان وإخوته ، وخلت دار الخليفة ، وقالوا لمؤنس : نحن نقاتل بين يديك إلى أن تنبت لك لحية ، فوجه إليه المقتدر رقعة بخطه يحلف له على بطلان ما بلغه ، فصرف مؤنس الجيش ، وكتب الجواب أنه العبد المملوك ، وأن الذي أبلغه ذلك قد كان وضعه [ ص: 711 ] من يريد إيحاشه من مولاه ، وأنه ما استدعى الجند ، وإنما هم حضروا ، وقد فرقهم .
ثم إن مؤنسا قصد دار المقتدر في جمع من القواد ، ودخل إليه ، وقبل يده ، وحلف المقتدر على صفاء نيته له ، وودعه وسار إلى الثغر في العشر الآخر من ربيع الآخر ، وخرج لوداعه أبو العباس بن المقتدر ، وهو ، والوزير الراضي بالله علي بن عيسى .