[ ص: 184 ] 248
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين
ذكر الروم غزاة وصيف
في هذه السنة أغزى المنتصر وصيفا التركي إلى بلاد الروم ; وكان سبب ذلك أنه كان بينه وبين شحناء وتباغض ، فحرض أحمد بن الخصيب أحمد بن الخصيب المنتصر على وصيف ، وأشار عليه بإخراجه من عسكره للغزاة ، فأمر المنتصر بإحضار وصيف ، فلما حضر قال له : قد أتانا عن طاغية الروم أنه أقبل يريد الثغر ، وهذا أمر لا يمكن الإمساك عنه ، ولست آمنه أن يهلك كل ما مر به من بلاد الإسلام ، ويقتل ويسبي ، فإما شخصت أنت ، وإما شخصت أنا .
فقال : بل أشخص أنا ، يا أمير المؤمنين ، فقال لأحمد بن الخصيب : انظر ( إلى ) ما يحتاج إليه وصيف ، فأتمه له ، فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين ! قال : ما نعم ؟ قم الساعة ! وقال لوصيف : مر كاتبك أن يوافقه إلى ما يحتاج ويلزمه حتى يفرغ منه . فقاما .
ولم يزل في جهازه ، حتى خرج ، وانتخب له الرجال ، فكان معه اثنا عشر ألف رجل ، وكان على مقدمته أحمد بن الخصيب مزاحم بن خاقان ، أخو الفتح ، وكتب المنتصر إلى محمد بن عبد الله بن طاهر ببغداذ يعلمه ذلك ، ويأمره أن ينتدب الناس إلى الغزاة ، ويرغبهم فيها ، وأمر وصيفا أن يوافي ثغر ملطية ، وجعل على نفقات العسكر ، والمغانم ، والمقاسم أبا الوليد الحريري البجلي .
ولما سار وصيف كتب إليه المنتصر يأمره بالمقام بالثغر أربع سنين يغزو في أوقات الغزو منها ، إلى أن يأتيه رأيه .