[ ص: 303 ] 479
ثم دخلت سنة تسع وسبعين وأربعمائة .
ذكر سليمان بن قتلمش . قتل
لما قتل سليمان بن قتلمش شرف الدولة مسلم بن قريش على ما ذكرناه ، أرسل إلى ابن الحتيتي العباسي ، مقدم أهل حلب ، يطلب منه تسليمها إليه ، فأنفذ إليه ، واستمهله إلى أن يكاتب ، وأرسل السلطان ملكشاه ابن الحتيتي إلى تتش ، صاحب دمشق ، يعده أن يسلم إليه حلب ، فسار تتش طالبا لحلب ، فعلم سليمان بذلك ، فسار نحوه مجدا ، فوصل إلى تتش وقت السحر على غير تعبئة ، فلم يعلم به حتى قرب منه ، فعبأ أصحابه .
وكان الأمير أرتق بن أكسب مع تتش ، وكان منصورا لم يشهد حربا إلا وكان الظفر له ، وقد ذكرنا فيما تقدم حضوره مع ابن جهير على آمد ، وإطلاقه شرف الدولة من آمد ، فلما فعل ذلك خاف أن ينهي ابن جهير ذلك إلى السلطان ، ففارق خدمته ، ولحق بتاج الدولة تتش ، فأقطعه البيت المقدس ، وحضر معه هذه الحرب ، فأبلى فيها بلاء حسنا ، وحرض العرب على القتال ، فانهزم أصحاب سليمان ، وثبت وهو في القلب ، فلما رأى انهزام عساكره أخرج سكينا معه فقتل نفسه ، وقيل بل قتل في المعركة ، واستولى تتش على عسكره .
وكان ، في السنة الماضية ( في صفر ) ، قد أنفذ جثة سليمان بن قتلمش شرف [ ص: 304 ] الدولة إلى حلب على بغل ملفوفة في إزار ، وطلب من أهلها أن يسلموها إليه .
وفي هذه السنة ، في صفر ، أرسل تتش جثة سليمان في إزار ليسلموها إليه ، فأجابه ابن الحتيتي أنه يكاتب السلطان ، ومهما أمره فعل ، فحصر تتش البلد ، وأقام عليه ، وضيق على أهله .
وكان ابن الحتيتي قد سلم كل برج من أبراجها إلى رجل من أعيان البلد ليحفظه ، وسلم برجا فيها إلى إنسان يعرف بابن الرعوي . ثم إن ابن الحتيتي أوحشه بكلام أغلظ له فيه ، وكان هذا الرجل شديد القوة ، ورأى ما الناس فيه من الشدة ، فدعاه إلى ذلك إلى أن أرسل إلى تتش يستدعيه ، وواعده ليلة يرفع الرجال إلى السور في الحبال ، فأتى تتش للميعاد الذي ذكره ، فأصعد الرجال في الحبال والسلاليم ، وملك تتش المدينة ، واستجار ابن الحتيتي بالأمير أرتق فشفع فيه ، وأما القلعة فكان بها سالم بن مالك بن بدران ، وهو ابن عم شرف الدولة مسلم بن قريش ، فأقام تتش يحصر القلعة سبعة عشر يوما ، فبلغه الخبر بوصول مقدمة أخيه ، فرحل عنها . السلطان ملكشاه