[ ص: 689 ] 312
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة
ذكر حادثة غريبة
في هذه السنة ظهر في دار كان يسكنها المقتدر بالله إنسان أعجمي ، وعليه ثياب فاخرة ، وتحتها مما يلي بدنه قميص صوف ، ومعه مقدحة ، وكبريت ، ومحبرة ، وأقلام ، وسكين وكاغد ، وفي كيس سويق ، وسكر ، وحبل طويل من قنب ، يقال إنه دخل مع الصناع ، فبقي هناك ، فعطش ، فخرج يطلب الماء فأخذ ، فأحضروه عند ابن الفرات ، فسأله عن حاله ، فقال : لا أخبر إلا صاحب الدار ، ( فرفق به ) ، فلم يخبره بشيء ، وقال : لا أخبر إلا صاحب الدار ، فضربوه ليقرروه ، فقال : بسم الله بدأتم بالشر ؟ ولزم هذه اللفظة ، ثم جعل يقول بالفارسية : ندانم معناه لا أدري ، فأمر به فأحرق .
وأنكر ابن الفرات على نصر الحاجب هذه الحال حيث هو الحاجب ، وعظم الأمر بين يدي المقتدر ، ونسبه إلى أنه أخفاه ليقتل المقتدر ، فقال نصر : لم أقتل أمير المؤمنين وقد رفعني من الثرى إلى الثريا ؟ إنما يسعى في قتله من صادره ، وأخذ أمواله ، وأطال حبسه هذه السنين ، وأخذ ضياعه ، وصار لابن الفرات بسبب هذا حديث في معنى نصر .